لماذا تختلف فصول السنة في أجزاء الكرة الأرضية؟

اختلاف الفصول
حقوق الصورة: آرون بيردن/ أنسبلاش.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبدأ فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي بشكل رسمي في شهر ديسمبر/كانون الأول، لكن في العديد من المناطق، يصبح فصل الشتاء قاسياً فعلاً في شهر يناير/كانون الثاني. ستشرح عالمة الغلاف الجوي “ديانا هينس” في هذا المقال الظروف الجوية والعوامل المناخية التي تتسبب ببداية فصل الشتاء مع بدء السنة.

كيف يؤثر مدار الأرض على طول النهار ودرجات الحرارة؟

مع دوران الأرض حول الشمس، تدور أيضاً حول محورها (تخيّل محوراً يمر عبر الأرض، من قطبها الشمالي إلى الجنوبي). خلال الـ 24 ساعة التي تستغرقها الأرض في إكمال دورة واحدة حول محورها، تواجه كل نقطة على سطحها الشمس لفترة من الزمن، وتُحجب عنها لفترة أخرى. هذا هو الأمر الذي يتسبب بالاختلافات اليومية في التعرّض لضوء الشمس ودرجات الحرارة.

هناك أيضاً عاملان آخران مهمّان: أولاً، كروية الأرض، على الرغم من أنها ليست كروية بشكل مثالي. ثانياً، يميل محور الأرض بزاوية قدرها 23.5 درجة عن مدارها حول الشمس. كنتيجة لذلك، يسقط ضوء الشمس بشكل مباشر على خط الاستواء، ولكنه يسقط على القطبين بشكل مائل.

عندما يكون أحد القطبين مواجهاً للشمس، يتعرّض ذلك النصف من الأرض لكمية أكبر من أشعة الشمس من النصف الآخر، ويكون الفصل صيفاً فيه. وعندما يشير هذا القطب نفسه لاتجاه بعيد عن الشمس، سيتعرّض نصف الكرة الأرضية هذا لكمية أقل من أشعة الشمس، ويبدأ فصل الشتاء فيه.

التغيّرات الفصلية تكون أكثر تطرفاً في القطبين، حيث تكون التغيرات في كمية ضوء الشمس أكبر بكثير. خلال الصيف، يتعرّض القطب للشمس لمدة 24 ساعة في اليوم، والشمس لا تغيب أبداً، أما في الشتاء، فالشمس لا تشرق أبداً.

عند خط الاستواء، والذي يتعرّض إلى كميات متساوية من أشعة الشمس المباشرة، لا يكون هناك اختلاف كبير في طول النهار على مدار السنة. يختبر البشر الذين يعيشون في مناطق قريبة من القطبين الفصول بشكل مختلف للغاية عن هؤلاء الذين يعيشون في المناطق الاستوائية.

هناك مثل قديم يقول: “مع زيادة طول النهار، يزداد البرد”. لماذا يصبح الطقس أكثر برودة في شهر يناير/كانون الثاني على الرغم من أن الأرض تتعرض للمزيد من أشعة الشمس؟

يعتمد هذا على موقعك في العالم، وعلى المكان الذي تأتي منه الرياح إلى هذا الموقع.

يمتص سطح الأرض الطاقة بشكل مستمر من الشمس، ويخزّنها كحرارة. كما أنه يُصدر هذه الحرارة مجدداً إلى الفضاء. يعتمد ما إذا كان سطح الأرض يبرد أو يسخن على التوازن بين كمية الإشعاع الشمسي الذي تمتصه الأرض وتصدره.

لكن سطح الأرض ليس منتظم الشكل. عموماً، تسخن اليابسة وتبرد بسرعة أكبر من المياه. تتطلّب المياه المزيد من الطاقة لترتفع درجة حرارتها أو تنخفض، لذا فهي تسخن وتبرد بمعدّل أبطأ. نتيجة لهذا الاختلاف بين البر والمياه، يعتبر الماء حافظاً حرارياً أكثر كفاءة من البر، وخصوصاً الكتل الكبيرة من الماء، مثل المحيطات. هذا هو السبب الذي يجعل درجات حرارة المناطق الداخلية تتقلّب أكثر من درجات حرارة المناطق الساحلية.

كلما ابتعدنا نحو الشمال أكثر، طالت المدة التي تستغرقها كمية وشدة ضوء النهار في الزيادة بشكل ملحوظ في منتصف الشتاء، وذلك لأن هذه المناطق ستميل مبتعدة عن الشمس. مع ذلك، فإن تلك المناطق التي لا تحصل إلا على كمية قليلة من ضوء الشمس تستمر في إصدار الحرارة إلى الفضاء. وطالما كانت هذه المناطق تتلقّى كمية من الحرارة أقل من تلك التي تصدرها، فسوف تستمر درجة حرارتها بالانخفاض. ينطبق هذا بشكل خاص على مناطق اليابسة، والتي تفقد الحرارة بسهولة أكبر بكثير من الماء.

أثناء دوران الأرض حول محورها، يدور الهواء حولها في الغلاف الجوي. إذا كان الهواء المتحرك إلى منطقتك يأتي بأغلبه من أماكن مثل القطب الشمالي التي لا تتعرض لأشعة الشمس كثيراً في الشتاء، فقد تتلقّى الهواء البارد المرير لفترة طويلة. مثلاً، يحدث ذلك في الولايات المتحدة في السهول الكبرى والغرب الأوسط عندما يتدفّق الهواء البارد من كندا.

لكن إذا مر الهواء فوق كتلة مائية تحافظ على درجة حرارة متسقة خلال العام، فيمكن تسوية هذه التقلبات في درجات الحرارة بشكل كبير. تقع مدينة سياتل في ولاية واشنطن في اتجاه الريح الآتية من المحيط، وهذا هو السبب الذي يجعلها أكثر دفئاً من مدينة بوسطن في ولاية ماساتشوستس خلال الشتاء، على الرغم من أنها تقع شمال بوسطن.

كيف يتغير طول النهار قبل الانقلاب الشمسي وبعده؟

هذا يعتمد بشدة على الموقع. كلما اقتربت من أحد القطبين، سيصبح معدل التغير في طول النهار أكبر. هذا هو السبب الذي يجعل ولاية ألاسكا تنتقل من فترة لا يوجد فيها ضوء النهار تقريباً في الشتاء إلى فترة بالكاد تغيب الشمس فيها في الصيف.

حتى بالنسبة لموقع معين، لا يكون التغير ثابتاً طوال العام. يكون معدل التغير في طول النهار أقل عند الانقلاب الشمسي (والذي يقع في شهر ديسمبر/كانون الأول في الشتاء، ويسمّى الانقلاب الشتوي، وفي يونيو/حزيران في الصيف، ويسمى الانقلاب الصيفي) وأكبر عند فترات الاعتدال الشمسي (والتي تقع في منتصف مارس/آذار ومنتصف سبتمبر/أيلول). يحدث هذا التغيير عندما تنتقل المنطقة على الأرض التي تتعرض لضوء الشمس المباشر من خط عرض 23.5 شمالاً (وصولاً إلى ميامي شمال خط الاستواء) إلى خط عرض 23.5 جنوباً (وصولاً إلى مدينة أسونثيون في الباراغواي جنوب خط الاستواء).

اقرأ أيضاً: درجات الحرارة القياسية المسجلة في القارة القطبية الجنوبية تنذر بالخطر

ما الذي يحدث في الجهة المقابلة من الكرة الأرضية الآن؟

فيما يتعلق بضوء النهار، يرى الناس في الجهة المقابلة من الكوكب عكس ما نراه تماماً. الآن، هم في ذروة الصيف، ويستمتعون بأكبر قدر من ضوء النهار سيحصلون عليه هذا العام. أنا أجري أبحاثاً عن عواصف البرد في الأرجنتين والأعاصير المدارية في المحيط الهندي، كلا موسمي عواصف الطقس الدافئ يمران بذروتيهما الآن.

ولكن هناك فرق رئيسي: يحتوي نصف الكرة الجنوبي على مناطق برية أقل ومسطحات مائية أكثر بكثير من النصف الشمالي للكرة الأرضية. بفضل تأثير المحيطات الجنوبية، تميل كتل اليابسة في نصف الكرة الجنوبي إلى أن تمر بدرجات حرارة أقل تطرّفاً من تلك التي تسود في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

لذلك على الرغم من أن بقعة على الجانب الآخر من الكوكب من موقعك قد تتعرض لنفس القدر من ضوء الشمس الذي تتعرض له منطقتك في الصيف، فقد يكون الطقس هناك مختلفاً عن ظروف الصيف التي اعتدت عليها. لكن لا يزال من الممتع تخيل نسيم صيفي دافئ على الجانب الآخر من الأرض، خاصة في شهور الشتاء الباردة.