ما العوامل التي أسهمت في إنجاح استعادة الغابات؟

ما العوامل التي أسهمت في إنجاح استعادة الغابات؟
تسهم إزالة الغابات في نحو 20% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية سنوياً. بيكسلز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

فقد كوكب الأرض منذ عام 1990 نحو 420 مليون هكتار من الغابات، أي ما يعادل ضعف مساحة غرينلاند تقريباً.

غالباً ما يتم قطع الأشجار بهدف التوسع في الأنشطة الزراعية، ما يعني تحويل الغابات إلى أراضٍ زراعية ومناطق لرعي الماشية. أسهمت إزالة الغابات في نحو 20% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية سنوياً، ما يضعها في رأس قائمة المتسببين في التغيّر المناخي، ويفسّر ذلك ضرورة القيام بعمليات إعادة التحريج والاستعادة المتعمدة للغطاء النباتي الغابي التي تحدث بشكلٍ طبيعي.

اقرأ أيضاً: دراسة ترصد خسائر العالم في فقدان الأشجار المُعمرة  

أهمية استعادة الغابات في كبح التغير المناخي

تقول عالمة البيئة الإحصائية في مركز المملكة المتحدة للبيئة والهيدرولوجيا في إنجلترا، ليندسي بانين: «بالإضافة إلى تقليلها الانبعاثات بشكل مباشر، تعد استعادة الغابات إحدى الأدوات الرئيسية المتاحة أمامنا للمساعدة في التقليل من غازات الدفيئة الزائدة في الغلاف الجوي عن طريق احتجاز الكربون في الكتلة الحية النباتية. للغابة قدرة هائلة على تخزين الكربون لأن الأشجار تمتص الكربون من الغلاف الجوي في أثناء نموها وتخزنه في الخشب والمادة النباتية».

وتقول بانين إن استعادة الغابات تدعم التنوع البيولوجي، ليس فقط للنباتات والأشجار، بل وأيضاً للأنواع الحية الأخرى من خلال توفير موائل إضافية لها. وتشير إلى أن لاستعادة الغابات دوراً في تنظيم المناخ المحلي والإقليمي ودورة المياه، حيث تساعد في التقليل من الآثار المرتبطة بالمناخ على دورات المياه في الأحواض المائية وحماية المجتمعات الساحلية من أحداث العواصف.

اقرأ أيضاً: بعض الأشجار يمكن أن تؤدي إلى تفاقم موجات الجفاف

لكن جهود إعادة التحريج قد تفشل في بعض الأحيان. فقد وجدت دراسة أجريت عام 2017، تناولت مبادرات زراعة أشجار المانغروف في سريلانكا، أنه لم تنجُ شجرة واحدة في 9 مواقع من أصل 23 موقعاً للمشروع. نظراً لأن استعادة الغابات تؤدي دوراً كبيراً في التخفيف من تغيّر المناخ، من الضروري جداً دراسة ظروف بقاء النباتات على المدى الطويل وفهم كيف يمكن تحقيق نتائج إيجابية لعملية الاستعادة.

في دراسة جديدة نُشرت نتائجها في مجلة ” فيلوسوفيكال ترانزاكشنز أوف ذا رويال سوسايتي ب”، قيمت بينان والمؤلفون المشاركون 176 موقعاً لاستعادة الغابات في آسيا الاستوائية وشبه الاستوائية لدراسة بقاء الأشجار ونموها.

كيف يمكن مساعدة الأشجار على البقاء؟

تقول بانين: «تتمتع الغابات في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية بالقدرة على النمو وعزل الكربون بسرعة لأنها تنمو على المدى الطويل وعلى مدار العام». وتضيف: «بعد أن تنمو الغابات في المناطق الاستوائية بشكل كافٍ، يمكنها تخزين كميات كبيرة من الكربون على شكل مادة حية. لقد عانت الغابات في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في آسيا من التدهور وتم تحويل قسم كبير منها إلى أراضٍ زراعية على مدار القرن الماضي، لذلك هناك فرصة الآن لاستعادة الغابات (وإجراء الأبحاث) في المنطقة».

وفقاً للدراسة، بلغ متوسط معدل موت الغراس المزروعة نحو 18% خلال العام الأول من نموها، ويرتفع إلى 44% بعد 5 سنوات من زراعتها. وبشكل عام، تختلف معدلات البقاء عادة من موقع لآخر وحسب نوع الأشجار. تقول بانين في هذا الصدد: «أظهرت دراستنا أن بعض التباين في نجاح الاستعادة الذي لاحظناه يعود إلى ظروف الموائل في موقع الزراعة. فقد كان معدل البقاء للأشجار أعلى في المتوسط بنحو 20% إذا ما كانت هناك أشجار متبقية في الموقع مقارنة بالمواقع التي كانت متدهورة وخالية من الأشجار».

قد تكون جهود الاستعادة أقل نجاحاً في المناطق ذات الغطاء الشجري القليل أو المعدوم نظراً لأن الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للتربة ربما تغيرت بشكل كبير بسبب الأنشطة السابقة التي تعرضت إليها مثل إزالة الغطاء النباتي بالكامل أو بشكل انتقائي والزراعة والحرائق ونشاطات التعدين. وبالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك منافسة متزايدة على المكان والغذاء من الحشائش والأعشاب وحتى السراخس.

من ناحية أخرى، فإن زراعة الغراس بالقرب من الأشجار الناضجة تزيد فرصتها في البقاء لأن نظامها الجذري يستفيد من وجود الفطريات التي تتبادل معها المنفعة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز نموها وبقاءها.

اقرأ أيضاً: بإمكان الأشجار المزيفة مساعدة البشر على مكافحة تغير المناخ

يؤدي طول الغراس عند زراعتها أيضاً دوراً في بقائها في المرحلة الأولى من نموها، لا سيما في المواقع المتدهورة، حيث تظهر البيانات أن الغراس الأكبر تميل إلى تحمل الضغوط البيئية بشكلٍ أفضل. وقد وجد المؤلفون أيضاً أن الاستعادة النشطة، والتي تنطوي على المساهمة في استعادة النظام البيئي المتدهور عن طريق أنشطة غرس الأشجار على سبيل المثال، يمكن أن تساعد في استعادة الغطاء الغابي في الموقع بشكلٍ أسرع مما لو ترك يتجدد بشكل طبيعي من تلقاء نفسه.

في حين أن الدراسة تحدد بعض العوامل التي يمكن أن تساعد في تحقيق نتائج إيجابية من عملية إعادة التحريج، من الضروري الإشارة إلى أن هذه العوامل تختلف من موقع لآخر. وفقاً لبانين، لم يبدُ أن اختلاف النتائج من موقع لآخر يعود إلى عوامل بيئية واسعة النطاق، مثل معدلات هطول الأمطار، وبالتالي ربما تعود هذه الاختلافات إلى متغيرات بيئية لم تتمكن الدراسة من لحظها، مثل الجفاف أو ظروف التربة أو وجود الأعشاب الضارة والأنواع المنافسة، بالإضافة إلى إجراءات الاستعادة مثل الأنواع التي تم استخدامها وممارسات الصيانة.

توفر الدراسة بشكلٍ عام أساساً يمكن البناء عليه في الأبحاث المستقبلية التي تدرس ممارسات الاستعادة، والتي قد تساعد في تعزيز النتائج الناجحة. تقول بانين: «يمكن لاستعادة الغابات أن تنجح، ولكن يجب علينا أولاً تحديد العوائق والتحديات المشتركة ووضع الحلول لها لضمان نجاحها».