مقدمة في الأصول البدائية للإنسان على الأرض

من أين أتينا؟ ما زال علماء الآثار وعلماء الأنثروبولوجيا يحاولون الإجابة عن هذا السؤال.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كيف وصلنا إلى هنا؟ لا نقصد طبعاً أية أزمة سياسية أو بيئية أو وجودية قد تكون خطرت على بالك. بل: كيف وصل الجنس البشري إلى وضعه الحالي؟ هناك الكثير من الاكتشافات حول المراحل المهمة في التطور البشري، ما قد يسبب بعض الارتباك، ولهذا نقدم لك هنا تقريراً أساسياً (ولكنه ليس موجزاً) حول الأبحاث والاكتشافات الحالية، حتى لا تعوزك المعلومات إذا ما أثير نقاش حول أصل البشرية في جلسة مرحة.

مدفن من العصر الحجري في المغرب
مصدر الصورة: عبد الجليل بوزجار

كيف انتشرنا في أنحاء العالم؟

ظهرت أقدم الأحفوريات للبشر ونشاطاتهم في أفريقيا، حيث كانت محفوظة منذ آلاف وحتى ملايين السنوات، وعلى الرغم من أن أفريقيا تستحق لقبها الشائع كمهد للجنس البشري، فيبدو أن أجدادنا لم يبقوا في غرفة الحضانة لوقت طويل.

يعتقد الباحثون أن الإنسان الحديث وغيره من أشباه البشر غادروا أفريقيا عبر الشرق الأوسط، مستفيدين من اليابسة التي تصل ما بين أفريقيا وأوراسيا. غير أن مقدار التواصل ما بين تلك المناطق المختلفة ما زال موضع جدل.

في دراسة جديدة نشرت في مجلة Science، قام عالم الآثار يوهان كراوس وزملاؤه بتفحص عظام يبلغ عمرها 15,000 عام من المغرب لمحاولة معرفة مصدرها. وقد ربط الباحثون هذه العظام بمجموعة يُعتقد أنها ذات أصول أوروبية، وقد تكون عادت إلى أفريقيا من أوروبا عبر مضيق جبل طارق خلال العصر الجليدي الأخير، غير أن هذه القصة بدأت تفقد مصداقيتها مع ظهور أدلة جديدة.

يقول كراوس: “أثبت علماء الآثار مؤخراً أن الأدوات والتقنيات التي اكتشفت في الموقع لا تبدو أوروبية، بل أقرب إلى تقنيات الشرق الأدنى، وهو ما أثار بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام. كيف يمكن لتقنيات الشرق الأدنى أن تصل إلى أفريقيا الغربية؟” ولهذا، قام كراوس وفريقه بأخذ عينات من الحمض النووي لمعرفة أصول البشر المدفونين في هذه المواقع.

يتابع كراوس: “تفاجأنا باكتشاف أن ثلثي أصول هؤلاء البشر تعود إلى الشرق الأدنى فعلاً، مثل الصيادين جامعي الثمار في بلاد الشام الذي أطلق عليهم أسم النطوفيين، والذين كانوا يعيشون في الشرق الأدنى قبل أن تظهر الزراعة في هذه المنطقة. أما الثلث الباقي، فقد فاجأنا أيضاً كونه يعود إلى الأفارقة، ولكننا لا نعرف فعلياً من أين أتى. إنه مرتبط بشرق أفريقيا وغرب أفريقيا وجنوب أفريقيا، ويمكن أن نستنتج أن هذا الأصل الأفريقي قديم للغاية، وذلك لأنه هجين يمتد على مساحة واسعة من أفريقيا، ومن المرجح أنه يعود إلى مجموعة مندثرة من البشر في منطقة ما تحت الصحراء الكبرى”.

يعتبر كراوس أن هذه البيانات تثبت أن الكثير من المجموعات البشرية كانت تتمازج وتتحرك، كما هو شأن البشر دائماً، قبل أن يحاول الرومان والإغريق والفينيقيون الإبحار عبر المتوسط بفترة طويلة. ويشرح قائلاً: “نحن لسنا مستقرين وثابتين، ولا يمكن لأي شخص أن يدعي أن أجداده سكنوا المكان الفلاني لمدة 20,000 سنة. هذا مستحيل، لأن البشر ينتقلون من مكان إلى آخر بدون توقف”.

يضيف كراوس: “تعتبر هذه المعلومات هامة بالنسبة للكثيرين حالياً، خصوصاً مع بدء ظهور شكل جديد من النزعات القومية في الكثير من أنحاء العالم. ما تقوله هذه المعلومات هو أن البشر كانوا كثيري التنقل، على الأقل في الماضي. وإذا قمنا الآن ببناء جدران ووضع حدود لإبقاء البشر في مكان معين، فسيكون هذا الاستثناء، لا القاعدة”.

توجد أدلة أخرى تعود إلى ماضٍ أبعد.

في الشهر الماضي، نشر بحث في مجلة Science، حيث قامت مجموعة من الباحثين بإعلان اكتشاف مجموعة من العظام والأدوات في موقع في فلسطين يسمى كهف ميسليا في جبل الكرمل. ووجد الباحثون أن هذه الأشياء والبقايا تعود إلى حوالي 180,000 سنة، أي أن البشر غادروا أفريقيا منذ 85,000 سنة بدلاً من 35,000.

يقول عالم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) والمؤلف المشارك في الدراسة رولف كوام في بيان صحفي: “يعتبر موقع ميسليا اكتشافاً مثيراً. حيث يقدم أوضح دليل حتى الآن على أن أجدادنا هاجروا لأول مرة من أفريقيا في وقت أبكر بكثير مما كنا نعتقد. ويعني أيضاً احتمال أن البشر الحديثين كانوا يلتقون ويتفاعلون مع مجموعات بشرية مندثرة أخرى لفترات زمنية أطول، ما يتيح المزيد من الفرص للتبادل البيولوجي والثقافي”.

أدوات بشرية الصنع في حوض أولورجيسايلي في كينيا. بدأ البشر هناك منذ حوالي 320,000 سنة باستخدام الأصباغ وتصنيع أدوات أكثر تعقيداً، باستخدام موارد غير متوافرة في البيئة القريبة.
مصدر الصورة: برنامج الأصل البشري، متحف سميثسونيان

لنتحدث عن الأدوات

وبمناسبة الحديث عن التبادل الثقافي والبيولوجي، فقد نشرت أيضاً مجموعة جديدة من الأبحاث في مجلة Science مؤخراً، وركز الباحثون فيها على التحول التكنولوجي في كينيا. تعتبر الصخور والأدوات من أكثر اللقى تحملاً لظروف الطبيعة في السجلات الأثرية، وتظهر هذه اللقى نقلة كبيرة من الفؤوس اليدوية التي كانت سائدة على مدى آلاف السنوات في بداية التاريخ البشري. بدلاً من هذا، فقد كانوا يستخدمون أدوات حجرية أصغر وأدق تشكيلاً، مصنوعة من السبج (الزجاج البركاني) الموجود على بعد عدة كيلومترات من الموقع، كما كانوا يزينون أغراضهم بالأصبغة.

يقول ريتشارد بوتس، رئيس برنامج الأصل البشري في متحف سميثسونيان، ومؤلف مشارك في البحث: “هنا تظهر التشابهات مع التكنولوجيا العصرية، حيث تكون الأشياء كبيرة وثقيلة في البداية، ومن ثم تصبح أصغر حجماً وقابلة للحمل. ومنذ ذلك الحين، استمر تاريخ التكنولوجيا على هذا المنوال”.

ولكن لماذا تخلوا عن الفؤوس اليدوية الكبيرة والقوية؟

يقول بوتس: “منذ حوالي 5,00,000 سنة في وادي الصدع الكبير في جنوب كينيا، عمت الفوضى مع وقوع مجموعة من الكوارث. حيث تشققت الأرض، وأخذت الزلازل تغير من التضاريس صعوداً وهبوطاً. يظهر السجل المناخي وجود تذبذب أكبر بين الجفاف والرطوبة، وهو ما يؤدي إلى صعوبة تقدير توافر الطعام والماء بالنسبة للبشر الذين كانوا يسكنون هناك في ذلك الوقت. وضمن هذه الظروف بالضبط، تبدأ جميع الكائنات الحية –خصوصاً البشر الصيادين وجامعي الثمار، حتى في ذلك العصر- بمحاولة التمدد جغرافياً للعثور على الغذاء والموارد، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى الالتقاء بمجموعات أخرى من أشباه البشر، والعثور على موارد جديدة لم تكن متوافرة ضمن الحدود السابقة”.

يعتقد بوتس أن التغيرات البيئية شجعت بدء تشكل التجارة والعلاقات الاجتماعية بين هؤلاء الأشخاص منذ حوالي 320,000 سنة، ولكننا ما زلنا حتى الآن لا ندري من كانوا بالضبط.

يقول بوتس ضاحكاً: “نتمنى لو كنا نعرف. هل كانوا بدائيي المنظر مثل السلالة التي نعرفها باسم Homo heidelbergensis (إنسان هايدلبيرغ)، والتي نملك دلائل على وجودها في شرق أفريقيا منذ 600,000 سنة، أم كانوا أقرب إلى الإنسان الحديث؟ لا نملك الجواب عن هذا السؤال.”

الحمض النووي القديم

يمكن أن نحصل على تصور أفضل عن أقاربنا البدائيين بتفحص الحمض النووي. قام العلماء باختبار وتصنيف آلاف العينات من البقايا بأساليب كانت مستحيلة التحقيق منذ خمس سنوات، خصوصاً بالنسبة للبقايا من أفريقيا.

يقول كراوس: “تتميز أفريقيا بالحرارة المرتفعة، وتوجد علاقة ما بين الحرارة ودرجة الحفظ. ويمكن أن نشبه الموضوع بمسألة الحفاظ على قطعة من اللحم، والتي يجب أن توضع في البراد، لا على الطاولة حيث ستبدأ بالإنتان بعد يومين تقريباً، وفي الواقع، فإن كل البقايا التي حللناها كانت فيما مضى أقرب لقطعة اللحم”.

غير أن التطورات في الاختبارات الوراثية، ومعلوماتنا الأكثر وضوحاً حول أجزاء الجسم التي تحتفظ بالحمض النووي أكثر من غيرها (وهي عظام الأذن الداخلية وفقاً لكراوس)، تعني أننا نحصل على معلومات غير مسبوقة حول أصولنا. يقول كراوس: “لقد توقعنا أن البشر غادروا أفريقيا منذ 45,000 سنة وأصبحوا أوروبيين، وآسيويين، وأستراليين، وأميركيين أصليين، وغير ذلك. ولكن هل حدثت هجرة عكسية إلى أفريقيا بعد هذا؟ هل كان هناك تدفق للمورثات ما بين أفريقيا وأجزاء أخرى من العالم؟ هذا هو السؤال الذي كنا نحاول الإجابة عنه عن طريق الأنثروبولوجيا وعلم الآثار، غير أننا الآن نمتلك أداة جديدة رائعة، تسمى علم الوراثة، والحمض النووي القديم. يمكننا الآن أن نقيس هذا بشكل مباشر، ولم نعد مضطرين إلى تفحص الخزف المحطم أو العظام القديمة. يمكننا دراسة الحمض النووي القديم مباشرة، وقياس مدى التطابق الجيني أو الامتزاج ما بين المجموعات البشرية المختلفة، وهو أمر مثير للغاية”.

كيف كان أسلافنا يتفاعلون مع غيرهم من السلالات البشرية الأولى؟

قد نحتاج إلى آلة تعود بنا في الزمن حتى نحصل على تصور كامل حول العلاقات ما بين السلالات البشرية في العصور القديمة، غير أن الدلائل الوراثية تقول أن علاقتنا مع الآخرين كانت قوية للغاية.

يعتبر كل البشر العصريين من سلالة الإنسان العاقل Homo sapiens، أي أننا آخر ما تبقى من سلالات أشباه البشر، حيث بقينا لفترة أطول من جميع السلالات الرئيسية والفرعية الأخرى، بما في ذلك سلالة H. neanderthalensis، إنسان النياندرتال أو الإنسان البدائي، الأكثر شهرة بين أقاربنا القدامى. وعلى الرغم من أن النياندرثاليين اندثروا حالياً، إلا أن الكثير من البشر الحاليين يحملون الكثير من مورثات النياندرتال. وهذا يعني بطبيعة الحال وجود تزاوج ما بين السلالات.

هناك أيضاً سلالة الدينيسوفان، والتي تعرفنا عليها عن طريق التحليل الوراثي لإصبع صغير متحجر، ولكن من الأرجح أنهم تزاوجوا معنا أيضاً. وتقترح دراسة نشرت مؤخراً في مجلة Cell أن هذا حدث على الأقل مرتين.

لقد تغير الكثير خلال آخر بضعة مئات من الآلاف من السنوات، ولكن ليس لأننا أصبحنا وحيدين على الأرض. فمنذ زمن، كنا نعيش مع الكثير من السلالات البشرية الأخرى، ونتزاوج معها، ولفترة طويلة للغاية.

متى ظهر البشر لأول مرة؟

يعتبر هذا السؤال من أهم الأسئلة في الأنثروبولوجيا. وفي كثير من الأحيان، تتحدد الإجابة بالحد الفاصل الذي نعتبر عنده أن التطور وصل إلى المرحلة البشرية. هل أصبحنا بشراً عندما بدأنا نمشي على ساقين؟

تعتبر سلالة Sahelanthropus tchadensis (إنسان الساحل التشادي) من أولى السلالات في شجرة العائلة البشرية، وقد وجدت تقريباً منذ حوالي 6.5 مليون سنة، ومن المرجح أن أفرادها كانوا يتنقلون على ساقين. ولكن ماذا لو اعتبرنا أننا أصبحنا بشراً عندما بدأنا بصنع الأدوات؟

لننتقل بالزمن إلى الأمام لبضعة ملايين من السنوات، مع وصول سلالة Homo habilis (الإنسان الماهر). كانت هذه السلالة من أولى أفراد النوع البشري، ويمكن أن نرى الدلائل الأحفورية على وجودها منذ حوالي 2.4 مليون سنة في أفريقيا. وكان من المعتقد أنها من أولى السلالات التي صنعت واستخدمت الأدوات الحجرية، ولهذا أطلق عليها هذا الاسم، والذي يعني الإنسان الماهر. ولكن ظهرت في وقت لاحق دلائل على أن الأدوات الحجرية كانت تستخدم حتى قبل ذلك الوقت، كما أن بعض الباحثين يدرسون ما إذا كان يتوجب اعتبار هذه السلالة من سلالات البشر على أي حال.

لقد بدأنا بالاقتراب من سلالتنا. حيث عُثر على أحفوريات واضحة للإنسان العاقل في بداياته، وتبين أنها تعود إلى ما بين 150,000 و 200,000 سنة، وهي في معظمها من شرق أفريقيا، ولكن كان من الممكن أن تظهر قبل هذا بكثير. وفي السنة الماضية، أعلن الباحثون عن العثور على أدوات وأحفوريات في جبل إيغود في المغرب، وهي تعود إلى حوالي 315,000 سنة تقريباً. تشترك هذه الأحفوريات في بعض الصفات مع الإنسان العاقل، ما أثار جدلاً حول ما إذا كان يجب أن نعتبرها من سلالتنا أو من السلالات التي سبقتها بقليل.

ولكن علينا ألا ننسى أنه على الرغم من وجود سلالات مختلفة بشكل واضح في السجل الأحفوري، فإن وتيرة التطور أكثر فوضوية وتعقيداً مما يظهر في الأشكال التوضيحية في الكتب التعليمية.

تقول شارا بايلي، والتي عملت في موقع جبل إيغود: “لن تظهر علامات التطور على شكل مجموعة متكاملة، ولا يمكن أن نتوقع أن يظهر بشر يشبهوننا بشكل مفاجئ. قد تظهر الأسنان مشابهة لأسنان الإنسان العصري، وفي نفس الوقت يكون القسم الخلفي من الجمجمة مختلفاً”. يتفق بوتس، والذي يركز بحثه على مكان آخر من نفس القارة، ولكن في نفس الفترة الزمنية تقريباً، مع هذا الرأي: “نحن نتعامل فعلياً مع عملية انتقال تدريجي. وعلى الرغم من أننا نحب تصنيف الأشياء في فئات محددة، كأن نقول إن هذا الكائن ينتمي إلى سلالة الإنسان العاقل أو لا، ولكننا فعلياً نتعامل مع عملية تحول تطوري للشكل الخارجي لهؤلاء البشر”.

ما زالت الصورة الكاملة لتاريخ تحولاتنا قيد العمل. وقد يؤدي الاكتشاف في المغرب أيضاً إلى توسيع النطاق المفترض لأسلافنا، أو على الأقل أقربائنا، إلى ما بعد شرق أفريقيا وعبر القارة.

إضافة إلى هذا، هناك أدواتنا، وإبداعنا، وهيكلياتنا الاجتماعية، وجميع الأشياء الأخرى التي تجعل منا بشراً في الوقت الحالي. وهنا تظهر أهمية دراسات بوتس مرة أخرى.

يقول بوتس: “أعتقد أننا نتعامل مع مجموعة كاملة من السلوكيات. حيث أن الإبداع لا يقتصر على التكنولوجيا وحسب، بل يمثل أيضاً التغيرات في الحياة الاجتماعية بسبب التبادل في الموارد، ودليلاً على سلوك رمزي أكثر تعقيداً، أي القدرة على التواصل مع مجموعات بشرية بعيدة ليس من الممكن أن يتم اللقاء معها بشكل يومي. هذه هي السلوكيات التي تميز جيناتنا وسلالتنا، أي الإنسان العاقل، عن أسلافنا”.

إذاً، ماذا بعد؟ يوجد الكثير من التاريخ البشري المدفون في جميع أنحاء العالم بانتظار التنقيب عنه، والكثير من الأدوات التي يمكن للعلماء استخدامها. ولا يوجد ما يدعونا للاعتقاد بأن وتيرة الاكتشافات ستتباطأ قريباً.

تقول بايلي: “هذا هو جوهر العلم. نحن نشق طريقنا باستمرار نحو الحقيقة، مهما كانت، وبالتالي لا يمكننا في أية لحظة سوى أن نتوصل إلى استنتاجات مبنية على الأدلة المتوافرة لدينا. ومع العثور على المزيد من الأدلة، يجب أن نتمتع بالمرونة الكافية لإعادة النظر في فرضياتنا”.

يُعتقد بأن الستروماتوليت، وهي طبقات متراكمة من البكتيريا الزرقاء، مشابهة لبعض أشكال الحياة الأولى على الأرض.
مصدر الصورة: هاركليد/ فليكر

متى ظهرت الحياة على الأرض؟

يُعتبر هذا السؤال مصدراً لجدل محتدم في علم الأحياء. وما زال الباحثون يحاولون التوصل إلى مكان وكيفية ظهور الحياة على الأرض، ناهيكم عن الفترة الزمنية التي ظهر فيها أول مخلوق حي. وعند دراسة التوقيت، فإن نطاق الأدلة التي يدرسها علماء الأحياء يكاد يكون عصياً على الاستيعاب. فهم لا يبحثون عن أحفوريات بقيت موجودة منذ مليارات السنوات وحسب، بل عن أحفوريات متعضيات بحجم البكتيريا. ونظراً لضعف وصغر حجم الميكروبات، ووتيرة التغير لهذا الكوكب الديناميكي، فإنه من المذهل وجود أية آثار مادية للمخلوقات الأرضية الأولى.

غير أنه توجد بعض الأمثلة. ويُجمع الكثير من الباحثين على أن أقدم الأحفوريات التي عُثر عليها حتى الآن هي أحفوريات ميكروية من أستراليا تعود إلى 3.43 مليار سنة. ولكن يدّعي باحثون آخرون أنهم اكتشفوا أحفوريات أكثر قدماً (لمزيد من المعلومات، يمكنك أن تقرأ مقالة بوبيولار ساينس في عدد سبتمبر/ أكتوبر في 2017 بعنوان: اكتشاف جديد يثير تساؤلاً قديماً: أين ومتى ظهرت الحياة؟).

ولكن الأحفوريات ليست الأدلة الوحيدة التي نعتمد عليها لدراسة أصل الحياة. حيث أن التحليل الكيميائي والجيولوجي للصخور قد يشير إلى أن الحياة تعود إلى 3.8 مليار سنة، وربما حتى 4.1 مليار سنة.