ما مدى خطورة حدوث التسربات النفطية في ساحل قطر؟

ما مدى خطورة حدوث التسربات النفطية في ساحل قطر؟
خط إمداد للغاز الطبيعي. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عانت سوق الطاقة العالمية من مشكلات كثيرة في السنتين الأخيرتين. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، ينتعش الاقتصاد العالمي بسرعة حالياً بعد أن تسببت عمليات الإغلاق خلال جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية في ارتفاعات هائلة بأسعار الغاز الطبيعي، وفي ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوياتها منذ عام 2008 خلال عام 2022.

منطقة التعرضية العالية في قطر

تنتج 3 مواقع في قطر أكثر من 20% من صادرات الغاز الطبيعي المُسال العالمية. وفقاً لدراسة جديدة، تجب مراقبة هذه المواقع عن كثب بشكل خاص، وذلك لأن حدوث تسرب نفطي فيها يمكن أن يؤدي إلى أزمة طاقية أكثر خطورة بكثير من سابقاتها.

اقرأ أيضاً: يوم الأرض: تعرف على خطر النفايات البلاستيكية والنفطية على البيئة البحرية

نُشرت هذه الدراسة التي أجراها فريق دولي من الباحثين بتاريخ 12 يناير/كانون الثاني 2023 في مجلة نيتشر ستابيليتي (Nature Sustainability)، وهي تحدد ما أطلق عليه المؤلفون اسم “منطقة التعرضية العالية” في شبه الجزيرة القطرية، حيث يمكن أن يؤدي تسرب نفطي واحد إلى إغلاق منشآت تصدير الغاز المسال ومحطات تحلية مياه البحر الساحلية لبضعة أيام.

استخدم الفريق لتحديد المناطق البحرية المعرضة للخطر في شبه جزيرة قطر طرق النمذجة الرقمية المتطورة للربط بين البيانات التي تم جمعها على مدى السنوات الخمس الماضية، والمتعلقة بعمليات نقل البيانات الملاحية والتيارات الهوائية في الغلاف الجوي والتيارات المحيطية والأمواج والخرائط الطبوغرافية لقاع البحر.

تسرب نفطي واحد يمكن أن يسبب أزمات خطيرة

وجد الباحثون أن إيقاف نشاط هذه المنشآت نتيجة لتسرب نفطي في أكثر المناطق المعرضة للخطر سيتسبب في تعطّل سلسلة توريد الغاز الطبيعي العالمية دون شك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب ذلك في نقص كبير بالمياه في قطر، والتي تعتبر إحدى أكثر البلدان المعرضة لخطر ندرة المياه في العالم. طبقت قطر تكنولوجيا تحلية المياه لحل مشكلة مخزونها المحدود من المياه الجوفية وتوفير المياه لسكانها المتزايدين. لكن هذه العمليات تستهلك كمية هائلة من الطاقة.

An oil spill on this fuel-rich coast could be a supply chain catastrophe
صورة مقرّبة للبنى التحتية الخاصة بتحلية مياه البحر وتصدير الغاز الطبيعي المسال في قطر. المصدر: توماس أنسيلين، عصام حجي، توماس دوبيلاري وإيمانويل هانيرت. وفقاً لمؤلفي الدراسة الجديدة، فإن إدراك مدى خطورة حدوث التسرب في هذه المناطق هو أمر بالغ الضرورة، خصوصاً لأنه من المتوقع أن تزداد قدرة قطر على التصدير بنسبة 64% تقريباً خلال السنوات الخمس المقبلة.

لذلك، سيبقى ميناء التصدير هذا مركزاً أساسياً في سلسلة التوريد الخاصة بقطاع الطاقة العالمي. يعتبر ازدياد عدد حوادث الناقلات النفطية في الخليج العربي مصدر قلق آخر، وذلك لأن هذه الحوادث قد تؤثر في البنى التحتية الساحلية، مثل محطات تحلية مياه البحر بالغة الأهمية.

اقرأ أيضاً: صور من داخل أكبر محطة لتحلية المياه في دبي

يعتبر مرور الناقلات النفطية في المناطق ذات التعرضية العالية (وليس وجود منصات النفط في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة القطرية)، والتي تحمل كل منها ما يكفي من مصادر الطاقة لتدفئة مدينة لندن لأسبوع واحد، السبب الرئيسي لتسربات النفط المحتملة. وجدت الدراسة الجديدة أنه سيكون لدى قطر فترة تمتد بضعة أيام فقط لاحتواء النفط المتسرب قبل أن يصل إلى منشأة تصدير الغاز المسال الأساسية ومحطة تحلية المياه. من شأن تعطل محطة تحلية المياه أو إغلاقها بشكل كامل لمدة يوم واحد فقط أن يدفع قطر للاعتماد مجبَرة على مخزونها الاحتياطي المحدود من المياه الجوفية، كما أنه سيتسبب في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال.

لمنع حدوث ذلك، اقترح مؤلفو الدراسة تعزيز عمليات الاستشعار عن بعد في المناطق ذات التعرضية العالية، والتي تتم باستخدام الأقمار الاصطناعية والطائرات، بهدف كشف حوادث التسرب باكراً وتتبع انتشار النفط المتسرب.

التقليل من شأن عوامل التعرضية الحالية للمخاطر البيئية في الشرق الأوسط

يحاجج مؤلفو الدراسة بأن التعرضية الحالية للمخاطر البيئية في الشرق الأوسط هي من العوامل التي يتم التقليل من شأنها بشكل كبير. تم تصنيف المخاطر التي تتعرض لها الموارد المائية والناجمة عن التغير المناخي كأكبر تهديد تواجهه الدول العربية في تقرير البارومتر العربي الأحدث، وهو مسح شمل 26 ألف شخص من 12 دولة أجري في الفترة بين شهري أكتوبر/تشرين الأول 2021 ويوليو/تموز 2022.

اقرأ أيضاً: خط أنابيب كيستون يقوم بتسريب أكثر من سبعمائة ألف لتر من النفط

قال الباحث في مركز أبحاث المناخ الجاف والمياه التابع لجامعة جنوب كاليفورنيا والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، عصام حجي (Essam Heggy)، في بيان صحفي: “مثّل الاحتواء العالمي لتسربات النفط تحدياً كبيراً منذ زمن طويل. ولكنه يعتبر أكثر صعوبة في المياه الضحلة للخليج العربي، فعند إجراء أي تدخّل يجب الأخذ بعين الاعتبار وجود التيارات الدائرية وظروف التشغيل القاسية ووجود الأنظمة البيئية شديدة الحساسية التي يعتمد عليها 3 ملايين إنسان للحصول على مياه الشرب”، وأضاف: “أتمنى أن يتم تخصيص الموارد بجدية لحل هذه المشكلة”.