لماذا لا تتأثر النار بالجاذبية وتبقى متجهة نحو الأعلى؟

3 دقيقة
لماذا لا تتأثر النار بالجاذبية وتبقى متجهة نحو الأعلى؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Drangalia
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يسأل الكثيرون عن سبب اتجاه النار نحو الأعلى دائماً، جرب إمساك شمعة مشتعلة بشكل أفقي وسترى أن النار ستحافظ على اتجاهها، وإن أمسكتها بالعكس سوف تنطفئ، والسبب العلمي لهذه الظاهرة يمكن معرفته عند فهم بنية اللهب ومكوناتها سواء على الأرض أو في الفضاء. 

لماذا تتجه النار دائماً نحو الأعلى؟

عندما تحترق شمعة، يسخن اللهب الهواء القريب فيتمدد وتقل كثافته ويبدأ في الارتفاع نحو الأعلى، وعندما يتحرك هذا الهواء الساخن لأعلى لأنه خفيف، يندفع الهواء البارد الأثقل والأوكسجين إلى أسفل اللهب ليحل مكان الهواء المفقود، وتتكرر العملية بشكل تصاعدي من الأسفل إلى الأعلى ما دامت النار مشتعلة، هذا ما يسبب أخذ الشمعة شكل دمعة، وبهذه الطريقة يعمل منطاد الهواء الساخن، أو القناديل الطائرة الصينية التي يطلقونها احتفالاً بالزفافات، إذ عدم احتراق القناديل الورقية يدلنا على أن شعلة هذه الشموع مستقيمة بشكل مضبوط بشدة، فلو حدث ميول في هذه الشعلة سيحترق القنديل بكل سهولة.

اقرأ أيضاً: سيناريوهات النهاية: ماذا يحدث عندما ينفد وقود الشمس؟

كيف تتشكل شعلة اللهب؟

تحتاج النار إلى توفر ثلاثة مكونات أساسية لكي تشتعل، وهي الأوكسجين والحرارة والوقود، وتدعى اصطلاحاً “مثلث النار“، فعند التقاء هذه العناصر يحدث تفاعل الأكسدة الكيميائي، وعند فقدان إحدى هذه المكونات لن يحدث الاحتراق.

وبالنسبة للشموع، فهي تتكون من مركبات هيدروكربونية، وكما نعلم فالوقود الذي نستخدمه في السيارات ووسائط النقل الأخرى، هو عبارة عن هيدروكربونات بصورة سائلة تستهلكها النار في تفاعل الاحتراق.

وما يحدث في الشمعة هو أن حرارة اللهب تسبب ذوبان الشمع السائل، فيمتصه الفتيل بالخاصية الشعرية، وتبدأ النار في تكسير الهيدروكربونات لمكوناتها الأساسية أي الهيدروجين والكربون، فيتم سحب هذه الجزيئات المتبخرة إلى اللهب، حيث تتفاعل مع الأوكسجين من الهواء لتوليد الحرارة والضوء وبخار الماء وثاني أوكسيد الكربون.

اقرأ أيضاً: كيف يحدث البرق والرعد؟ الألعاب النارية الطبيعية

كيف تتصرف النار  في ظروف انعدام الجاذبية؟

بما أن الجاذبية تسبب انخفاض الهواء البارد وارتفاع الساخن، طرح علماء ناسا على أنفسهم سؤالاً مهماً: ماذا سيحدث لشعلة النار في حال تم إشعالها في مركبة فضائية ضمن ظروف الجاذبية الصغرى أو المعدومة؟

لذا أُجريت عام 2009، على متن محطة الفضاء الدولية تجربة إطفاء اللهب (FLEX) التي درست سلوك النار في الفضاء وكيفية إخمادها، وظهر في هذه التجربة أن النار بدون جاذبية تشتعل في جميع الاتجاهات بالتساوي فتظهر بشكل كروي، وتستغرق وقتاً أطول في الاحتراق أكثر بنحو 100 مرة مما لو كانت على الأرض.

ولاحظ علماء ناسا أن ألسنة اللهب يمكن أن تحترق عند درجة حرارة منخفضة وبأوكسجين أقل من الحرائق على الأرض، لذا يجب أخذ هذا الأمر بالاعتبار عند إخماد حرائق الفضاء، حيث يحرق الباحثون قطرة صغيرة من وقود الهبتان أو الميثانول في رف تجارب خاص على متن المحطة الفضائية، وتصورها كاميرات خاصة.

والغريب في الأمر هو استمرار بعض أنواع الوقود السائل بعد انطفاء اللهب، إذ يتم الاحتراق بمرحلتين، الأولى يكون اللهب مرئياً، والثانية تعرف بـ “اللهب البارد” يحترق في درجات حرارة منخفضة ويكون غير مرئي للعين المجردة. وبالرغم من عدم وجود تفسير لهذه الظاهرة، فإن هناك اقتراحات للقيام بأبحاث موجهة نحو استغلال هذه الظاهرة لإنتاج محركات ميكانيكية على الأرض تنتج كمية أقل من الملوثات.

اقرأ أيضاً: لماذا الفضاء شديد البرودة بينما الشمس شديدة الحرارة؟

ما هي بنية النار؟

عندما ندقق في لهب الشمعة، نلاحظ وجود عدة ألوان متفاوتة، وكل لون لهذه النار يحمل صفات مميزة وله حرارة خاصة ويمكن تقسيم اللهب في الشمعة للمناطق التالية:

  • المنطقة الأولى الخارجية، وتكون زرقاء بسبب الاحتراق الكامل وغير مرئية عادةً، وهي المنطقة الأكثر سخونة في الشمعة، وتصل حرارتها إلى 1000 – 1400 درجة مئوية.
  • المنطقة الثانية الوسطى: وهي منطقة اللون الأصفر، وتكون الأكثر إشراقاً، ويحدث بها احتراق جزئي للوقود، وتصل حرارتها إلى 1200 درجة مئوية.
  • المنطقة الثالثة الداخلية: وتعتبر المنطقة الأقل حرارة من اللهب، وتكون هذه المنطقة الداخلية سوداء بسبب وجود أبخرة شمعية غير محترقة، وتبلغ حرارتها 800 – 1000 درجة مئوية.

بينما تبلغ حرارة جسم الشمعة 40-50 درجة مئوية، وحرارة الشمع المذاب فوق الشمعة 60 درجة مئوية.

اقرأ أيضاً: كيف تعكس المعادن والصخور ألوان قوس قزح وتلمع في الظلام؟

حقائق ومعلومات عامة عن النار

توجد عدة معلومات وحقائق عن النيران وكيفية اشتعالها، ويمكن تلخيص أهمها بما يلي:

  • يمكن إشعال نار بالجليد، وذلك عن طريق عمل عدسة من الجليد الشفاف وتعريضها لأشعة الشمس فتركزها مثل عدسة وتشعل النار.
  • تتحرك الحرائق صعوداً على المنحدرات بشكل أسرع من نزولها للأسفل، بسبب خواص النار التي تتجه للأعلى وحركة الرياح.
  • هناك رمز تستخدمه عدة منظمات ودول يدعى الشعلة الأبدية، وهي شعلة تظل مشتعلة دون أن تنطفئ تخليداً لذكرى معينة.
  • تعتبر الأرض الكوكب الصخري الوحيد المعروف الذي يمكن أن تشتعل فيه النار نظراً لوجود الأوكسجين به.
  • لا يوجد ظل للشمعة في العادة.
  • تعد شعلة الجبل المحترق في أستراليا أقدم شعلة طبيعية أبدية معروفة، إذ بدأت في الاشتعال بعد أن ضرب البرق شقاً يحتوي الفحم الطبيعي منذ حوالي 6000 عام، ولازال مستمراً حتى اليوم.
  • يمكن عمل لهب أسود اللون، عن طريق تسليط ضوء مصباح صوديوم منخفض الضغط على نار احتراق الصوديوم الصفراء، شرط عدم وجود مصدر إضاءة آخر.

تبقى النار لغزاً محيراً، فهي مصدر للحرائق والأذى، لكنها في الوقت نفسه إحدى العجلات الأساسية لتطور البشرية وبقاء الحياة على الأرض.