كيف استفاد شعب الأزتيك من الشمس لتطوير تقويم زراعي دقيق؟

كيف استخدم مزارعو شعب الأزتيك الشمس لتطوير نظام زراعي خاص بهم؟
الشمس المشرقة كما تُرى من الجسر الحجري في المرصد الشمسي على قمة جبل تلالوك في المكسيك. بين مايسنر
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إذا كنت من عشاق الوجبات مثل الأفوكادو مع الخبز المحمص أو الغواكامولي، فأنت تدين بالشكر للمكسيك لأن النباتات التي تستخدم في هذه الوجبات زرعت لأول مرة في هذا البلد على الأرجح. في عام 2019، استوردت الولايات المتحدة ما قيمته 28 مليون دولار من المنتجات الزراعية من المكسيك، والتي كان أغلبها من الخضروات والفواكه.

اتضح أن الهيمنة الزراعية المكسيكية تعود لقرون من الزمن، قبل وقت طويل من بدء الاستعمار الإسباني في عام 1519. قبل وصول الإسبان، نجح النظام الزراعي في حوض المكسيك، وهو عبارة عن هضبة مرتفعة في وسط المكسيك تبلغ مساحتها نحو 9883 كيلومتراً مربعاً، بتوفير الطعام لعدد كبير من السكان. في الوقت نفسه، أوت مدينة مكسيكو سيتي (والتي حملت أيضاً اسم تينوستيتلان) ما يصل إلى 3 ملايين شخص. بينما بلغ عدد السكان في إشبيلية 50 ألف مواطن، وهي كانت تعتبر أكبر مركز حضري في إسبانيا.

تُفصّل دراسة نُشرت بتاريخ 12 ديسمبر/ كانون الأول في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences) كيف تمكّن شعب الأزتيك (أو شعب مكسيكا) من تطوير تقويم زراعي دقيق للغاية.

اقرأ أيضاً: هل الطماطم فاكهة أم خضروات؟ لهذه الإجابة وغيرها إليك كيفية تصنيف النباتات

تقويم الأزتيك الزراعي

يعتبر استخدام تقويم زراعي دقيق ضرورياً للغاية لإنماء الأطعمة التي غذّت عدداً كبيراً من البشر في منطقة تسودها رياح موسمية ربيعية وصيفية جافّة. احتاج المزارعون لأن يعرفوا توقيت حدوث التغيرات الموسمية في الطقس بشكل دقيق نظراً لأن زرع المحاصيل في وقت مبكّر أو متأخر جداً قد تكون له عواقب كارثية. بالإضافة إلى ذلك، احتاج هؤلاء لاتباع تقويم يأخذ بعين الاعتبار السنوات الكبيسة.

وثّق المؤرخون الاستعماريون أن شعب الأزتيك استخدم التقويمات السنوية، لكن تُبين الدراسة الجديدة أن هذا الشعب استخدم جبال حوض المكسيك كمرصد شمسي، وقام بتتبّع شروق الشمس على قمم جبال سييرا نيفادا.

قال أستاذ البيئة في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد والمؤلف الرئيسي للدراسة، إيكسيكيل إيسكورا (Exequiel Ezcurra)، في بيان صحفي: “استنتجنا أن المزارعين وقفوا في موقع ثابت ونظروا تجاه الشرق بشكل يومي لتحديد الوقت من السنة من خلال مراقبة شروق الشمس”.

لإيجاد هذا الموقع، حلل فريق المؤلفين مخطوطات شعب الأزتيك، وخصوصاً تلك التي ذُكر فيها جبل تلالوك. بنى شعب الأزتيك معبداً على قمة هذا الجبل الذي يقع شرق حوض المكسيك. وباستخدام نماذج الحاسوب الفلكية، أكد الفريق أن المعبد احتوى على هيكل طويل يشبه الجسر يأخذ نفس الاستقامة مع الشمس في أثناء شروقها بتاريخ 24 فبراير/ شباط من كل عام. اعتماداً على التقويم المستخدم للمقارنة (الغريغوري أو اليولياني)، يكون يوم 23 أو 24 فبراير/شباط هو اليوم الأول من عام الأزتيك الجديد.

اقرأ أيضاً: ما هي مراحل دورة الكربون في الطبيعة؟

قال إيسكورا: “تنص فرضيتنا على أن مزارعي شعب الأزتيك استخدموا وادي المكسيك بأكمله، وكانت الأداة الأساسية التي استخدموها هي حوض المكسيك نفسه. عندما تشرق الشمس في نقطة بارزة خلف سلسلة جبال سييرا، علم المزارعون أن الوقت حان للبدء في زراعة المحاصيل”.

لا تتبّع الشمس المسار نفسه في السماء يومياً عند النظر إليها من نقطة ثابتة على سطح الأرض. وخلال فصل الشتاء، تتحرك الشمس في مسار جنوب خط الاستواء السماوي، وتشرق في نقطة أقرب للجنوب الشرقي. مع اقتراب أيام الصيف الأطول، تتحرك نقطة شروق الشمس تجاه الشمال الشرقي بسبب انحراف محور دوران الأرض حول نفسها. تحمل هذه العملية اسم الانحراف الشمسي.

يأخذ الجسر الحجري في المرصد الشمسي الذي بني على قمة جبل تلالوك في المكسيك استقامة واحدة مع الشمس في أثناء شروقها في يومي 23 و24 فبراير/ شباط، وهما يوما بداية العام الجديد وفقاً لتقويم شعب الأزتيك. المصدر: بين مايسنر.

تتبع حركة الشمس

قد تكون هذه الدراسة الجديدة هي الأولى التي تبين الطريقة التي تمكّن وفقها شعب الأزتيك من تتبع أوقات السنة باستخدام حركة الشمس والجبال كمعالم إرشادية. تبيّن لنا دراسة الآليات التي طبقها شعب الأزتيك أهمية استخدام تقنيات متنوعة لفهم العالم الطبيعي.

اقرأ أيضاً: سر التمثال الذي يتبع الشمس لأكثر من ألف عام

قال إيسكورا: “تمتّع شعب الأزتيك بمهارة تضاهي مهارة الأوروبيين أو تتجاوزها في إنشاء التقويمات من خلال تطبيق طرائق خاصة”.

من المحتمل أن تكون للمرصد الشمسي استخدامات أخرى في الوقت الحالي أيضاً. تبيّن الصور التاريخية أن الغابات تتوسّع ببطء تجاه قمة جبل تلالوك، ربما نتيجة لارتفاع متوسط درجات الحرارة في المناطق ذات الارتفاعات الأقل.

قال إيسكورا: “في أربعينيات القرن الماضي، كان خط الأشجار أخفض بكثير من قمة الجبل. والآن، هناك أشجار تنمو على قمة الجبل”، وأضاف: “يمكن أن تساعد دراسة هذه القمة التي احتوت على مرصد استخدمه البشر القدماء علماء القرن الحادي والعشرين في فهم آثار التغير المناخي”.