ما الذي يعنيه حدوث ظاهرة “لا نينيا” أخرى هذا الشتاء

هل سنشهد هطول الثلوج أم الأمطار؟
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبدو الأمر وكأننا كل عام على موعد مع الحديث عن ظاهرة إل نينيو ولا نينيا، ومع كل ذكر لهما تتصور أنهما ربما يتعلقان بارتفاع حرارة الطقس، في أماكن معينة فقط؟ لا تدري، وتعرف أنها تتأثر بالرياح، لكنك لست متأكداً تماماً أين وكيف ولماذا تحدث. هذا العام ستعرف معنى هاتين الظاهرتين، اربط حزام الأمان، اليوم أنت على وشك اكتشاف معنى ظاهرة لا نينيا، وستكون قادراً على أن تشرح لأحدهم الأمر كما لو كنت خبيراً به، كما ستفهم الطقس المحيط بك، حيث يفترض أن يشهد شتاء 2017-2018 ظاهرة لا نينيا.

تبدأ هذه الظاهرة كما بدأت الحياة نفسها: في المحيط 

يبدو المحيط الهادي وكأنه جسم مائي واحد عملاق، وهو كذلك فعلاً. ولكن ضمن هذه الكتلة الهائلة المتدفقة هناك الكثير من الاختلافات في درجة الحرارة. فالمستويات العليا تميل إلى أن تكون أكثر دفئاً، بفعل تسخين حرارة الشمس لها، في حين أن الأجزاء الدنيا تكون باردة على نحو متزايد.

إذا هبت الرياح القوية بما فيه الكفاية عبر السطح، فإنها تدفع الطبقة الدافئة بالاتجاه نفسه، لتحل محل الطبقة التي تليها. بإمكانك أن تشاهد مقطعاً متحركاً من خدمة المحيطات الوطنية لما يحدث هنا.
وتسمى هذه الرياح بالرياح التجارية (فهي ثابتة وتجري في أنماط يمكن التنبؤ بها، ولذلك استخدمتها السفن التجارية للإبحار بسرعة من بلد إلى آخر)، وفي المحيط الهادي، وعلى مقربة من خط الاستواء، تهب الرياح التجارية من الشرق إلى الغرب، وتنتقل المياه الدافئة نحو جزر الهند الشرقية، وترتفع مكانها المياه الباردة والعميقة بالقرب من الأميركيتين.

هذه البقعة الباردة من المحيط البارد هي ما تولِّد الطقس الخاص بظاهرة لا نينيا، لأن درجة حرارة سطح الجسم المائي لها تأثير كبير على هطول الأمطار المحلية، ويؤثر هذا بدوره على أنماط الرياح العالمية. ويعني مصطلح السنة الضعيفة أن التغير في درجة الحرارة يتراوح بين 0.5 و 1 درجة مئوية تحت المعدل. أما السنة المعتدلة فتكون أبرد بين 1 و 1.5 درجة مئوية، بينما يكون التغير في السنة القوية أي درجة أكبر مما سبق.

هطول الأمطار أو عدمه يحوِّل مسار التيارات النفاثة

يجعل المحيط البارد الهواء جافاً ومنخفضاً، وفي المقابل، يجعل المحيط الدافئ الهواء رطباً ومرتفعاً والذي يتحول بدوره إلى أمطار، وهذا يعني أنه ضمن ظروف ظاهرة لا نينيا، يحدث هطول الأمطار في جزر الهند الشرقية، في حين تكون مناطق المحيط الهادي في الولايات المتحدة أكثر برودة وجفافاً.

 

أنماط الطقس الخاصة بظاهرة لا نينيا
حقوق الصورة: الإدارة الوطنية للمحيط والغلاف الجوي

ويؤدي هذا التحول في هطول الأمطار إلى تراجع تدفق التيار النفاث القطبي باتجاه الولايات المتحدة، جالباً معه الهواء البارد. وستشهد الولايات الشمالية طقساً أشد برودة والمزيد من الأمطار أو الثلوج، وذلك اعتماداً على مدى قربها إلى حافة مسار التيار النفاث، وبما أن التيار النفاث في المحيط الهادي ليس بتلك القوة، فإن الجنوب يميل إلى أن يكون أكثر جفافاً وأكثر دفئاً من المعدل.

يمكن التنبؤ بظاهرة لا نينيا، إلا إذا لم تكن موجودة أصلاً

وهنا تأتي المسألة المزعجة لعدم اليقين من التنبؤات التي نعرفها ونحبها: إن أنماط الطقس على المستوى العالمي قابلة للتنبؤ، ولكن كلما كانت المنطقة أصغر، كان تحديد هذه الأنماط أو التنبؤ بها أصعب.

وما بين سنة وأخرى، تحدث ظاهرة لا نينيا، ولكن توزع هطول الأمطار يمكن أن يتغير قليلاً. دقق في هذه المقارنة للسنوات التي شهدت ظاهرة لا نينيا والمأخوذة من الإدارة الوطنية للمحيط والغلاف الجوي، وهي مرتبة بحسب قوة التأثيرات، ويمكنك أن ترى أنه حتى خلال الأنماط القوية أو الضعيفة، فإن كميات هطول الأمطار لم تكن متسقة كثيراً.

مستويات هطول الأمطار خلال السنوات التي شهدت ظاهرة لا نينيا
حقوق الصورة: الإدارة الوطنية للمحيط والغلاف الجوي

في موسم 2005-2006، شهد شمال غرب المحيط الهادي كمية كببيرة جداً من الأمطار، وبعد بضع سنوات فقط في موسم 2008-2009، كانت مستويات الهطول أقل بكثير من المعتاد، لكن  كلا العامين شهدا أنماط ضعيفة لظاهرة لا نينيا.

وذلك لأن هناك الكثير جداً من ظواهر الطقس الأخرى التي تؤثر على الشتاء، حيث يلعب الاختلاف في الضغط فوق القطب الشمالي والمناطق الاستوائية دوراً هاماً في تحديد جريان الرياح ودرجة الحرارة، على سبيل المثال، ومن ثم فإن هناك دائماً بعض العشوائية التي تصعّب عمل علماء الأرصاد الجوية.

وبالمناسبة، نحن لسنا متأكدين تماماً أننا سنشهد ظاهرة “لا نينيا”

يتوقع العلماء في الإدارة الوطنية للمحيط والغلاف الجوي بأن ظاهرة لا نينيا ستتشكل هذا الشتاء، ولكن الأمر سابق لأوانه حتى الآن، ويقولون إن هناك فرصة لتشكلها تبلغ 55-65 في المائة. ولكي يتم الإعلان عن هذه السنة رسمياً كسنة لا نينيا، يجب أن تحتفظ درجة حرارة سطح البحر بما لا يقل عن 0.5 درجة أقل من المعدل لمدة ثلاثة أشهر.

وقد بدأ شهر سبتمبر 2017 أكثر برودة من المعتاد، ولكن في النصف الأخير منه، ارتفعت درجة حرارة المحيط قليلاً مرة أخرى. لذلك على الرغم من أن أنماط الرياح والغيوم تبدو من نمط لا نينيا، فإن الإدارة لم تعلن ذلك حتى الآن.

وسيكون هناك تحديث آخر يأتي من الإدارة هذا الأسبوع، لذلك يمكن انتظار المزيد من المعلومات التفصيلية حول ما إذا كنا سنشهد أياماً عاصفة بالثلوج أم مجرد أمطار غزيرة.