الكويكب المتسبب في انقراض الديناصورات أحدث موجات التسونامي الأكبر على الأرض

الكويكب المتسبب في انقراض الديناصورات أحدث موجات التسونامي الأكبر على الأرض
رسم توضيحي للكويكب الذي تسبب بانقراض الديناصورات. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تقع فوهة تشيكسولوب الصدمية قبالة الساحل الغربي لشبه جزيرة يوكاتان المكسيكية، وهي بعمق 12 ميلاً، وعرض 6.2 ميل. يبلغ عمر الحفرة التي شكّلها اصطدام كويكب بالأرض 66 مليون عام، وقد أدى هذا الاصطدام إلى القضاء على الديناصورات وفناء نحو 75% من الكائنات الحية على الأرض. لكن الأدلّة الجديدة تُظهر أن الاصطدام كان مدمّراً أكثر مما هو متوقع.

أظهرت دراسة نُشرت بتاريخ 4 تشرين الأول/ أكتوبر في مجلة “أيه جي يو أدفانسز” (AGU Advances) حدوث موجات تسونامي رهيبة يبلغ ارتفاعها ميلاً وصلت إلى قاع المحيط على بُعد آلاف الأميال من موقع الاصطدام في المكسيك. وقد قام فريق من الباحثين بإنشاء أول محاكاة عالمية لإعصار تسونامي الناجم عن اصطدام تشيكسولوب ليتم نشرها في مجلة علمية محكّمة ومراجعة السجلات الجيولوجية في أكثر من 100 موقع حول العالم لتحديد مسار التسونامي وقوته.

إعصار يجتاح محيطات الكرة الأرضية

قالت المؤلفة الرئيسية التي أجرت دراسة النمذجة لرسالة الماجستير في جامعة ميشيغان، مولي رينج، في بيان صحفي: “كان هذا الإعصار قوياً بما يكفي لنقل وتآكل الرواسب في أحواض المحيطات في نصف الكرة الأرضية، تاركاً إما فجوة في الطبقات الرسوبية وإما خليطاً من الرواسب القديمة”.

ويقدر الفريق أن إعصار تسونامي الناجم عن اصطدام تشيكسولوب كان أقوى بمقدار 30 ألف مرة من الإعصار الذي ضرب المحيط الهندي عام 2004 وتسبب بكارثة مدمرة أودت بحياة أكثر من 230 ألف شخص وكانت واحدة من أكبر زلازل تسونامي في العصر الحديث.

لتحديد مدى قوة إعصار التسونامي، قام الفريق بتحليل السجلات المنشورة لـ 165 قسماً من الحدود البحرية، أو الرواسب البحرية في الطبقات الجيولوجية التي ترسبت في وقت قريب من اصطدام الكويكب بالأرض، بالإضافة إلى عينات من بقايا الرواسب. تعتبر هذه العينات بمثابة خط زمني أرضي يمكن للعلماء استخدامه لتحليل الطبقات والصخور والرمل والجليد لفهم الشكل الذي كانت عليه الأرض منذ ملايين السنين بشكل أفضل.

تشير حدود العصر الطباشيري- الباليوجيني (التي تسمى أيضاً حدود الانقراض الطباشيري- الثالث) إلى وقت اصطدام الكويكب الذي أدى بدوره إلى إنهاء العصر الطباشيري. وقد وجد العلماء من خلال الرواسب في هذه المقاطع الحدودية، أن تأثير تسونامي وصل بشكل رئيسي إلى الشرق والشمال الشرقي (في شمال المحيط الأطلسي)، ثم امتد لاحقاً إلى الجنوب الغربي عبر الممر البحري لأميركا الوسطى والذي كان يفصل بين قارتي أميركا الشمالية والجنوبية. كما وصل إلى جنوب المحيط الهادئ.

قالت رينج: “إن توزع التعرية والفجوات التي لاحظناها في أعلى الرواسب البحرية الطباشيرية يتوافق مع نتائج نموذجنا، ما يمنحنا مزيداً من الثقة في تنبؤات النموذج”.

كما استخدم المؤلفون أيضاً رواسب المقطع الحدودي لتحديد سرعة التيارات تحت الماء في تلك الأحواض. وقد بلغت سرعة التيار 0.4 ميل في الساعة (20 سم في الثانية) تقريباً في بعض المواقع المجاورة، وهي سرعة قوية بما يكفي لتآكل الرواسب الدقيقة في قاع البحر. وبالمقارنة، يبدو أن جنوب المحيط الأطلسي، وشمال المحيط الهادئ، والمحيط الهندي، وما يعرف اليوم بمنطقة البحر الأبيض المتوسط ​​كانت محميّة إلى حد كبير من أقوى تأثيرات تسونامي.

لقد تم العثور على نتوءات لحدود العصر الطباشيري على الشواطئ الشرقية لجزر نيوزيلندا الشمالية والجنوبية، على بُعد أكثر من 7500 ميل (12.000 كم) من موقع الحفرة الصدمية. وأضافت رينج: “نشعر بأن هذه الرواسب تتضمن آثار إعصار تسونامي الناجم عن الاصطدام، وربما يكون هذا هو التأكيد الأكثر وضوحاً على الأهمية العالمية لهذا الحدث”.

أقصى انتشار لموجات تسونامي بعد اصطدام الكويكب قبل 66 مليون سنة. حقوق الصورة: من رينج وآخرين في مجلة “إيه جي يو أدفانسز” (AGU Advances)، 2022.

نمذجة حدث الانقراض الجماعي

لإنشاء نموذج حاسوبي لحدث الانقراض الجماعي، قام برنامج كمبيوتر كبير يسمى الكود المائي بمحاكاة الدقائق العشر الأولى من حادث الانقراض. تم تصميم الكويكب في المحاكاة بعد دراسات سابقة بيّنت أن قطر الصخرة الفضائية التي أدت إلى إبادة الديناصورات يبلغ 8.7 ميل وتتحرك بسرعة 27.000 ميل في الساعة، وبعد اصطدام الكويكب بقشرة الأرض تحت مياه المحيط الضحلة، أحدث حفرة بعرض 62 ميلاً (100 كيلومتر) نتجت عنها سحب كثيفة من الدخان والغبار في الغلاف الجوي.

وفقاً للمحاكاة، شكلت المواد المقذوفة موجة عالية يصل ارتفاعها إلى 2.8 ميل (4.5 كم) بعد دقيقتين ونصف من الاصطدام، ثم انحسرت هذه الموجة عندما سقطت المواد مرة أخرى على الأرض. بعد عشر دقائق من إصابة المواد المقذوفة لشبه جزيرة يوكاتان، بدأت موجة تسونامي التي يبلغ ارتفاعها 0.93 ميل (1.5 كيلومتر) تنتقل عبر المحيط في جميع الاتجاهات.

تم إدخال هذه المحاكاة التي تبلغ مدتها 10 دقائق في نموذجين لانتشار تسونامي (يطلق عليهما MOM6 و MOST) تستخدمهما الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) لتتبع هذه الأمواج الهائلة وفهما. قال عالِم المحيطات القديمة بجامعة ميشيغان، والمؤلف المشارك في الدراسة، تيد مور، في بيان صحفي: “إن النتيجة العظيمة هنا هي أن نموذجين عالميين بصيغ مختلفة أعطيا نتائج متطابقة تقريباً، والبيانات الجيولوجية في جميع الأقسام متوافقة مع تلك النتائج”. “تتطابق النماذج وبيانات التحقق بشكل جيد”.

عكست المحاكاة النتائج الجيولوجية، حيث أظهرت أنه بعد نحو ساعة واحدة من الاصطدام، انتشرت الموجة خارج خليج المكسيك وفي شمال المحيط الأطلسي. وبعد 4 ساعات من الاصطدام، مر تسونامي عبر الممر البحري لأميركا الوسطى إلى المحيط الهادئ، ومع نهاية اليوم الأول، عبرت الأمواج معظم المحيط الهادئ ودخلت المحيط الهندي من كل جانب. وبعد 48 ساعة من الاصطدام، وصلت موجات تسونامي الكبيرة إلى معظم السواحل في العالم.

يقول المؤلفون: “اعتماداً على هندسة الساحل وحركة الأمواج المتقدمة، ستغرق معظم المناطق الساحلية وتتآكل إلى حد ما”. “تعتبر موجات تسونامي الموثّقة تاريخياً ضئيلة مقارنة بهذا الاصطدام الكويكبي”.