كيف تؤثر البراكين على سطح الأرض؟

كيف تؤثر البراكين على سطح الأرض؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ DanielFreyr
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

البركان هو تكوين جيولوجي له شكل مخروطي بأعلاه فوهة تُقذف منها الحمم والغازات والرماد البركاني. كانت له أهمية كبرى في بدء الحياة على كوكب الأرض، إذ أدى انفجار البراكين مختلفة الأحجام على فترات زمنية طويلة إلى إحداث تغييرات مختلفة على الغلاف الجوي للأرض والطقس. ولا تزال البراكين حتى يومنا هذا تؤثر على سطح الأرض وطبيعتها ومحيطاتها وغلافها الجوي ومحيطها الحيوي.

لكن بدايةً، وقبل الحديث عن تأثير البراكين على الأرض، يجب أن تعلم أنه عندما يثور البركان يقذف مكونات باطن الأرض نحو السطح مثل الصخور والحمم البركانية الساخنة والغبار على شكل انفجارات بركانية. وجزيئات الصخور التي تشبه المسحوق التي تتشكل مع الانفجارات تُسمى الغبار البركاني الذي تتجلى خطورته عندما تنفجر كميات كبيرة من الرماد البركاني والصخور.

تأثير البراكين على البشر

تؤثر الانفجارات البركانية على البشر على نحو سيئ حقاً، فبالإضافة إلى تدمير المنازل والطرق والمدن، تسبب أيضاً الحروق والأمراض المعدية وأمراض الجهاز التنفسي. 

تأثير البراكين على سطح الأرض والمناظر الطبيعية

تغيّر الانفجارات البركانية المشهد الطبيعي في المكان الذي تثور فيه كثيراً بسبب تدفقات الحمم البركانية في المكان وترسبها في الأماكن التي تمر من خلالها، وبذلك فهي تقضي على الحيوانات والغطاء النباتي، وتغيّر الطبيعة الكيميائية والفيزيائية للسطح، مثل تغيير مسامية التربة ونفاذيتها.

لا تنتهي المخاطر حتى بعد توقف ثوران البركان وتوقف تدفق الحمم البركانية، وتستمر حتى أشهر وربما عقود من ثوران البركان، فقد تنهار البحيرات التي غطتها المواد البركانية بعد سنوات، وقد يحدث ذلك بعد هطول الأمطار، ومن الممكن إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون فجأة من البحيرات البركانية.

إن هذه التغييرات في المناظر الطبيعية تزيد من احتمال حدوث الفيضانات، ونقل الرواسب البركانية إلى أماكن أبعد، وقد تنقل الرياح الرماد البركاني المتشكل في الرواسب باتجاه معاكس نحو البركان فيما يُعرف بإعادة التعبئة، وهذا ما يحصل في المناطق البركانية النشطة تاريخياً. لعملية إعادة التعبئة هذه تأثيرها السلبي على تعافي النظام البيئي، الذي تستمر فيه التعرية وإعادة ترسيب المواد السطحية السائبة، وإعادة ترتيب أنظمة الصرف، ومعاودة نمو النباتات المختلفة وعودة الحيوانات. 

تأثير البراكين على الغلاف المائي 

على عكس التغييرات على النظم البيئية السطحية، يصعب ملاحظة التغييرات التي تحدثها الانفجارات البركانية في الغلاف المائي، فهي تؤثر على النُظم الحرارية المائية المهمة لتوليد الطاقة، وتؤدي إلى تغييرات في أنظمة المياه الصخرية والمياه الجوفية تصعب ملاحظتها.

ويمكن أيضاً أن يتسرب غاز ثاني أوكسيد الكربون الموجود في الصهارة ببطء إلى البحيرات البركانية، ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار فجأة وإطلاق أعمدة غاز كثيفة مميتة.

تحت السطح، يمكن أن تولد أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية الصخرية طاقة حرارية أرضية وتكوين رواسب خام توفر نحو 75% من النحاس في العالم، و50% من الموليبدنوم، و20% من الذهب، والعديد من المعادن التي تدعم صناعة التكنولوجيات الحديثة، بالإضافة إلى المحاليل الملحية الحاملة للمعادن المطلوبة، أمّا خام النحاس فيترسب عندما تتفاعل هذه المحاليل الملحية مع الغازات الغنية بالكبريت المنبعثة من النظام المنصهر الأساسي. 

اقرأ أيضاً: بركان تونغا يسلّط الضوء على ضعف أنظمة المياه في العالم

تأثير البراكين على المحيطات

تؤثّر الانفجارات البركانية الكبيرة على محيطات الأرض أيضاً. يشكل الرماد البركاني مصدراً رئيسياً للعناصر المغذية، وأبرزها الحديد، ما يؤدي إلى تضاعف الكائنات الحية البحرية في المنطقة المتأثرة بالبركان.

تزداد درجة حموضة الماء بعد الانفجارات البركانية الضخمة وذلك بسبب الإضافة السريعة لثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت إلى الغلاف الجوي، يؤدي ذلك إلى انهيار شبه كامل للشعاب المرجانية. 

بالإضافة إلى ذلك، تتولد عن الانفجارات البركانية داخل المحيط وتدفقات الحمم موجات التسونامي، أو قد تحدث انهيارات جليدية.

تأثير البراكين على الغلاف الجوي والمناخ والطقس

تغذي الانفجارات البركانية الضخمة الغلاف الجوي بكل من غاز بخار الماء وثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت والهالوجينات خاصة في طبقة التروبوسفير العليا والستراتوسفير السفلى، وتستقر فيها جزيئات الهباء البركاني لسنوات، معيدة تركيب كيمياء الغلاف الجوي والمناخ، ما يسبب تأثيرات عالمية تختلف تبعاً لموقع البركان ممتدة لسنوات أيضاً.

تأثير ثاني أوكسيد الكربون 

تُنتج الانفجارات البركانية كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون (110 مليون طن)، مؤدية إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، على الرغم من أن كمياته المنبعثة من الأنشطة البشرية تفوق الكميات المنبعثة من البراكين بأضعاف (35 مليار طن).

تأثير ثاني أوكسيد الكبريت 

تقلل جزيئات الرماد الصغيرة من كمية ضوء الشمس التي تصل إلى سطح الأرض وتخفض درجات الحرارة العالمية. وبالمثل تعمل جزيئات غاز ثاني أوكسيد الكبريت التي تصل إلى طبقة الستراتوسفير على تبريد الأرض أيضاً لأنها تختلط بالماء، مشكّلةً رذاذ الكبريتات وهو قطرات صغيرة جداً تحتوي على حمض الكبريت مشكّلةً ما يشبه الضباب في الستراتوسفير، يؤدي إلى عكس الإشعاع الشمسي وتبريد الغلاف الجوي السفلي وسطح الأرض.

عندما ترتفع نسبة حمض الكبريت في الجو يهطل نحو الأرض على شكل مطر حامضي يسبب تآكل أي مادة يتلامس معها.

تأثير الهالوجينات

أما الهالوجينات (وهي مجموعة من العناصر الكيميائية من بينها الكلور والبروم) تتسبب في استنفاد كبير لطبقة الأوزون، وتُحدث فيها ثقوباً محلية في أماكن تجمعها.

أدى كلٌّ من تكوين رذاذ الكبريتات ونضوب الأوزون دوراً مهماً في المناخ على مدار تاريخ الأرض.

هطول الأمطار

تم ربط الانفجارات البركانية بانخفاض كبير ولكنه مؤقت في هطول الأمطار وتصريف الأنهار وحدوث الأعاصير المدارية في شمال الأطلسي، على الرغم من هطول كميات كبيرة من المطر في المنطقة التي يثور فيها البركان، مترافقة مع البرق والرعد أثناء الانفجار.

عندما تتلامس جزيئات الغبار البركاني مع قطرات المياه في الغلاف الجوي ينخفض الضغط ويؤدي إلى هطول الأمطار بغزارة. لا توقف هذه الأمطار الانفجارات البركانية، بل تتسرب عبر مسام الصخور البركانية وتزيد من الضغط داخلها، لتقليلها صلابة الصخور والسماح للصهارة بالارتفاع إلى السطح.