كيف يمكن لخلايا جسمك أن تطيل عمرها؟

موت الخلايا
حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن للخلايا أن تموت بعدة طرق، لكن تعتبر إحدى هذه الطرق مروعة بشكل خاص. يحدث “تموّت الخلايا الحُميّ” عندما تموت الخلايا عن طريق الانفجار، عادةً استجابةً للعدوى. تضحي الخلايا التي تموت بهذه الطريقة بنفسها لتزوّد الخلايا الأخرى بآخر إمداداتها من المواد الكيميائية التي تشير إلى الخطر، والتي تسمى “السيتوكينات”. يكون موت الخلية بهذه الطريقة سريعاً وفوضويّاً، لكنه من أجل الصالح العام.

يقول “غاري مو”، مهندس حيوي في جامعة إلينوي، شيكاغو: “يحدث هذا بشكل مفاجئ تماماً”، ويضيف: “تنفجر الخلايا حرفياً”.

كيف توقف الخلايا عملية موتها الانفجاري؟

اعتقد العلماء سابقاً أن موت الخلايا الحميّ هو طريق ذو اتجاه واحد، بمجرد بدئه، لا يمكن إيقافه. لكن وجد مو وفريقه في دراسة حديثة نُشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز“، أن الخلايا لديها آلية داخلية لإيقاف هذه العملية، ما يسمح لها بإطالة عمرها. يمكن لمكتشفات الدراسة الجديدة أن تساعد الباحثين في إيجاد طريقة للتحكم بتموّت الخلايا الحُمي، سواء كان ذلك لقتل الخلايا السرطانية، أو لإيقاف تموت الخلايا المناعية ومنع ارتفاع نسب السيتوكين عندما يحارب الجسم عدوى شديدة بشكل خاص.

عندما تتلقى خلية أمراً خارجياً لبدء عملية التموت الحمي، فإن البروتينات الموجودة داخل الخلية، والتي تسمى “الغاسدرمينات”، تغرز نفسها في غشاء الخلية وتفتح ثقوباً، والتي يشبّهها مو بصنع ثقوب في الجزء السفلي من بدن السفينة لتسريع غرقها. تفقد أغشية الخلية متانتها، ومثل سفينة غارقة، لا تعد قادرة على منع مختلف أنواع المواد من التسلل من البيئة الخارجية. تنفجر الخلية في النهاية عندما تمتلئ بالمياه بشكل زائد، تماماً كما يحدث مع بالون مضغوط للغاية.

يقول مو: “يمكنك أن تتوقع أن هذه عملية خطيرة”. لذا، فقد طوّرت الخلايا طريقة للتلاعب بمصيرها كوسيلة للحد من العواقب. يضيف مو: “ربما تكون فكرة جيدة أن تحتوي الخلايا على زر إيقاف مؤقت لهذه العملية”، شارحاً أن الأمر يبدو كما لو أن الخلية تسأل: “هل تريد حقاً القيام بذلك؟”

موت الخلايا
يمكن أن تموت الخلايا بطريقة انفجارية تذكّرنا بانفجار المستعر الأعظم. حقوق الصورة: غاري مو وآخرون.

يعتبر التموّت الحمي عملية معقدة تنطوي على العديد من المراحل. قام فريق مو بتبسيط الآلية من خلال تركيب غاسدرمينات مستجيبة للضوء من أجل إعادة تمثيل عملية التموّت. قام الفريق عن طريق تحليل الخلايا المعرّضة بنيوياً للتموّت الحميّ بقياس تدفق أيونات الكالسيوم، وهو خيار بديهي للباحثين، إذ أن تركيز الكالسيوم يكون أعلى عادةً خارج الخلية، وفوجئ الباحثون عندما لاحظوا توقفاً مفاجئاً في تدفق الأيونات الواردة، ما يشير إلى أن المسام قد أُغلقت.

وفقاً لمو، على عكس ما هو معروف، فالمسام ليست ساكنة. وضع مو فرضية مفادها أن الخلية قد تتحسس الارتفاع المفاجئ في نسب أيونات الكالسيوم كإشارة إلى إلغاء عملية التموت الحمي. استجابةً لذلك، تغير الخلية تركيب جدرانها المسربة عن طريق تغيير كيفية تراكم الجزيئات الدهنية على طول أغشيتها. يقول مو: “وفجأة، تصبح بنية الخلية أكثر متانة”، ويضيف: “وتغلق [المسام] نفسها”.

عوامل أخرى تساهم في موت الخلايا

كما تقول “إيزابيلا روتش”، عالمة المناعة في جامعة أوريغون للصحة والعلوم، والتي لم تشارك في الدراسة الجديدة، إن قدرة الخلايا على إغلاق المسام التي تسببت البروتينات بتشكّلها هو أمر مفاجئ. تسلط سلسلة التأثيرات المرصودة التي تبدأ مباشرة بعد فتح الثقوب الضوء على تفاصيل عملية التموت الحمي، وتبيّن أن الغاسدرمينات ليست هي العامل الوحيد الذي يؤثر في تموّت الخلايا. تفيد رواتش أن الدراسة كشفت أن “هناك عوامل أخرى إلى جانب تنشيط البروتينات التي تشكل الثقوب تساهم في مصير الخلايا”.

إنها عملية موازنة محكمة، وهذا منطقي، إذ أن الخلية تحفّز عملية التموّت الحمي وتصارع بسبب الدافع التنافسي للبقاء على قيد الحياة بنفس الوقت. يشير مو إلى أن الخلية سترضخ في النهاية لحتمية زوالها عندما تصبح سرعة فتح المسام أكبر من سرعة إغلاقها. قد تطيل الخلايا عمرها، ولك ليس إلى الأبد.