حدث لم يكن متوقعاً: انهيار جرف جليدي شرق القارة القطبية الجنوبية

حدث لم يكن متوقعاً: انهيار جرف جليدي شرق القارة القطبية الجنوبية
سي-38، أو الكتلة الكبرى مما تبقى من جرف «كونغر» الجليدي، وقد انهارت منذ منتصف مارس/آذار 2021. حقوق الصورة: المركز الوطني للغطاء الجليدي.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ظهرت على شرق القارة القطبية الجنوبية، وهو ركن من اليابسة الجليدية كان يُعتقد بأنه غير متأثر نسبياً بتغير المناخ، للتو إشارة هائلة على الكارثة. بعد أن ابتلي القطبان بأسبوع من الارتفاع غير الاعتيادي في درجات الحرارة، ومستويات قياسية من التراجع في غطاء الجليد البحري، اكتشف العلماء أن جرفاً جليدياً ضخماً يضاهي حجم مدينة نيويورك قد انهار. 

انهيار الجرف الجليدي كونغز

في 17 مارس/آذار 2021، اكتشف علماء من المكتب الأسترالي للأرصاد الجوية أول دليل على أن الجرف الجليدي «كونغر» قد انهار، ولكنهم يتوقعون أن الحدث كان قد وقع بين 14 و16 مارس/آذار. تلعب هذه الكتلة الجليدية بعرضها البالغ 18 كيلومتراً دوراً مصيرياً في حماية نهري «كونغر» و«غلينزر» الجليديان من مياه المحيطات الأكثر دفئاً. وفي حين أن تصدع الجروف الجليدية نفسها أو ذوبانها لا يساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر، فإن ذوبان الأنهار الجليدية يمكن أن يمثل مشكلة خطيرة.  

قال «تيد سكامبوس»، خبير علم الجليد في جامعة كولورادو في بولدر وكبير العلماء في المركز الوطني لبيانات الجليد والثلوج، لشبكة «سي إن إن» الإخبارية إن هذا الانهيار كان على الأرجح نتيجة لانخفاض مستويات غطاء الجليد البحري، فضلاً عن أنماط الأمواج والرياح الدافئة القادمة من الشمال. وأضاف سكامبوس أن جرف كونغر الجليدي كان قد اصطدم بجزيرة، ما قد تكون له آثار كارثية على الأنهار الجليدية المحيطة.  

قال سكامبوس: «جرف كونغر ليس كبيراً جداً»، وأضاف: «لكن في كل مرة يحتك فيها جرف بجزيرة أو حتى بشاطئ خليج ما، تتعرض الأنهار الجليدية وراءه لضغط عكسي، كما لو أن هناك قوة تقاوم حركتها. بمعنى آخر، تترقق هذه الأنهار الجليدية بسرعة وتبدأ بالتحرك بسرعة أكبر عند زوال الجرف». 

لم تكن المخاطر متوقعة في شرق القارة القطبية الجنوبية

قال «بيتر نيف»، خبير علم الجليد في جامعة مينيسوتا، لوكالة «أسوشييتد برس» إن موقع الانهيار في الجزء الشرقي من القارة يمثل إنذار خطر كبير للعلماء. إن شرق القارة القطبية الجنوبية يحتوي على نحو 5 أضعاف الجليد الموجود في المنطقة الغربية المعرضة بشكل خاص للخطر، وإذا ذاب كل الجليد على امتداد شرق القارة القطبية الجنوبية، فقد يرتفع مستوى سطح البحر أكثر من 48.7 متراً. 

قال نيف لصحيفة «ذا واشنطن بوست»: «نتوقع أن تتعرض الجروف في الغرب لهذا، وليس جروف المناطق الشرقية»، وأضاف، «هذا ما لفت انتباه العلماء. يجب علينا أن نتتبّع كل هذه العمليات في شرق القارة القطبية الجنوبية بشكل أكثر شمولاً. ويمكن أن تؤدي الأخطاء الصغيرة في دراسة شرق القارة القطبية الجنوبية إلى إغفال ظواهر خطيرة».   

بالإضافة إلى انهيار الجرف الجليدي، شهدت المنطقة بشكل غير اعتيادي طقساً ممطراً أكثر منه مثلجاً، ودرجات حرارة مرتفعة بشكل متزايد. ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن شرق القطب الجنوبي آمن نسبياً من آثار تغيّر المناخ، ومنهم «روب لارتر»، عالم الجيوفيزياء الذي يعمل في معهد المسح البريطاني للقطب الجنوبي، والذي وصف معظم المنطقة بأنها «آمنة نسبياً» و«غير معرضة للخطر نسبياً» في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس.  

وفقاً لـ «مات كينغ» من المركز الأسترالي للتميز في علوم القطب الجنوبي، في حين أن جرف كونغر يشكل جزءاً صغيراً من الجرف الجليدي الكلي للقطب الجنوبي، فإن هذا الانهيار هو مجرد مثال لما سيحصل في المستقبل. قال كينغ لصحيفة «ذا غارديان»: «سنشهد تصدّع المزيد من الجروف الجليدية في المستقبل مع ارتفاع درجات الحرارة»، وأضاف: «ستكون هذه الجروف أكبر بكثير من جرف كونغر، وستحرر كميات هائلة من الجليد تكفي لرفع مستويات سطح البحر العالمية بشكل كبير».