ما مدى دقة الاختبارات التي تقيس معدل الذكاء IQ؟

ما مدى دقة الاختبارات التي تقيس معدل الذكاء IQ؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Panchenko Vladimir
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وُضع أول اختبار لقياس معدل الذكاء IQ عام 1905 من قِبل مجموعة من الباحثين الفرنسيين، ولغاية لا تتعلق بقياس معدل الذكاء، وإنما لتحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدة إضافية خارج أوقات المدرسة. أُطلق على الاختبار اسم اختبار بينيه-سايمون (Binet-Simon)، ومع الوقت صُقل اختبار الذكاء هذا وطُوِّر ليصبح أكثر موضوعية في تقييم معدل الذكاء العام للأفراد، ولكن هل اختبارات الذكاء دقيقة وذات مقاييس غير متحيزة للذكاء؟

كيف استُخدمت اختبارات الذكاء لأول مرة؟

يقول ستيفان دومبروفسكي (Stefan Dombrowski)، وهو عالم نفس في جامعة رايدر في مدينة نيوجيرسي الأميركية، إن لاختبارات الذكاء تاريخاً مظلماً من الاستخدام للتمييز ضد المجموعات العرقية والإثنية، وأدّت في النهاية إلى التعقيم القسري لآلاف الأشخاص الذين أبدوا نتائج متدنية في هذه الاختبارات، كحركة لتحسين النسل. ولكن، هل تقدّم اختبارات الذكاء ما هو أبعد من ماضيها المؤلم لتصبح مقياساً دقيقاً للذكاء اليوم؟

اقرأ أيضاً: ما التفسير الرياضي لمليارات مليارات الاحتمالات لتكوين مربع روبيك؟

ما مدى صحة هذه الاختبارات؟

يدرس دومبروفسكي صلاحية اختبارات الذكاء باستخدام تقنيات إحصائية صارمة، ويقول إن لهذه الاختبارات أهمية فقط عندما يتم تفسيرها بشكلٍ صحيح. ويضيف بهذا الخصوص: “لا توجد في مجال علم النفس كما في الطب ضمانات مثل إدارة الغذاء والدواء، وإنما لدينا مدونة أخلاقية، لكن هذا لم يوقف مئة عام من الممارسات التفسيرية غير الملائمة، وهذا المجال ما زال بحاجة للتطوير”.

ووفقاً لدومبروفسكي، فإن إحدى الطرق التي يتم بها إساءة تفسير الاختبارات بشكلٍ متكرر هي عندما يتم إسقاط درجات الاختبار كعامل يقيّم معدل الذكاء الكلي، في الوقت الذي تقيس فيه اختبارات الذكاء مجموعة من المهارات مثل الذاكرة العاملة والتفكير السلس والفهم اللفظي وغير ذلك. ومع ذلك، ما زالت هذه الاختبارات غير مجهزة بشكلٍ تام لتقديم درجات دقيقة حول هذه المهارات.

يقول ستيفن بيانتادوسي (Steven Piantadosi)، وهو أستاذ مساعد في معهد إم آي تي: “إن إحدى أكبر المشكلات هي أن درجة ذكاء شخص ما تتغير بناء على السياق، كما أن اختبارات الذكاء معروفة بكونها حساسة لأشياء مثل التحفيز والتدريب، والذي يبدو منطقياً، فالأفراد الذين يطلعون على استراتيجيات تحصيل الدرجات في الاختبارات سيحصلّون درجات أعلى مقارنةً بالآخرين الذين لا يطلعون على هذه الاستراتيجيات”. واختتم منوهاً بأنه من الخطأ أن نقول إن القدرة الحقيقية للشخص تُلخص من خلال مدى استعداد شخص ما لاختبار معين.

اقرأ أيضاً: كم من المعلومات يمكننا نسيانها إذا دربنا الآلات على التذكر؟

وتتمثل مشكلة أخرى في التحيز الثقافي المتأصل في طبيعة الاختبار نفسه، فمن خلال عمل بيانتادوسي وفريقه مع شعب تسيماني، وهم مجموعة من السكان الأصليين لبوليفيا، اكتشف بيانتادوسي أن العديد من هؤلاء الأفراد لا يستخدمون ملصقات للأشكال، ما قد يؤثّر في الدرجات التي يحصلون عليها في اختبارات معالجة الأشكال، الأمر الذي يشير إلى أن العلامات المتدنية للبعض ما هي إلا خطأ ما في بعض الاختبارات والتحضر لها وليس مشكلة في الأفراد.

ماذا تقول الدراسات عما إذا كانت اختبارات الذكاء دقيقة أمْ لا؟

يوضّح الطبيب أدريان أوين كبير الباحثين في الدراسة والأستاذ في علم الأعصاب الإدراكي قائلاً: “لا يوجد شيء مثل مقياس واحد لمعدل الذكاء أو مقياس للذكاء العام”. انضم إلى هذه الدراسة أكثر من 100 ألف مشارك ممن أكملوا 12 اختباراً معرفياً عبر الإنترنت لتقييم كلٍّ من الذاكرة والتفكير والانتباه وقدرات التخطيط، وإلى جانب ذلك، سُئل المشاركون عن خلفياتهم وأسلوب حياتهم.

تم التوصل إلى أن تقييم الذكاء لا يكتمل إلا بتقييم مكوناته المختلفة الثلاث وهي: الذاكرة قصيرة الأمد والتفكير السلس والمكون اللفظي، ولا يوجد أي اختبار أو مكون واحد يمكن أن يحكم بدقة على مدى قدرة الشخص على أداء المهام العقلية والمعرفية. 

من جهة أخرى، قام الباحثون بمسح أدمغة المشاركين ممن تطوعوا للقيام بذلك باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أثناء أداء الاختبار، وتوهجت المناطق المسؤولة عن القدرات المعرفية المختلفة بشكلٍ متباين لدى المشاركين، ما يشير إلى أن النظرية القائلة إن مناطق مختلفة من الدماغ تتحكم في قدرات معينة قد تكون صحيحة.

وعلاوة على ذلك، لم يكن لتدريب الدماغ أي دور مساعد في تحصيل أداء إدراكي أفضل، وقال أوين بهذا الخصوص: “الأشخاص الذين يقومون بتدريب الدماغ ليسوا أفضل في أي من هذه الجوانب الثلاثة للذكاء من الأشخاص الذين لا يفعلون ذلك”. ومع ذلك، كان أداء المشاركين ذوي الخبرة في ألعاب الفيديو أفضل في أقسام التفكير المنطقي والذاكرة قصيرة المدى.

اقرأ أيضاً: كيف يستيقظ الدماغ من النوم؟

وبالمقابل، ارتبطت الشيخوخة عند نسبة من المشاركين بانخفاض الذاكرة وقدرات التفكير، كما كان أداء المدخنين أسوأ في الذاكرة قصيرة المدى والاختبارات اللفظية، بينما كان أداء الذين يعانون من القلق سيئاً في اختبارات الذاكرة قصيرة المدى.

واختتم أوين النتائج موضحاً: “لقد أظهرت الدراسة بشكلٍ قاطع أنه لا يمكنك تلخيص الفرق بين الأفراد اعتماداً على رقم واحد”، وأضاف: “الآن نحن بحاجة إلى المضي قدماً والعمل على كيفية تقييم الاختلافات بين البشر بعيداً عن الاختبارات غير الموضوعية التي تعطي فكرة عامة عن المفهوم الكامل لمعدل الذكاء لا أكثر، والقول إن لديك معدل ذكاء أعلى مني اعتماداً على ذلك خرافة”.

بعض اختبارات الذكاء المتاحة أونلاين

مع أن اختبارات الذكاء لا تقدّم مضمون اسمها على وجه الصحة، فلا يمكن إنكار كم هي ممتعة وخاصةً عندما تنجز مع الأصدقاء، حيث تكون الفرصة متاحة عندئذ لمعرفة فروق التفكير بينكم. ومن اختبارات الذكاء التي يمكنك تجربتها: