شارك
الرئيسية
أوائل صيف 2017، اندلعت الحرائق في جرينلاند، وإذا كان اندلاع حرائق في بلد يغطي الجليد 80 في المائة من مساحته يبدو أمراً غريباً، فهو كذلك. ومع أن الأراضي العشبية الخثية الغنية بالكربون -والتي تشكل جزءاً كبيراً من المساحات الخضراء في جرينلاند- قد تعرضت للحرائق من قبل، والتي تحدث عادة بسبب صواعق البرق، فإن حرائق هذا الصيف كانت مختلفة. كانت تلك الحرائق المبكرة في بدايتها صغيرة. وكانت هذه الحرائق الأخيرة، التي استمرت أسبوعين، أكبر الحرائق في البلاد وأطولها مدة، ويعتبرها الكثيرون علامة أخرى على أن مناخنا يحتر ويتغير.
ولكي يتطور حريق هائل كهذا، لم تكن جرينلاند بحاجة إلى كارثة وحسب، بل كانت بحاجة إلى مادة سريعة الاشتعال أيضاً. وفي هذه الحالة، وجدت الحريق وقودها في مساحات واسعة من الأراضي الخثية الجافة والمتدهورة والتي كانت كافية لإذكاء ألسنة اللهب. وقد جفت تلك الأراضي الخثية بسبب ذوبان الطبقة المتجلدة تحت الأرض القطبية مع ارتفاع درجة الحرارة، تاركة ما يكفي من المواد المشتعلة لتغذية الحريق.
وكان تأثير دخان حرائق الغابات أكثر تدميراً من التأثيرات المباشرة. فقد ترسب السخام الناتج عن الحرائق على صفائح الجليد في المنطقة، مسبباً تعتيم لونها. والسطح المعتم له دور أسوأ في عكس الحرارة، ولذلك فإن السخام قد يتسبب في ذوبان ما تبقى من الجليد بسرعة أكبر مما هو عليه في السابق.
وقد قامت شركة الاستشارات العلمية “فيزيوتيرا” VisioTerra مؤخراً بتحليل وإطلاق صور التقطها القمر الاصطناعي سنتينيل 2 (وهو قمر تابع لوكالة الفضاء الأوروبية) ما بين 28 يوليو و 18 أغسطس 2017. وتشكل الصور تذكيراً مذهلاً ومحزناً بالطريقة التي يقوم فيها الإنسان بتغيير المناخ. ولكن حريق جرينلاند كان مجرد حريق واحد من بين عدة حرائق في موسم حرائق غير اعتيادي وعدواني. وما تزال الحرائق مستعرة حتى الآن في شمال إفريقيا، وإسبانيا، وتركيا، وأوروبا الشرقية، بالإضافة إلى الأجزاء الغربية من الولايات المتحدة.
