كيف يمكننا استعادة الأراضي التي تعرضت للجفاف والتصحر؟

كيف يمكننا استعادة الأراضي التي تعرضت للجفاف؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Chakkaphong wanphukdee
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصبح الجفاف واحداً من أبرز القضايا البيئية التي تشغل الناس، بسبب الخسائر الفادحة نتيجة تحول الأرض من اللون الأخضر المنتج إلى الأصفر الأجرد غير المنتج، وقد تزايدت رقعة الجفاف في السنوات الأخيرة نتيجة التغير المناخي، ما جعل الأمم المتحدة تُطلق “اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر” في يوم 17 يونيو/حزيران من كل عام، لمناقشة أبرز القضايا والحلول الممكنة للجفاف، فهو مشكلة خطيرة تهدد الإنسان، فوفقاً لـ “منظمة الصحة العالمية” (WHO)، يتأثر نحو 44 مليون فرد سنوياً بسبب الجفاف.

لماذا علينا حماية الأرض من الجفاف والتصحر؟ 

هناك العديد من الدوافع التي تشجعنا على حماية أراضينا من الجفاف والتصحر، وهي تكمن في تأثيرها علينا، ويتضح ذلك من التالي:

تأثير الجفاف والتصحر على الاقتصاد 

يتسبب الجفاف والتصحر في زيادة التكاليف على الشركات والناس الأموال الضخمة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

  • خسارة المزارعين للمال إذا دُمرت محاصيلهم الزراعية.
  • قد يخسر الأشخاص المتخصصون في صناعة الأخشاب بسبب فقدان الأشجار والنباتات التي يعتمدون عليها.
  • عندما يزحف الجفاف على البحيرات ومصادر المياه المختلفة في منطقة ما، تخسر الشركات السياحية والمتخصصة في صناعة أدوات الصيد والسباحة.
  • يقلل الجفاف إمكانية توفر المياه، ما يُكلف المزارعين أموالاً لإحضار المياه من مسافات أو حتى حفر الآبار القريبة من الأرض الزراعية.
  • يؤدي الجفاف إلى اضطرار بعض الشركات المعتمدة على الطاقة الكهرومائية إلى استخدام مصادر الوقود الأخرى والتي قد تكون وقوداً أحفورياً، وهو مكلف من ناحية وضار بالبيئة من ناحية أخرى.
  • يضطر مربو الماشية إلى إنفاق المال لتوفير العلف والمياه للماشية.
  • قد تخسر الشركات المتخصصة في إمداد الفلاح بالأدوات الزراعية في المنطقة، فعندما تجف الأرض، لا تكون هناك حاجة لاستخدام تلك الأدوات.
  • تعطل عملية نقل البضائع إذا جفت البحيرات ومصادر المياه، ما يتسبب في خسائر اقتصادية فادحة.

التأثير على البيئة 

يؤثر الجفاف على النظام البيئي بعدة صور، ومن أبرزها ما يلي:

  • تقلص الإمدادات الغذائية للكائنات الحية من النباتات والحيوانات وحتى الإنسان، ومن الممكن أن تفقد الحيوانات البرية الغذاء تماماً، ما يضطرها للهجرة إلى أماكن أخرى وهجر مواطنها.
  • تدمير موائل الأسماك في المناطق البحرية التي تعرضت للجفاف.
  • انتشار الأمراض بين أنواع الحيوانات البرية المختلفة وذلك بسبب نقص إمدادات الغذاء والمياه.
  • زيادة احتمالية انقراض الحيوانات البرية المهددة بالانقراض بسبب نقص إمدادات الغذاء والمياه.
  • فقدان الأراضي للمياه، وبالتالي تقل نسبة الرطوبة فيها.
  • زيادة عملية حرق الغابات.
  • تآكل التربة، ما يجعلها رديئة الجودة.

التأثير على الحياة الاجتماعية 

لا تتأثر النباتات والحيوانات فقط بالجفاف والتصحر، فالتأثير السلبي لهذه الكوارث يمتد إلى الحياة الاجتماعية للإنسان، حيث تتأثر صحته ونمط حياته الطبيعي:

  • الإصابة بحالات من الاكتئاب والقلق بسبب الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الجفاف.
  • المشكلات الصحية الناتجة عن انخفاض كميات المياه المتوفرة أو الغبار.
  • من الممكن أن يمتد الأمر إلى فقدان الأرواح البشرية.
  • تهديد أمن وسلام الإنسان، خاصة في المناطق القريبة من الغابات المعرضة للاحتراق.
  • الهجرة من مكان لآخر.

كيف نستعيد الأراضي التي تعرضت للجفاف والتصحر؟ 

استعادة الأراضي التي تعرضت للجفاف والتصحر أو إعادة تأهيلها لدعم النظام البيئي من جديد هو نهج تسعى الحكومات تطبيقه من أجل دعم البيئة ومكافحة الجفاف والتصحر الذي يزحف على الأراضي الخضراء خلال الوقت الراهن، جراء التغير المناخي أو الأنشطة البشرية الضارة. وتتطلب استعادة تلك الأراضي العديد من الاستراتيجيات أبرزها: 

  • إنشاء بنوك للبذور لزراعتها بتلك المناطق.
  • تدعيم تربة تلك المناطق عبر إمدادها بالمواد العضوية والكائنات الحية الصغيرة والدقيقة التي تساعد في تعزيز نمو النباتات.
  • إدخال الأنواع النباتية المختارة لتلك الأراضي عبر زراعتها.
  • اتخاذ التدابير للسيطرة على الأنواع النباتية الغازية.
  • تجديد المواد الغذائية العضوية والكيميائية للتربة حتى تستعيد صحتها.
  • نشر الوعي بين الناس بأهمية استعادة وإعادة تأهيل المناطق الجافة من جديد.
  • وضع خطة تمويلية في الحسبان، فمن المحتمل استخدام تقنيات حديثة لتطوير البنية التحتية، وتعزيز العملية الزراعية، ما يزيد إنتاجية الأراضي حتى تستعيد نشاطها وقدراتها، وهذا يحتاج إلى دعم مالي.

تدابير لحماية الأراضي من الجفاف والتصحر 

الوقاية خير من العلاج، هذا هو المبدأ الذي يُفضله المنطق، فالأفضل من بذل جهود وأموال في استعادة الأراضي المفقودة هو حمايتها من التصحر، وذلك عبر مجموعة من الاستراتيجيات: 

زراعة الكثير من الأشجار  

لا شك في أنّ للأشجار العديد من الفوائد للإنسان والبيئة، يكفي أنها تمدنا بالأوكسجين وتحمينا من أشعة الشمس الحارقة في أيام الصيف، بالإضافة إلى بعض الأنواع منها والتي تعطينا ثماراً مغذية. لكن ربما لا يُدرك كثير من الناس أنها تلعب دوراً حاسماً في جودة التربة، حيث تساعد الأشجار على تماسك التربة وتقلل تآكلها الناتج عن الرياح أو الأمطار. وهذا يدل على أنّ وجود الأشجار في موضع ما، يعني أنّ تلك المنطقة في حماية.

اقرأ أيضاً: بعض الأشجار يمكن أن تؤدي إلى تفاقم موجات الجفاف

تعزيز جودة التربة 

ويمكن فعل ذلك عبر توعية الناس حول خطورة الرعي الجائر وضرورة التخلي عنه وتقليل عدد حيوانات الرعي وزراعة المحاصيل الزراعية. كما يمكنهم استخدام روث الحيوانات في تعزيز عملية إخصاب التربة وإمدادها بالمواد الغذائية، ما يجعلها أكثر استدامة ويحميها من التآكل.

إدارة المياه 

في بعض المواسم تهطل الأمطار بكميات كبيرة قد لا تحتاجها التربة، وفي مواسم أخرى لا تتواجد الأمطار لتغذية النباتات، ما يتسبب في النهاية بتصحر وجفاف الأرض الزراعية، ولتجنب هذا يمكن إنشاء سدود لحفظ المياه الزائدة عن حاجة التربة في مواسم المطر، ثم استخدامها لري الأرض في مواسم الجفاف. ويمكن أيضاً تطبيق استراتيجية الري بالتنقيط لتوفير المياه وإدارتها جيداً.

ربما يكون اليوم العالمي لمكافحة الجفاف والتصحر فرصة جيدة لإعادة كشف دفاتر المشكلات التي تعاني منها البيئة، وزيادة توعية الناس بالأضرار الناجمة عن تلك الكوارث الطبيعية عبر الأنشطة والفعّاليات المختلفة.