هل يمكن أن تؤدي أزمة الطاقة الحالية إلى ازدهار قطاع الطاقة النظيفة؟

هل يمكن أن تؤدي أزمة الطاقة الحالية إلى ازدهار قطاع الطاقة النظيفة؟
ألواح شمسية تولّد الطاقة من الشمس. كيلي/بيكسلز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وفقاً لتقرير توقعات الطاقة العالمية لعام 2022 الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة، يشهد العالم حالياً “نقطة تحول تاريخية” فيما يتعلق بالاستغناء عن الوقود الأحفوري. يقول مؤلفو التقرير إنه على الرغم من أن الحرب في أوكرانيا تسببت في أزمة طاقة عالمية، فإن النقص في الطاقة يؤدي إلى إحداث تغييرات طويلة الأمد من شأنها تسريع عملية اعتماد مصادر الطاقة الأكثر استدامة وأماناً.

أزمة طاقة واسعة الانتشار

بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط 2022، شهدت دول العالم أزمة واسعة الانتشار في الطاقة؛ إذ ارتفعت أسعار المواد مثل الغاز الطبيعي والبنزين. ومنذ ذلك الحين، عملت الحكومات في جميع أنحاء العالم على البحث عن مصادر إضافية للطاقة لتعويض العجز الناجم عن الحرب. في المراحل الأولى من الحرب، شعر بعض الخبراء بالقلق من أن الخوف من ارتفاع الأسعار قد يعيق جهود اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، وتعهدت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بدعم استخراج المزيد من الوقود الأحفوري لتخفيف الأسعار.

مع ذلك، وفقاً لبيان صادر عن المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتيح بيرول (Fatih Birol)، إن أزمة الطاقة الحالية “ستؤدي في الواقع إلى تسريع اعتماد مصادر الطاقة النظيفة”. قال بيرول في مؤتمر صحفي عُقد بعد نشر التقرير سابق الذكر: “نحن نقترب من نهاية العصر الذهبي للغاز”.

اقرأ أيضاً: ما تبعات أزمة الطاقة الأوروبية على تجارب مصادم الهادرونات الكبير؟

تزايد الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة

وجد مؤلفو التقرير أيضاً أن التزام الدول باستخدام الطاقة النظيفة لم يسهم في ارتفاع أسعار الطاقة، وأن ازدياد استخدام الطاقة المتجددة يرتبط بانخفاض أسعار الطاقة الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، وجد المؤلفون أن كلاً من الاستهلاك الأكثر كفاءة للطاقة واستخدام الطاقة الكهربائية للتدفئة ساعد بعض العملاء على توفير الأموال؛ على الرغم من أن أثرهما ليس واسع الانتشار. يقول مؤلفو التقرير: “يقع العبء الأكبر على عاتق الأسر الأكثر فقراً والتي تنفق النسبة الأكبر من دخولها على الطاقة”.

وفقاً للتقرير، تتمثّل إحدى تبعات الاستثمارات المخطط لها في قطاع الطاقة الخضراء كاستجابة للأزمة الحالية في أن السياسات الحكومية ستؤدي إلى ارتفاع الطلب على الوقود الأحفوري الملوِّث ليصل إلى مستواه الأقصى بحلول عام 2025. وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى كل من اتفاقية خفض الانبعاثات الخاصة بالاتحاد الأوروبي وقانون خفض التضخم الأميركي وبرنامج التحول الأخضر الياباني وأهداف برامج الطاقة النظيفة الطموحة في بلدان مثل الهند والصين وغيرها باعتبارها آليات استجابات بارزة لأزمة الطاقة.

قال بيرول في بيان صحفي: “تغيرت أسواق قطاع الطاقة وسياساته نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا. ولن يقتصر هذا التغيير على هذه الفترة فحسب، بل إنه سيستمر لعقود في المستقبل”، وأضاف: “نحن نشهد نقلة نوعية في العالم، حتى على ضوء السياسات الحالية. تبيّن الاستجابات الحالية للحكومات في جميع أنحاء العالم أننا نمر بنقطة تحول تاريخية وحاسمة تجاه تطبيق نظام لتوليد الطاقة يتسّم بأنه أكثر رفقاً بالبيئة وأكثر أماناً وميسور التكلفة أكثر”.

اقرأ أيضاً: ما الذي يمنعنا من توسيع نطاق توليد الطاقة الحيوية؟

خسارة تريليونات الدولارات في قطاع الوقود الأحفوري الروسي

وفقاً للتقرير الجديد، ستخسر روسيا نتيجة لهذه الاستثمارات الآخذة في الانتشار ما مقداره تريليون دولار من عائدات الوقود الأحفوري بحلول عام 2030. قال بيرول أيضاً إن “دور روسيا في شؤون الطاقة الدولية سيتضاءل بقدر كبير” مع تراجع اعتماد العالم على حرق غاز الميثان لتوليد الكهرباء، وهي دولة كانت في السابق من بين أكبر مصدري الوقود الأحفوري في العالم.

يبيّن التقرير أيضاً أن التكنولوجيات الأكثر رفقاً بالبيئة أصبحت الآن أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية، وأنها ستسهم بشكل كبير في تأمين الطاقة للبشر في المستقبل. مع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى الاستثمار مالياً بشكل أكبر في قطاع الطاقة النظيفة لتحقيق الأهداف المحددة؛ إذ أن هناك حاجة لرفع الاستثمارات بمقدار يبلغ 4 تريليونات دولار بحلول عام 2050 للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري. يسلّط التقرير الضوء أيضاً على الحاجة إلى جذب المزيد من المستثمرين إلى قطاع الطاقة النظيفة.

قال بيرول: “في خضم التغيّرات الكبيرة التي تحدث الآن، هناك حاجة لوضع نموذج جديد لأمن الطاقة بهدف ضمان فاعلية مصادر الطاقة المتجددة وجعلها ميسورة التكلفة مع تقليل الانبعاثات بنفس الوقت”، وأضاف: “مع تجاوز العالم أزمة الطاقة الحالية، يجب على الدول أن تتجنّب المشكلات المستقبلية التي قد تنشأ من ارتفاع أسعار المعادن المهمة المتقلبة أو الاعتماد على بعض الدول كمصادر وحيدة لسلاسل إمداد الطاقة النظيفة”.