ما التفسير العلمي وراء فقدان «بروس ويليس» قدرته على النطق؟

ما التفسير العلمي وراء فقدان "بروس ويليس" قدرته على النطق؟
حقوق الصورة: شترستوك
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تم الإعلان منذ عدة أيام عن اعتزال الممثل “بروس ويليس” مهنته التمثيلية نظراً للصعوبات الصحية التي يواجهها، إذ تم تشخيص إصابته مؤخراً بـ “الحبسة التعبيرية”، والتي هي اضطراب عصبي يؤثر على اللغة والكلام. وضحت عائلة ويليس على مواقع التواصل الاجتماعي أن الممثل كان يعاني من مشاكل عصبية أدت في نهاية المطاف إلى حدوث الحبسة. 

إن فقدان المقدرة على الكلام قد يكون خلقيّاً وعندئذ يُطلق عليه “الخَرس”، وقد يكون مُكتسباً. تتوضع الباحة اللغوية في الدماغ عادةً في القسم الأيسر منه وهي مسؤولة عن فهم الكلام المسموع وعن تشكيل جملة صحيحة النطق. يتسبب تلف هذه الباحة بطيف واسع من اضطرابات اللغة والتعبير.

 قد يحدث التلف لأسباب متعددة؛ فهو قد ينجم عن سكتة دماغية أو إصابة رضية على الرأس أو ورم في الدماغ أو بؤرة إنتانية أو الخرف حتى، لتظهر الأعراض مباشرةً بعد الإصابة، وهو أمر يميز الإصابات العصبية الناجمة عن الرض الرأسي أو السكتة الدماغية، أو بشكل تدريجي كما في الحالات الناجمة عن الأورام الدماغية أو الإنتانات.

على الرغم من عدم وجود تقارير رسمية حول تشخيص حالة ويليس وسبب المشكلة العصبية، إلّا أنه من المرجح أن يكون قد أُصيب بسكتة دماغية أدت لمضاعفات من ضمنها الحبسة، وذلك نظراً لظهور الأعراض بشكل مفاجئ.

اقرأ أيضاً: نوبة وسكتة دماغية: إليك طرق خفض الكوليسترول والدهون الثلاثية

ما هي الحبسة؟

يشتمل مصطلح الحبسة على عنوانين عريضين، فهي إمّا أن تكون حبسة تعبيرية أو حبسة استقبالية، وهما تختلفان بشكل جوهري حسب المنطقة المتأذية والأعراض الخاصة بكل منها.

الحبسة التعبيرية

وهي النوع الأكثر شيوعاً من الحبسة، يطلق عليها اسم “حبسة بروكا”، نسبة لباحة بروكا وهي باحة دماغية موجودة في الفص الجبهي ومسؤولة عن اللغة، تتوضع هذه الباحة عادةً في الجانب الأيسر للدماغ.

أمّا بالنسبة لأعراضها فهي تشتمل على: 

  • العجز عن تشكيل جملة مناسبة، على الرغم من أن المريض يفهم الحديث الذي يُقال له بشكل كامل، لكن يصعب عليه إيجاد كلمات مناسبة للرد، وإن وجدت ينطقها ببطء وتلعثم كبيرين. 
  • إزالة بعض الكلمات من الحديث العادي والميل لاستخدام جمل قصيرة في الحديث.
  • شلل الجانب الأيمن من الجسم، وذلك نظراً لأن حبسة بروكا تنجم عن تلف الجزء الأمامي الأيسر من الدماغ، ولذلك من الممكن أن تؤثر على الحركات، ما يؤدي إلى حدوث ضعف أو شلل في الجانب الأيمن من الجسم.
  • فقدان نبرة الكلام وإيقاعه الطبيعيين.
  • صعوبة في تكرار العبارات.
  • العجز عن الكتابة والقراءة، ففي بعض الحالات لا يستطيع المرضى المصابون بالحبسة القراءة ويطلق على هذه الحالة اسم “اللاقرائية”.

الحبسة الاستقبالية

يعاني الأشخاص المصابون بالحبسة الاستقبالية أو حبسة “فيرنيكه” من اضطراب في فهم واستيعاب الكلام. تتوضع باحة فيرنيكه في الجزء الخلفي من التلفيف الصدغي لنصف الكرة المخية المُسيطر، وهي مسؤولة عن استيعاب الكلام المنطوق والمكتوب. ومن الأعراض التي تظهر على  الشخص المصاب بحبسة فيرنيكه:

  • عدم فهم واستيعاب الحديث الموجه له.
  • التحدث بجمل طويلة.
  • إضافة كلمات غير مفهومة وغير ضرورية إلى الحديث، وذلك عكس ما يظهر على  مرضى حبسة بروكا الذين يحذفون كلمات من حديثهم، ومع ذلك يعتقد مرضى حبسة فيرنيكه أن كلامهم مفهوم ولا خطأ فيه.
  • “الحبسة الشاملة” وهي تحدث في الحالات الشديدة عندما يتضرر جزء كبير من الجانب المُتحكم باللغة في الدماغ، فيفقد المريض القدرة على الفهم وعلى النطق بشكل كامل.

اقرأ أيضاً: علماء الأعصاب يرسمون خرائطاً للـ 100 مليار خلية دماغية في الدماغ البشري

علاج الحبسة

يستعيد الشخص مهاراته اللغوية دون علاج في حال كانت الإصابة الدماغية طفيفة، لكن يخضع معظم الأشخاص لإعادة تأهيل لغوي من أجل تحسين ما فقدوه من مهارات التواصل. قد تستغرق إعادة التأهيل فترة طويلة، إذ يتم استعادة المهارات بوتيرة بطيئة نسبياً. وعلى الرغم من إيجابية النتائج التي يحصل عليها المرضى، إلّا أن عدداً قليلاً منهم استعاد مهارات التواصل كاملةً كما كانت قبل الإصابة.

يدرس الباحثون حالياً استخدام الأدوية كأحد علاجات الحبسة بشكل متزامن مع إعادة التأهيل اللغوي. تعمل الأدوية المُستخدمة على تحسين تدفق الدم إلى الدماغ، الأمر الذي يعزز قدرة الدماغ على التعافي، كما تساعد على استبدال الناقلات العصبية المُستنفدة في الدماغ. ومن هذه الأدوية نذكر: ميمانتين وبيراسيتام، فقد أبدت هذه الأدوية نتائج واعدة في دراسات محدودة النطاق، الأمر الذي يتطلب إجراء مزيد من الأبحاث قبل الشروع بتطبيق هذه العلاجات.

اقرأ أيضاً: اكتشاف خلايا دماغية جديدة قد تساعد في علاج الأمراض العصبية

وسائل علاجية الأخرى

هناك وسيلة علاجية حديثة غير جراحية تهدف إلى تحفيز خلايا الدماغ التالفة، وذلك من خلال “التحفيز المغناطيسي” عبر الجمجمة أو التحفيز الكهربائي عبر تيارات منخفضة التوتر تُرسل عبر مساري توضع على الرأس، إذ تنص إحدى الفرضيات على أن تحفيز الدماغ قد يُحسن من القدرة على تسمية الأشياء، إلّا أنه لا توجد أبحاث كافية حول هذا الموضوع، والمُعلن عنه ليس سوى فرضيات غير مُثبتة.