ما هو السبب الذي يجعل دماغك ينسى كلمات السر الجديدة؟

نسيان المعلومات
حقوق الصورة: ستات آب ستوك فوتوز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما تعيد ضبط كلمة سر بريدك الإلكتروني، غالباً ما تنسى كلمة السر الحالية الخاصة بك: تلك السلسلة من الأرقام والحروف التي لا معنى لها. أنت تحرص على أن تكتب كلمة السر بحذر عندما تسجل الدخول، قبل أن تفكّر في كلمة سر جديدة دائمة، قد تكون تحريفاً بسيطاً لاسم حيوانك الأليف عندما كنت طفلاً.

ما سبب نسيان المعلومات التي يُطلب منا التركيز عليها؟

ليس واضحاً ما إذا كانت هذه المعلومات التي يجب علينا أن نحفظها، والتي لا نحتاجها في المستقبل، تُخزّن في الذاكرة المؤقتة (تدعى أيضاً «الذاكرة العاملة») أم لا. أرادت مجموعة من الباحثين من جامعة تشيجيانغ في الصين الجواب على هذا السؤال. اكتشف الباحثون من خلال إجراء عدد من التجارب أن الدماغ البشري قد يطبّق بعض الآليات التي تمنع تخزين هذا النوع من المعلومات. 

في الواقع، وجد الباحثون، والذين نشروا نتائجهم في 19 نوفمبر الجاري في دورية «مكتشفات علمية» (Science Advances)، أنه من المرجح أن يتذكّر الأشخاص المعلومات التي تجاهلوها بشكل متعمّد أكثر من تلك التي يركّزون عليها مرة واحدة ولا يتوقّعون استخدامها في المستقبل.

يقول «وي تشين»، أحد مؤلفي الدراسة الجديدة وباحث في علم النفس السلوكي: «يبدو أن الدماغ البشري انتقائي أكثر بكثير مما كنا نعتقد». يشرح تشين أنه حتى عندما ينتبه الأشخاص للتفاصيل بحرص، فهذه التفاصيل قد لا تُخزّن في الذاكرة.

أجرى الفريق عدة تجارب على ذاكرة المشاركين في الدراسة لاختبار ما إذا كان هذا النوع من المعلومات يُخزّن في الذاكرة المؤقتة أم لا. عرض الباحثون على المشاركين معلومات وطلبوا منهم إما الانتباه لها أو تجاهلها. مثلاً، عرض الباحثون على المشاركين أشكالاً ملونة، وطلبوا منهم تجاهل الشكل والتركيز على اللون.

خضع المشاركون مباشرةً لعدة اختبارات بهدف اكتشاف المعلومات التي تذكّروها. طُلب من المشاركين في أحد الاختبارات البحث عن خط مائل في 4 صور لأشكال مختلفة، ولكن كانت هذه الأشكال أو ألوانها، أو الأشكال وألوانها معاً، تختلف عن الأشكال والألوان التي عُرضت عليهم من قبل. كان الباحثون يعرفون، وفقاً لأبحاث سابقة، أن أية سمات خُزنت في ذاكرة المشاركين المؤقتة ستكون بمثابة تشتيت، وأنها ستزيد من الوقت الذي يحتاجه المشاركون ليجدوا الخط المائل الذي كانوا يبحثون عنه. عُرض على المشاركين في اختبار آخر نفس الشكل، وطلب منهم تحديد ما إذا تغير اللون أم لا.

تشتت المشاركون بسبب المعلومات التي طُلب منهم أن يتجاهلوها، كما أنهم قد تذكّروا هذه المعلومات (وهي الأشكال) بشكل أفضل من المعلومات التي طُلب منهم تذكّرها. أجرى الباحثون 6 تجارب مختلفة باستخدام أدوات تختلف بالحجم، وسجّلوا حركة عيون المشاركين وغيرها من الإشارات ليعرفوا ما إذا كانت هذه النتائج قابلة للتكرار.

يقول تشين: «تبين دراستنا أن الأشخاص كانوا يخزّنون الأشكال في الذاكرة المؤقتة بشكل آلي». وأيضاً، فشل المشاركون في تخزين المعلومات الأساسية التي طُلب منهم أن ينتبهوا لها في ذاكرتهم المؤقتة، مثل اللون.

اقرأ أيضاً: نصائح للمذاكرة الفعالة وفق الدراسات العلمية والنفسية 

شرح تشين أن هذه النتائج قد تكون لها مقتضيات كبيرة بطريقتين: أولاً، تتضمن العديد من العلاجات للأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة آليات لنسيان التجارب القاسية عن طريق الامتناع عن التفكير بها، ولكن تبين هذه الدراسة أن التركيز قليلاً على هذه المعلومات قد يكون طريقة تستحق التجريب أو الدراسة. ثانياً، يساهم هذا البحث في التركيز على النقاشات حول شهادات شهود العيان وعدم دقتها، والتحليل الدقيق لكفاءة استرجاع الأشخاص لذكرياتهم عندما يُطلب منهم الانتباه بحرص.

يقول تشين: «تبين لنا الدراسات أنه يجب علينا أن نكون حذرين للغاية عندما يتعلق الموضوع بالذاكرة، وخصوصاً بما يتعلق بمعلومات وتفاصيل مثل التي اختبرناها، وذلك لأن أدمغتنا انتقائية للغاية».

قد لا يتذكّر دماغك سلسلة الأحرف والأرقام التي تشكل كلمة السر الخاصة بك، ولكنه يتذكّر معلومات أكثر مما تتوقع.