تعرف على الآثار المتوقعة لتوسع استخدام إضاءة الليد على سلوك الكائنات الحية

تعرف على الآثار المتوقعة لتوسع استخدام إضاءة الليد على سلوك الكائنات الحية
أصبح التحول من اللون الأصفر إلى الأزرق مرئياً من محطة الفضاء الدولية مع اعتماد المزيد من المدن الأوروبية لمصابيح الليد. بيكساباي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يؤدي ترك الأضواء ليلاً إلى صعوبة النوم، وقد يعرّض صحتنا والأنظمة البيئية المحلية للخطر. أعادت دراسة جديدة نُشرت بتاريخ 14 سبتمبر 2022 في مجلة ساينس أدفانسيس “Science Advances” النظر في التلوث الضوئي الليلي في أوروبا واكتشفت زيادة في الأضواء الاصطناعية الزرقاء في جميع أنحاء القارة. وعلى الرغم من  أن تقنية مصابيح الليد يمكن أن تساعد في إنارة الشوارع والطرق ذات الإضاءة الضعيفة، يحذّر مؤلفو الدراسة من أن الكميات الكبيرة للانبعاثات الناتجة عن الضوء الأزرق يمكن أن تغيّر الدورات الليلية الطبيعية للإنسان والحيوان.

الضوء الصناعي يغير سلوك الحيوانات

يقول أليخاندرو سانشيز دي ميغيل، مؤلف الدراسة الرئيسي، إن أحد أكبر المخاطر التي يعرّض لها الضوء الاصطناعي هو طريقة تغييره لسلوك الحيوانات. يقول سانشيز دي ميغيل، عالم الفيزياء الفلكية الذي يدرس التلوث الضوئي بجامعة إكسيتر في المملكة المتحدة: “في كثير من الأحيان يكون الليل هو الوقت المناسب لتناول الطعام أو التلقيح أو التنقل أو التعشيش أو الراحة، وكل هذه العمليات تتأثر بالضوء الاصطناعي”. يمكن أن تسبب مصادر الضوء هذه ضرراً من خلال “تعريض الحيوانات أحياناً للحيوانات المفترسة، وأحياناً أخرى عن طريق العبث بحالتها الفسيولوجية”، على حد قوله.

في السابق، لم يتعقب العلماء الضوء الصناعي إلا في مناطق صغيرة نظراً لصعوبة مسح مناطق أوسع. إضافة إلى ذلك، استخدمت دراسات أخرى الأقمار الصناعية لتقديم صور بانكروماتية- صور رمادية متدرجة تضم حزماً حمراء وزرقاء وخضراء للحصول على دقة عالية- لكنها لا تترك أي معلومات عن أطوال موجية محددة. تجاوز الفريق هذه المشكلة باستخدام الصور التي التقطها رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية بواسطة الكاميرات الرقمية. يقول سانشيز دي ميغيل: “إنها مصدر بيانات معقد، لكنها حالياً المصدر الوحيد المتاح للجميع ويمكن أن تكون أكثر دقة بما يصل إلى 150 مرة من القمر الصناعي الأكثر شهرة”.

تغيرات في المشهد الضوئي الأوروبي

من خلال جمع هذه الصور، تمكّن مؤلفو الدراسة من رسم خريطة للطيف الضوئي في أوروبا بين عامي 2012 و2013 و2014 إلى 2020. مقارنة ببداية العقد، لاحظ مؤلفو الدراسة تحولاً من إضاءة الصوديوم عالية الضغط- الأضواء ذات الوهج الأصفر الدافئ الذي يستخدم غالباً في الطرق ومواقف السيارات- إلى مصابيح ليد بيضاء عريضة. أظهرت الخريطة الطيفية للدراسة اختلاف الانتقال إلى المصابيح البيضاء حسب البلد. أظهرت إيطاليا وأيرلندا والمملكة المتحدة أكبر تحول نحو انبعاثات الضوء الأزرق، بينما كان التغيير في ألمانيا وبلجيكا بدرجة أقل.

صورة من محطة الفضاء الدولية لأوروبا في الليل
خريطة ملونة لأوروبا ليلاً من 2014 إلى 2020، تم تصويرها بواسطة محطة الفضاء الدولية. سانشيز دي ميغيل وآخرون.

تتجه المدن نحو مصابيح الليد لتوفير مزيد من السطوع للسماء المظلمة أكثر من اللون الأصفر أحادي اللون من مصابيح الصوديوم عالية الضغط. يشير مؤلفو الدراسة إلى فائدة أخرى وهي تسويق مصابيح الليد كبديل موفر للطاقة. وعلى الرغم من ذلك، تظهر النتائج أن مصابيح الليد تطلق المزيد من انبعاثات الضوء الأزرق. الضوء الأزرق له موجات أقصر (تتراوح من 450 إلى 495 نانومتر) توفر طاقة أكثر ولوناً أكثر برودة من الموجات الأطول الأخرى، مثل موجات الضوء الأحمر. غالباً ما نتعرض للضوء الأزرق على أجهزتنا الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والتلفاز.

يقول مدير معهد طب النوم في مستشفى جامعة ستاتن آيلاند،توماس كيلكيني، والذي لم يكن مشاركاً في الدراسة، إن التعرّض للضوء الأزرق يمكن أن يسبب اضطراب النوم عن طريق تثبيط إنتاج الميلاتونين. “وهو الهرمون الذي يجعلك تشعر بالنعاس. ويحفّزه الظلام عادةً قبل النوم مباشرةً”. ولكن يقوم الضوء الأزرق بخداع عقلك ويجعله يعتقد أن هذا الضوء هو ضوء النهار، ما يبقيك مستيقظاً ويطيل الوقت الذي يستغرقه عقلك للنوم.

نواحٍ إيجابية وأخرى سلبية للضوء الأزرق

من الناحية الإيجابية، “قد يجعل الضوء الأزرق في مصابيح الشوارع الناس أكثر يقظة في أثناء القيادة ويقلل من الحوادث”، كما يشير كيلكيني. ويضيف أنه على الجانب السلبي، قد تكون له أيضاً عواقب غير محسوبة تتمثل في زيادة نسبة الأرق بين السكان. “إن الحرمان من النوم هو بالفعل مشكلة رئيسية في المجتمع وقد يؤدي في حد ذاته إلى المزيد من حوادث المرور والأمراض وحالات الاكتئاب وضياع الوقت في العمل”.

أعاد المؤلفون أيضاً النظر في الدراسات البحثية السابقة ووجدوا أن الأضواء الليلية الاصطناعية قد تفسّر التغيّرات في مستويات الميلاتونين البشري، ورؤية النجوم، وكذلك سلوك الخفافيش والحشرات. كما يحذّر سانشيز دي ميغيل: “لا يتم استخدام مصابيح الليد بطريقة مستدامة، كما أنها لا تقلل من التلوث الضوئي. في ظل أزمة الطاقة كما هو الحال الآن، يجب أن نتذكر أن تلوث الضوء هو أحد ملوثات الهواء الطبيعي كما أنه هدر للطاقة”.

وفقاً لمؤلفي البحث، تعد هذه الدراسة إحدى الدراسات الأولى التي مسحت مجموعة كاملة من مصابيح الليد في أرجاء القارة الأوروبية ليلاً. يوضح سانشيز دي ميغيل أنهم يعملون حالياً على محاولة أتمتة بعض العمليات المتضمنة في رسم الخرائط بهدف إنشاء خريطة للعالم توضح المخاطر البيئية المرتبطة بالإضاءة الاصطناعية في كل أنحاء الكوكب.