ممَّ يتكون الجهاز العصبي المركزي وكيف تتم الحركة؟

ممَّ يتكون الجهاز العصبي المركزي وكيف تتم الحركة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Billion Photos
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هذا الموضوع بحاجة لإجابة طويلة، فتابع حتى النهاية.

ممَّ يتكون الجهاز العصبي المركزي؟

يتكون الجهاز العصبي المركزي من الدماغ بالإضافة إلى الحبل (النخاع) الشوكي.

أمّا الدماغ فهو مقسم إلى جزأين رئيسيين:

  1. المخ والمخيخ.
  2. جذع المخ: وهو يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية: الدماغ المتوسط والجسر والبصلة (النخاع المستطيل).

لكل جزء من الدماغ والنخاع الشوكي وظائف محددة، ولن نسترسل في شرحها لأن الأمر سيطول كثيراً، ولذلك نكتفي بهذا الوصف المختصر جداً لأجزاء الجهاز العصبي المركزي.

اقرأ أيضاً: لماذا نشعر بالحرارة في غرفة درجة حرارتها مساوية لدرجة حرارة الجسم أو حتى أقل منها؟

كيف تنتقل الإشارات العصبية من خلية إلى خلية أخرى حتى تتم الحركة؟

يختلف النظام الكهربائي الحيوي عن الكهرباء التقليدية التي نعرفها، فهي لا تستخدم نقل الطاقة عبر الإلكترونات بل عبر الأيونات، مع الخضوع طبعاً للفيزياء ذاتها.

تتكون الأعصاب من خلايا عصبية تُعرف باسم العصبونات، وهذه العصبونات تنقل الإشارات العصبيّة الكهروكيميائيّة من التغصّنات الشجرية التي تحمل على سطحها أشواكاً تستقبل الإشارة من العصبون السابق وتنقلها عبر المحور العصبوني حتى النهاية العصبية المتصلة بإحدى أشواك تغصّنات العصب التالي بعقدة تشابكية، وهكذا. يحمل العصبون الواحد 5-7 تغصّنات تحمل 200000 شوكة عصبيّة تقريباً، أي أنّ العصبون الواحد قد يستقبل عشرات الآلاف من الإشارات دفعة واحدة.

يسمح هذا التركيب للأعصاب بالتشعّب بشكل عجيب، فالدماغ البشري الذي يحتوي بالمتوسط على 86 مليار عصبون، يصنع شبكة من أكثر من 125 ترليون عقدة تشابكية في قشرة المخ فقط.

لا تنتقل الإشارات عبر العصبونات إلا باتجاه واحد (من التغصّن إلى النهاية العصبية)، ما يعني أنها ليست دارة كما هو الأمر في أسلاك النحاس. ولكن الفيزياء تقول إنه لا بُدّ من دارة لتنتقل الطاقة الكهربائية (الإشارة)، فأين هي في العصبونات؟

الأمر كالتالي، يستخدم الجسم البشري موادَّ تُعرف بالناقلات العصبية، وهي نوعان رئيسيان: سريعة وبطيئة. تكون الأعصاب في وضع الراحة، وهو وضع تكون فيه الأيونات الموجبة (أيونات الصوديوم والكالسيوم) داخل العصبون أقل منها خارجه، وهذا يشكل جهد الراحة وهو مقدار فرق الجهد بين سطحي غشاء الخلية العصبيّة.

إذا أصابتك شوكة مثلاً، تقوم الشوكة بتحفيز مستقبلات الألم (نهايات عصبية حرة على سطح الجلد مثلاً)، فيؤدي هذا إلى فتح قنوات خاصّة بأيونات الصوديوم على سطح العصبون، فتدخل أيونات الصوديوم إلى العصبون، ما يؤدي إلى تقليل فرق الجهد على سطح العصبون، وهذا بدوره يجعل فرق الجهد على سطح العصبون موجباً بعد أن كان سالباً، مطلقاً موجةً من جهد الفعل تنتقل عبر سطح العصبون من رأس العصبون أو التغصّنات إلى النهايات العصبية مطلقةً المستقبلات العصبيّة من حويصلاتها لترافق فرق جهد الفعل من بداية العصبون إلى نهايته. 

اقرأ أيضاً: هل يمكن محو الذكريات المؤلمة بإعادة تعيين نقاط التشابك العصبي في الدماغ؟

أي أن الدارة الكهربائية موجودة بين السطح الداخلي لغشاء العصبون والسطح الخارجي، وهي تزحف على سطحه جاذبة النواقل العصبية وقائدة لها. وبعد ذلك تفتح قنوات البوتاسيوم لتخرج أيونات البوتاسيوم منها إلى خارج العصبون، معيدة بذلك فرق الجهد إلى ما كان عليه من جهد الراحة.

عند النهاية العصبيّة، تفرز النواقل العصبية في العقدة التشابكيّة لترتبط بشوكة تغصّن العصبون التالي، وهذا يفتح القنوات الخاصّة بالأيونات (الصوديوم والكالسيوم) على سطح العصبون التالي، لتبدأ دارة جديدة من الإشارات العصبية وهكذا حتى نصل إلى النخاع الشوكي الذي ينقلها إلى الدماغ، وإلى العضلات ليقوم برد فعل (ردود الفعل البسيطة تتم من النخاع الشوكي مباشرة قبل أن يتدخل الدماغ اختصاراً للوقت، فأنت تسحب يدك من الشوكة قبل أن تدرك أن الشوكة قد وخزتك).

عندما تصل الإشارة إلى العقدة العصبية العضليّة (مكان استقبال الأوامر العصبية في العضلات)، ترتبط النواقل العصبية بمستقبلاتها على سطح العضلة، التي تقوم بدورها بفتح القنوات الخاصّة بأيونات الصوديوم والكالسيوم على سطح العضلة، ما يؤدي إلى توليد جهد فعل عضلي يسري بالأسلوب ذاته حتى يخرج أيونات الكالسيوم من الشبكة الإندوبلازميّة العضليّة، ما يؤدي إلى انقباض العضلة، وسحب يدك عن الشوكة المؤلمة.

اقرأ أيضاً: هل يومض شريط الذكريات قبل الوفاة؟ مسح نادر لدماغ بشري يحتضر

وتختلف الإشارات العصبية حسب المؤثر وحسب العصب الناقل، فبعض المؤثرات يثبّط العصب عبر فتح قنوات أيونات الكلورايد السالبة ما يزيد من فرق الجهد السالب (جهد الراحة) ويجعل تحفيز العصب أصعب. وليس كل مؤثر كافياً لتوليد جهد فعل، وهذا يعطي الأعصاب مجالاً للمناورة مع المؤثرات.

بالطبع هذا اختصار، فالأمر مليء بالتفاصيل التي لا مجال لشرحها، ولكنها مقدمة عن نقل الإشارات العصبية عبر العصبونات في الجهاز العصبي المركزي.

نشرت هذه المقالة ضمن اتفاقية الشراكة التحريرية بين مجرة وكورا. وتمت الإجابة عن السؤال على موقع كورا بواسطة محمد آل-عثمان، يدرس الطب في كلية طب القصر العيني جامعة القاهرة.