ماذا تفعل إذا تعرضت لانهيار ثلجي؟

انهيار ثلجي في جبل سوبيريور في منطقة أخدود ليتل كوتونوود بولاية يوتا الأمريكية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في شهر مايو 2017، كان للانهيار الثلجي في حديقة بانف الوطنية بكندا عواقب غير متوقعة. فقد كان من المفترض أن يتم تطويق الثلوج غير المستقرة على المنحدرات لمنع كارثة أكبر، ولكنه أدى إلى غمر جزء من الطريق السريع تحت 15 متراً من الثلج.

لقد حدث هذا الانهيار بخلاف التوقعات، ولكن أحداً لم يصب بمكروه. ومع ذلك فإن كثيراً من الانهيارات تحدث بشكل مفاجئ. ويزداد احتمال حدوثها خلال أو بعد العاصفة الشتوية مباشرة، حيث يكون الوقت مبكراً على تماسك الثلج حديث الهطول مع طبقات الثلج السفلى. ولكن الانهيارات المفاجئة تحدث أيضاً مع ارتفاع درجة حرارة الثلج وبدء ذوبانه خلال فصل الربيع. تكون الانهيارات الثلجية شائعة في الولايات الجبلية، مثل كولورادو، يوتا، إيداهو، مونتانا، ألاسكا، والولايات على الخط الساحلي للمحيط الهادي. ولكنها قد تحدث أيضاً مع أي منحدر شديد مغطى بالثلوج. وتقتل الانهيارات الثلجية ما متوسطه 39 شخصاً كل عام في أمريكا الشمالية، بمن فيهم خبراء الانهيارات أنفسهم. فإذا حدث ووجدت نفسك في مسار أحد الانهيارات الثلجية -بتخطيط منك أو بدون تخطيط- فكيف ستستطيع حماية نفسك؟

ليس هناك طريقة مضمونة للنجاة عند حدوث الانهيار. يقول كارل بيركيلاند مدير المركز الوطني للانهيارات الثلجية التابع لخدمة الغابات الأمريكية: “هناك نوع من العشوائية في تقدير من يموت ومن يملك فرصة للنجاة خلال حدوث الانهيار. لقد رأينا حالات أدت إلى وفاة أشخاص تعرضوا لانهيارات ثلجية صغيرة، كما أدت الانهيارات إلى وفاة أشخاص مدربين تدريباً كافياً للتعامل معها، بينما وجدنا حالات نجا فيها أشخاص تعرضوا لانهيارات ضخمة”. ولكن إذا تعرضتَ لانهيار ثلجي، فإليك بعض النصائح التي تعزز فرص نجاتك.

أولا: حاول أن تهرب، فإذا كنت محظوظاً، قد يكون لديك ثانية أو اثنتان للتصرف، خاصة إذا كنت تتزلج أو تقود زلاجة آلية. يقول بيركيلاند: “ستحاول أن تخرج من الثلوج المتحركة. عندما تنهار طبقات الثلج، فإنها تؤدي إلى انهيار كل ما يحيط بك”. إذا استطعت النهوض على قدميك، فإن الخطوة التالية ستكون أن تمشي ببطء. حاول أن تمسك بشجرة أو أي شي آخر تتعلق به. وقد تكون قادراً على حفر الأرض إذا كان لديك فأس ولم يكن الانهيار عميقاً. ومع ذلك فهناك احتمال كبير أن تغمرك الثلوج. يقول كريستوفر فان تيلبورغ الطبيب المتخصص في حالات الحياة البرية، ورئيس اللجنة الطبية في جمعية الإنقاذ الجبلي في سان دييغو: “معظم الأشخاص يتعرضون للانهيار ثم يبدؤون بالسقوط، لذلك عليك أن تصارع لتبقى على السطح”.

ويقول بيركيلاند: “أفضل ما تفعله هو أن تقوم بحركات سباحة للحافظ على نفسك طافياً على الثلج. ويقول بعض الناجين إن التدحرج ساعدهم في التحرك إلى حافة الانهيار. وفي الوقت ذاته، تخلص قدر ما تستطيع من أي معدات، فألواح التزلج أو الزلاجات الآلية قد تضربك أو تتدحرج فوقك. وإذا كانت الزلاجات في قدميك، فإنها قد تسحبك عميقاً إلى أنقاض الانهيار. والمأمول في هذه الحالة أن تنفصل عنك. وعندما تتزلج في منطقة انهيار ثلجي، فلن يكون عندك رغبة في ربط الحزام على أقطاب (عصيّ) التزلج، فأنت تريد أن تكون قادراً على التخلص منها بدلاً من الاحتفاظ بها في يديك في دوامة الثلج”.

في نهاية المطاف، ستبدأ حركة الثلوج حولك بالتباطؤ، وعندها سيكون أمامك مهمتان: الأولى، أن تضرب بيديك باتجاه السطح في أي مكان يخطر في بالك. سيسهل هذا الأمر على المنقذين أن يجدوا مكانك. أما المهمة الثانية، فهي أن تقوم بتخلية الفراغ حول فمك لعمل جيب هوائي. يمكنك إبعاد الثلج باستخدام يدك الأخرى، أو باستخدام مرفقك. سيحمي مرفقك فمك من ضغط الثلج عليه ويعطيك فرصة للتنفس. عليك أن تقوم بهاتين المهمتين بسرعة، لأن الانهيار يمكن أن ينتهي أسرع مما تتوقع.

أنقاض خلّفها انهيار ثلجي ضخم.
حقوق الصورة: Courtesy of the Gallatin National Forest Avalanche Center

ستكون محظوظاً جداً إذا لم يغمر الثلج كل جسمك، أو إذا بقيت ذراعك خارج الثلج. وإذا كان مرفقك حراً، فيمكنك استخدامه في إبعاد جزء من الثلج للوصول إلى فمك وأنفك. ولكن ربما لن تكون قادراً على الحركة على الإطلاق. يقول فان تيلبورغ: “قد تكون مقيداً، ومغموراً بالثلج الذي يغلف جسمك بإحكام وكأنه إسمنت”. وقد كان هناك حالات لأشخاص أحضروا معهم زلاجات وألواح تزلج فقط ليقوموا بالحفر داخل أنقاض الانهيار ليخرجوا من قبضة الثلوج التي لا ترحم. ستتمنى الآن أن يسارع رفاقك إلى إنقاذك باستخدام ما تيسر لهم من أدوات حتى يجدوك بسرعة. يقول بيركيلاند: “إذا تم غمرك بالثلج بشكل كامل، فأفضل ما تفعله هو الاسترخاء، ففي هذه المرحلة، يكون مصيرك في يد رفاقك”.

ولكن ماذا تفعل إذا رأيت رفاقك يتعرضون لانهيار ثلجي أمامك؟ عليك أولاً أن تراقب رفاقك جيداً من لحظة بدء الانهيار، إلى أن تغمرهم الثلوج. ثم راقب المكان الذي اختفوا فيه حتى يتوقف الانهيار. سيعطيك هذا الأمر فكرة عن المكان الذي انتهى إليه رفاقك ضمن أنقاض الانهيار. ثم سيكون عليك بعد ذلك أن تبحث عنهم، وسيتضمن ذلك استخدام مرشد الانهيار والمجس المعدني، وهي أجهزة كشف يحملها المتزلجون، ويلجؤون إليها للبحث عن الأشخاص والمعدات المغمورة تحت الثلج. ثم بعد ذلك يمكنك البدء بالحفر.

وحالما تتوقف أصوات الانهيار، سيكون بإمكانك أن تتخذ طريقك باتجاه المنحدر لتبحث عن رفاقك. وقد يعتمد ذلك على أشياء مثل نوع التضاريس والطقس. يقول بيركيلاند: “بشكل عام، سيسحب الانهيار معه بعد انتهائه كل الثلوج غير المستقرة، ولكنك  أيضاً لا تريد أن تسوء الأمور أكثر من خلال الذهاب إلى الأسفل وإثارة انهيار ثلجي آخر تكون أنت الضحية فيه هذه المرة”.
ولهذا فمن المهم التدرب على إجراءات السلامة الخاصة بالانهيارات الثلجية قبل أن تتجول في البراري الريفية.

تحدث معظم حالات الوفاة أثناء الانهيار الثلجي بسبب الاختناق. فإذا لم تتعرض للإصابة وتم غمرك بالثلوج بشكل كامل، فلديك فرصة للنجاة بنسبة 50%. ولكن كلما طال انتظارك لمن ينقذك، وكلما كنت مغموراً في مكان أعمق، ستضعف فرص نجاتك، فتحتَ عدة أمتار ستجعلك الثلوج التي تغطيك بإحكام غير قادر على توسيع صدرك لتتنفس.

هناك بعض الوسائل التي تزيد من فرص نجاحك. فهناك الوسادة الهوائية الخاصة بالانهيارات الثلجية، وهي تنتفخ كبالون كبير على الظهر. هذه الوسادة الهوائية ستزيد من فرص بقائك قريباً من سطح الانهيار حتى يتوقف أخيراً. يقول بيركيلاند: ” يمكنك تشبيه الأمر بكيس من رقائق البطاطس، فعندما تفتح الكيس تكون شرائح البطاطس الكبيرة في الأعلى، بينما تترسب القطع الصغيرة المكسورة إلى الأسفل. والانهيار الثلجي يعمل تقريباً بالطريقة نفسها”. وهناك أداة مساعدة أخرى تشبه قصبة تنفس الغطاسين تدعى “رئة الانهيار” وهي أداة تساعدك على التنفس تحت الثلج، فهي تسحب الأوكسجين من مكان، وتقوم بتصريف ثاني أوكسيد الكربون الخارج منك في مكان آخر.

ومع ذلك، فإن هذه المعدات لا تضمن لك النجاة بالضرورة، خاصة إذا كنت وحدك. فقد تصطدم بشجرة أو صخرة كبيرة وتموت قبل أن يتوقف الانهيار. يقول: فان تيلبورغ: “حتى لو تعرضت لانهيار ثلجي غير خطير، وأصبت بالتواء الكاحل أو التواء الركبة، فسيكون للأمر عواقب خطيرة حقاً. ستقضي الليلة في البرية حتى يأتي أحدهم لينقذك”. وسيزيد هذا الأمر من مخاطر هبوط حرارة الجسم والجفاف والجوع.

وبخلاف جمع الأخطار الطبيعية، تحصل الانهيارات الثلجية بتأثير عمل بشري. يقول بيركيلاند: “نحن نريد أن نفعل كل ما بوسعنا لتقليل احتمال الموت بسبب الانهيار الثلجي، ولكن في النهاية، فإن سبيل النجاة الحقيقية من الانهيار هي تجنب التعرض له”. وهذا يعني تعلّم ما ينبغي فعله خلال حدوث الانهيار، ونوع التضاريس والظروف التي تسببه، وكيفية استخدام المعدات بشكل صحيح أثناء التعرض له، وكذلك التنبؤ بإمكانية حدوثه.

وما يزال هناك الكثير مما لا يعرفه الباحثون عما يتعرض له الأشخاص أثناء الانهيارات الثلجية. يقول فان تيلبورغ: “ترتكز كثير من هذه القواعد الإرشادية على ما نعتقد أنه يصلح للعمل”. فلا يمكنك أن ترمي الناس داخل انهيار ثلجي لترى ما الذي سيحدث. ولذلك يصعب على الباحثين دراسة هذا النوع من الكوارث الطبيعية. ونحن نعلم أن الانهيارات الثلجية يمكن أن تكون قوية بشكل لا يصدق، فهي تتحرك بسرعة 322 كيلو متر في الساعة لتسحق الأشجار التي عمرها 300 سنة كما لو كانت أغصاناً بحجم عيدان الثقاب. ولكن المنقذين يرون أنه حتى الانهيارات الصغيرة يمكن أن تكون مميتة. يقول فان تيلبورغ: “يقع الناس كل مرة في شرَك الانهيار الثلجي، فهم يقولون دائماً: لا يمكن أن يحدث انهيار، فسماكة طبقة الثلج أقل من نصف متر”. ولكن إذا انهار الثلج تحت الأقدام فقد يقذف بالضحية إلى صخرة أو شجرة.

ومع ذلك فهناك بعض الأخبار الجيدة، فبالرغم من التدفق المتزايد للناس نحو البراري الريفية، فإن معدل الوفيات بسبب الانهيارات الثلجية في الولايات المتحدة قد انخفض على مدى العقود القليلة الماضية. وهذا مؤشر واضح على أن الناس يستفيدون من دورات التعامل مع الانهيارات، ويستفيدون كذلك من المعدات المخصصة لذلك، وأنهم يستكشفون البراري المغطاة بالثلوج بطريقة آمنة. ومع أننا لا نستطيع إيقاف الانهيار عند حدوثه، فإن هذا لا يعني أننا عاجزون. وفي النهاية، “فإن معظم حوادث الانهيارات الثلجية يمكن الوقاية منها” بحسب تعبير فان تيلبورغ.