ما المشكلة في الوعود التي تقطعها الشركات للتقليل من التلوث البلاستيكي؟

يتم شراء مليون قارورة بلاستيكية كل دقيقة حول العالم. ماغدا إيلرز/بيكسلز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من الصعب عدم ملاحظة التلوث البلاستيكي. ربما لن تلاحظ هذا التلوث إذا كنت في وسط غابة أو في الجبال. ولكن المواد البلاستيكية موجودة في كل مكان حولنا.  

في كل عام، تُنتج مختلف الشركات العالمية مليارات الكيلوغرامات من النفايات البلاستيكية، ويتم إنتاج معظم المواد البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة من قبل عدد قليل من الشركات فقط. مع ذلك، لا تتحمل هذه الشركات مسؤولية أفعالها في الكثير من الأحيان. بيّنت دراسة جديدة نُشرت بتاريخ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في مجلة ون إيرث، أنه حتى في الحالات التي تقطع الشركات فيها وعوداً للتقليل من استهلاك البلاستيك، يقع العبء في الواقع على عاتق المستهلكين، كما أن هذه الوعود لا تتسبب في التقليل من استخدام البلاستيك الخام عادة.

وعود الشركات

قالت مؤلفة الدراسة والمرشحة لنيل شهادة الدكتوراة في جامعة ديوك، زوي ديانا (Zoie Diana)، لموقع بوبساي (PopSci، العلوم للعموم): “يجب علينا أن نتوقف عن تلويث البيئة بالبلاستيك”، وأضافت: “على الشركات أن تصبح واضحة في وعودها”.

نظر مؤلفو الدراسة في الوعود التي قطعتها 974 شركة من أكبر الشركات في العالم، مثل أمازون (Amazon)، وإكسون موبيل (ExxonMobil)، وجونسون آند جونسون (Johnson & Johnson)، ووجدوا أنه بدلاً من التقليل من استهلاك البلاستيك الخام، اتبعت هذه الشركات خيار الترويج لإعادة التدوير أو استخدام عبوات بلاستيكية خفيفة الوزن. ووفقاً لديانا، لا تعتبر هذه الخيارات حلولاً ملائمة لعدة أسباب. 

حالياً، تتم إعادة تدوير 9% فقط من النفايات البلاستيكية عالمياً، وقد تكون هذه النسبة أقل حتى في الولايات المتحدة. تقول ديانا: “بلغت نسبة البلاستيك المعاد تدويره أكثر من مرة خلال الخمسين عاماً الماضية 10% فقط من الكمية الكلية من البلاستيك المعاد تدويره”. عندما يتم وضع المواد البلاستيكية في سلال إعادة التدوير، تتم إعادة استخدام نسبة قليلة فقط من هذه المواد. تضيف ديانا: “كل ما تفعله عملية إعادة التدوير هو تأخير التخلّص من المواد البلاستيكية”. 

اقرأ أيضاً: بذور طماطم وبكتيريا تأكل البلاستيك تصل إلى محطة الفضاء الدولية

ما الحلول التي تطبقها الشركات؟

يعتبر استخدام العبوات البلاستيكية الأخف وزناً من قبل الشركات أحد الخيارات الأخرى التي نظر فيها مؤلفو الدراسة، وهو خيار تقوم الشركات وفقه بصنع منتجاتها أو تعليبها باستخدام كمية أقل من البلاستيك. ربما لاحظت أن الحلقات البلاستيكية التي توجد تحت أغطية قوارير مشروب كوكا-كولا أصبحت أخف وزناً أو أصغر حجماً بمرور الزمن، وربما لاحظت أيضاً أن عبوات المنتجات التي تجدها في المتاجر أصبحت أخف وزناً. تعتبر الشركات المدروسة من الشركات التي اختارت تخفيف أوزان منتجاتها في محاولة لتقليل التلوث الذي تتسبب فيه.  

على الرغم من أن استخدام كمية أقل من البلاستيك في المنتجات يبدو أمراً جيداً نظرياً، فإنه ليس بالفاعلية التي قد تتوقعها. تقول ديانا: “إذا قامت الشركات بإنتاج المزيد من القوارير البلاستيكية بشكل عام، أو أعادت استثمار الوفورات في التكاليف الناجمة عن تخفيف وزن العبوات في صنع منتجات جديدة باستخدام البلاستيك، فلن تمثّل آلية تخفيف الوزن حلاً كافياً، لن تتسبب هذه الآلية في التقليل من التلوث البلاستيكي إجمالاً”. 

بالإضافة إلى الاستراتيجيات غير الكافية، وجد الباحثون أيضاً أن أحد التحديات يتمثل في غموض الوعود التي تقطعها الشركات. على الرغم من أن 72% من الشركات التي نظر مؤلفو الدراسة في ممارساتها التزمت بالحد من استخدام البلاستيك، فإن التزاماتها غالباً ما تضمنت استراتيجيات غير فعّالة مثل تخفيف وزن المنتجات، أو أنها قطعت وعوداً أكثر التباساً من أن يتم تقييمها. تقول ديانا: “أقدمت 89% من هذه الشركات على التزام واحد على الأقل كان إما مؤقتاً أو غير قابل للقياس”.

اقرأ أيضاً: أبرز مخاطر استعمال البلاستيك في حفظ المياه

بالإضافة إلى ذلك، لم تربط أغلبية هذه الشركات بين التلوث الناجم عن المواد البلاستيكية والتغيّر المناخي. يتطلب إنتاج البلاستيك استهلاك كمية كبيرة من الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى أن المواد البلاستيكية تتراكم في الطعام الذي يستهلكه البشر وترتبط بأمراض مثل السرطان والاضطرابات الهرمونية، ويتسبب إنتاجها بموت أشكال الحياة البرية. يُصنع البلاستيك الخام من الوقود الأحفوري بشكل مباشر؛ إذ يتم تسخين النفط الخام وتقطيره لتحويله إلى مواد بلاستيكية. تقول ديانا إنه مع استمرار الزيادة في استهلاك الوقود الأحفوري (ما يعتبر السبب الرئيسي للتغيّر المناخي)، يجب على الشركات أن تتبع إجراءات للتقليل من استخدام البلاستيك بأخذ آثار إنتاج البلاستيك على المناخ بعين الاعتبار.

تضيف ديانا قائلة إن أحد القرارات السياسية يمكن أن يمثّل حلاً لهذه المشكلة. يعمل المجلس البيئي التابع لجمعية الأمم المتحدة على إبرام معاهدة دولية تتعلق بالبلاستيك في عام 2024. وتأمل ديانا أن تستهدف هذه المعاهدة عمليات إنتاج البلاستيك الخام. تقول ديانا: “لا أعتقد أن هناك حاجة للتأكيد على العلاقة بين التلوث الناجم عن البلاستيك والتغيّر المناخي بعد الآن”، وتضيف: “هذه العلاقة واضحة تماماً، وتجعلني هذه المعاهدة أشعر بالحماس والتفاؤل للغاية”.