استبدال لحوم الأبقار بالفاصولياء قد ينقذ كوكب الأرض

حقوق الصورة: Pexels
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كان هناك أغنية أميركية قديمة للأطفال تتحدث عن فوائد الفاصولياء على صحة القلب. ويبدو اليوم أن فوائد الفاصولياء لا تقتصر على صحة القلب، بل تتعداها إلى المناخ.

إن التخلي عن لحوم الأبقار والتوجه لتناول الفاصولياء كبديل يخفف من تأثيرات التغير المناخي، عن طريق خفض انبعاثات غازات الدفيئة بشكل كبير، وذلك بحسب بحث جديد نشر في مجلة التغير المناخي .

وتتوقع الدراسة أن مثل هذا التبديل قد يساعد الولايات المتحدة على الاقتراب بنسبة 50 في المائة من أهدافها في خفض الانبعاثات الغازية بحلول عام 2020.

تقول هيلين هاروات الباحثة السابقة في جامعة لوما ليندا والمؤلفة الرئيسية للدراسة: “ربما تكون هذه المرة الأولى التي تتم فيها الإشارة إلى الفاصولياء كتدبير للحد من الانبعاثات الغازية”. وبالرغم من طرافة الموضوع، فإنه بحث جاد حول مسألة واقعية.

يقول خوان ساباتي المدير التنفيذي لمركز التغذية والحياة الصحية والوقاية من الأمراض التابع لجامعة لوما ليندا، والمؤلف المشارك في الدراسة: “ما تحاول هذه المقالة الإشارة إليه بطريقة واضحة جداً، هو أن تغييراً واحداً في العادات الغذائية يؤثر بشكل كبير على إنتاج الغازات الدفيئة. وستنجز البلاد أكثر من نصف أهدافها في تقليص حجم الغازات الدفيئة، بدون فرض أي قوانين جديدة تخص السيارات أو الصناعة”.

وتؤكد الدراسة أن ماشية اللحم هي أكبر منتج للغذاء الغني بالكربون. وذلك لأن الأبقار تتجشأ الميثان وتخرجه مع الريح، وهو غاز فعال من غازات الدفيئة. وتحتوي البقوليات على سعرات حرارية وبروتين أكثر بكثير مقارنة بنفس الكمية من اللحم البقري، مع أثر كربوني أقل بكثير.

تقول هاروات والتي تعمل اليوم أخصائية تغذية مستدامة مستقلة: “النظام الغذائي هو أكبر مساهم فردي في غازات الدفيئة، وهناك مكاسب فعالة يمكن الوصول إليها، والتي يمكن ترجمتها إلى تخفيض انبعاثات هذه الغازات”.

وقد بدأ العلماء تدريجياً بالتركيز على تأثير إنتاج الغذاء على التغير المناخي. وأشارت إحدى الدراسات مؤخراً إلى أن استبدال حشرة الكريكت ويرقات الخنفساء بنصف الكمية المستهلكة عالمياً من اللحوم، يمكن أن يختصر مساحة الأرض المستخدمة في الزراعة بنسبة الثلث، وبالتالي تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة.

ابتعدي أيتها الماشية
حقوق الصورة: Pixabay

ولكن بالتأكيد فإن بيع الحشرات القابلة للأكل يواجه صعوبات في الولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، فإن وعاء من الفاصولياء سيكون بديلاً أكثر استساغة، ولكن هذا يتوقف على استعداد الأميركيين للتخلي عن شرائح اللحم الطرية، وهو ما تعتقد هاروات أنه ممكن.

تقول هاروات: “إن استهلاك لحوم الأبقار آخذ فى الانخفاض بالفعل فى الولايات المتحدة، لذلك فإن هذه الأنواع من التحولات الغذائية تزداد شيوعاً وتتسارع، بسبب الضرورة الملحة للتخفيف من التغير المناخي”.

ويقول الباحثون أن مصير تربية المواشي هو مصدر آخر للقلق في حال انخفاض استهلاك لحوم الأبقار، ولكنه مشكلة قابلة للحل. يقول جيدون إيشيل أستاذ الفيزياء البيئية في كلية بارد وأحد المشاركين في الدراسة: “إن فقدان الوظائف مشكلة مهمة، ولكنها لن تمنع هذا التحول”. وهو يشير إلى أن العديد من مربي الماشية لديهم وظائف أخرى، وبالتالي فإن لديهم مصادر دخل إضافية.

يقول ويليام ريبل أحد المشاركين في الدراسة، والأستاذ البارز لعلم البيئة في جامعة ولاية أوريجون: “من المؤكد أن أي تحولات غذائية هامة من الغذاء ذي المنشأ الحيواني إلى النباتات الغنية بالبروتين ستستغرق وقتاً طويلاً، من عدة سنوات إلى بضعة عقود من الزمن. وقد حددنا العام 2020 لأن هناك أهدافاً محددة لانبعاثات غازات الدفيئة لهذا العام”.

وعند إجراء التحليلات، حدد الباحثون الانخفاضات الإجمالية للغازات الدفيئة اللازمة لتحقيق الهدف المرسوم لعام 2020، ثم قاموا بحساب إلى أي مدى يساهم نوع الغذاء في انبعاث الغازات.

الرهان على الفاصولياء؟
حقوق الصورة: Pixabay

كما استخدم واضعو هذه الدراسة دراسات منشورة سابقاً لحساب حجم الأراضي التي سيتم الاستغناء عنها عند التحول من لحوم الأبقار إلى الفاصولياء. وقد توصلوا إلى نتيجة مفادها أن هذا التحول سيوفر 42 في المائة من الأراضي المزروعة حالياً. وتمثل هذه المساحة -بحسب الدراسة- مرة ونصف مساحة ولاية كاليفورنيا.

كما لاحظ الباحثون أن فوائد تناول الفاصولياء لا تقتصر على البيئة وحسب، فالفاصولياء أقل تكلفة وأكثر صحية من لحوم الأبقار. تقول هاروات: “إن تناول المزيد من الفاصولياء وسيلة عظيمة لزيادة المغذيات النباتية، والألياف، ومضادات الأكسدة، والعمر. واستبدال الفاصولياء بلحوم الأبقار له تأثير صحي مضاعف، حيث أننا لا نستفيد فقط من أكل الفاصولياء، ولكننا أيضاً نتخلص من أضرار تناول لحوم الأبقار، بما في ذلك زيادة مخاطر النوع الثاني من الداء السكري، والسكتة الدماغية، وسرطان القولون والمستقيم”.

وعلى نفس الدرجة من الأهمية فإن الآثار الجانبية غير المرغوبة لأكل الفاصولياء -والتي أصبحت مثالاً للتندر- مؤقتة ومبالغ فيها.

تقول هاروات: “ينبغي ألا ننزعج من زيادة انتفاخ البطن نتيجة تناول الفاصولياء في بداية الأمر. لذلك سنحتاج إلى بعض التضحية المتمثلة ببعض الإزعاجات قصيرة الأمد لنجني الفوائد طويلة الأمد لصحتنا الشخصية والعامة وصحة كوكب الأرض”.