هل تسببت الأرانب في انقراض إنسان النياندرتال؟

هل تسببت الأرانب في انقراض إنسان النياندرتال؟
حقوق الصورة: شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عاش إنسان النياندرتال على الأرض منذ آلاف السنين، وهو نوع من جنس الهومو. ولأنه إنسان بدائي، فقد اعتمد على صيد الحيوانات للعيش والاستمرار. لكن بمرور الوقت انقرض هذا النوع وعثر البشر المعاصرون على حفريات تعود له، ومن ثمّ تم التعرف عليه وتصنيفه. ويُعتقد أنه انقرض منذ 40 ألف سنة في شبه الجزيرة الإيبيرية جنوب غرب قارة أوروبا، بسبب عدم قدرته على التكيف مع الظروف المحيطة، فقد انقرضت العديد من الثدييات الكبيرة ولم يكن أمامه سوى الثدييات الصغيرة مثل الأرانب، التي كان صيدها صعباً، فلم يستطع هذا الإنسان البدائي التحمل وانقرض. 

إنسان النياندرتال 

عاش إنسان النياندرتال قبل 160 – 40 ألف سنة مضت في شبه الجزيرة الإيبيرية، وهي المنطقة التي تقع فيها إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا. اعتمد في غذائه على بعض الحيوانات العملاقة مثل الماموث ووحيد القرن. عاش إنسان النياندرتال بسلام هناك إلى نهاية تلك الحقبة، عندما بدأ البشر المعاصرون الهجرة إلى شبه الجزيرة الإيبيرية منذ 42 – 45 ألف سنة، وتقاسموا صيد تلك الحيوانات العملاقة مع النياندرتال، ما أدى إلى انخفاض أعدادها، وربما يكون للتغير المناخي دوراً ما في هذا الانخفاض. 

من ناحية أخرى ارتفعت أعداد الأرانب الصغيرة، بحسب دراسة منشورة في دورية “التطور البشري” (Journal of Human Human) في أبريل/نيسان 2013. وكان على إنسان النياندرتال التكيف مع الغذاء المتاح وصيد الأرانب الصغيرة للحصول على السعرات الحرارية اللازمة للبقاء على قيد الحياة. 

اقرأ أيضاً: إنسان نياندرتال يفسر سبب حدوث آلام أسفل الظهر

ما الذي أدى إلى انقراض إنسان النياندرتال؟

اعتاد إنسان النياندرتال على صيد الحيوانات الكبيرة من أجل الغذاء، وكان يستخدم الرماح في عملية الصيد منذ 50 ألف سنة. كانت الرماح أداة فعّالة، خاصة وأنها تستهدف أجساماً كبيرة، ما يجعل احتمالية إصابة الهدف أكبر. لكن في حالة الحيوانات الصغيرة، مثل الأرانب، يكون الهدف صغير الحجم، فضلاً عن أنّ هذه الحيوانات سريعة الحركة ومراوغة ويصعب اصطيادها، ما يجعل الرماح أداة غير فعّالة لاصطيادها. ولم يفكر النياندرتال في تطوير أدواته، وبالتالي واجه صعوبة في الحصول على السعرات الحرارية المناسبة لحياته وانقرض. 

لكن تشير الأدلة الأحفورية إلى أنّ الإنسان العاقل الذي عاش في شبه الجزيرة الإيبيرية قبل 30 – 40 ألف سنة، كان قادراً على التكيف مع صيد تلك الحيوانات الصغيرة المراوغة، أما إنسان النياندرتال فلم تكن لديه قدرة على مواجهة ذلك الوضع والتكيف معه، ربما بسبب الاختلاف في مستوى الذكاء بين النياندرتال والإنسان العاقل، والذي يؤكده افتقار النياندرتال إلى القدرة على التكيف مع الظروف الجديدة. على الصعيد الآخر، طورّ البشر المعاصرون أدوات صيد جديدة مثل الفخاخ والشباك التي يمكن استخدامها لاصطياد أعداد أكبر من الحيوانات الصغيرة، وهذا يشير إلى أنّ الإنسان العاقل والنياندرتال قد عاشا على سطح جزيرة واحدة خلال نفس الحقبة الزمنية، لكنهما لم يتشاركا أسرار الصيد. 

اقرأ أيضاً: فقدنا هذه القدرة تماماً: البشر القدماء دخلوا سباتاً شتوياً

انخفاض النسل

أظهرت دراسة منشورة في دورية “بلس ون” (Plos One) في مايو/أيار 2019، أنّ معدل الخصوبة قد انخفض بين أفراد إنسان النياندرتال خلال الفترة الزمنية الأخيرة قبل انقراضهم. ويرى مؤلفو الدراسة أنّ من ضمن العوامل المؤثرة على النسل، هي: نقص الغذاء وتراجع الصحة، بالإضافة إلى انخفاض الوعي الكافي لإدراك أنّ زواج الأقارب ليس صحياً. إضافة إلى هذا، فقد حصلت تغيرات مفاجئة في المناخ،وصار إنسان النياندرتال أكثر عرضة للظروف القاسية، واختفى تدريجياً من فوق سطح الأرض. 

ربما انتهى عصر النياندرتال، لكن ما زال العلماء والباحثون يتتبعون أثرهم لمعرفة تاريخهم ودراسة تطورهم.