أومواموا: الجسم الغريب الطائر في الفضاء الذي حير العلماء

تخيل فني لشكل "أومواموا"
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اكتشف الفلكيون لأول مرة هذا الجسم الطويل الرفيع الذي يندفع عبر الفضاء منذ شهرين فحسب، ويمكن أن نستنتج من زاوية مساره أنه ليس من هذا النظام الشمسي، وأنه لن يعود إلى هنا أبداً.

الآن، أصبح هذا الجسم الغريب يحمل اسماً: أومواموا، ولكننا لسنا متأكدين تماماً من ماهيته. وقد تحقق الباحثون في مرصد جرين بانك في ويست فرجينيا مؤخراً من احتمال كونه مركبة فضائية من عالم آخر، ولكنهم لم يعثروا على أية دلالات اصطناعية على الجسم غريب الشكل. غير أن هذا لا ينفي غرابة هذا الجسم، وما زلنا نجهل مما يتألف. وقد نشرت ورقة بحثية جديدة مؤخراً في مجلة “نيتشر آسترونومي” تعرض بعض الأفكار المثيرة للاهتمام.

اعتقد الباحثون في البداية أن أومواموا قد يكون مذنباً. ولكن على عكس المذنب، لم يطلق أومواموا خلفه ذيلاً من الغازات والغبار، وهو ما كان سيحدث في حال وجود جليد على سطحه. بعد ذلك، افترض الباحثون أنه أقرب ما يكون إلى كويكب، مؤلف بشكل أساسي من المعادن والصخور بدلاً من الجليد، وأنه تشكل على الأرجح في المنطقة الداخلية الدافئة في نظام شمسي بعيد بدلاً من المناطق البعيدة الباردة. إلا أن البحث الجديد يقترح أن أومواموا قد يحوي قلباً جليدياً، مغطى بطبقة رخوة من مادة لزجة غنية بالكربون، وهي رخوة بما يكفي ليغوص حذاؤك فيها.

هذه ليست المرة الأولى التي تُكتب فيها ورقة بحثية عن أومواموا، ولن تكون الأخيرة. حيث يعمل الباحثون باستمرار على تدقيق البيانات التي تمكنوا من الحصول عليها أثناء مرور هذا الجسم، وسيستمرون بمراقبته إلى أن يختفي. ستظهر أوراق بحثية أخرى حول تركيب أومواموا، ومساره، وغير ذلك من التفاصيل. قد تتناقض بعض هذه الأوراق البحثية مع بعضها الآخر مع استمرار العلماء بمحاولة الوصول إلى لب الموضوع: ما هذا الشيء بالضبط؟

يقول آلان فيتزسيمونز، المؤلف الأساسي للورقة البحثية الجديدة، أنهم ما زالوا غير متأكدين بشأن بنية أو قوة هذه المادة الداكنة ذات المسحة الحمراء. غير أنهم يعتقدون أن الطبقة الخارجية تكونت بسبب تفكك المواد الجليدية العضوية (مثل ثنائي أوكسيد الكربون بدلاً من الماء) نتيجة التعرض الدائم للأشعة الكونية خلال رحلة أومواموا عبر الفضاء خلال ملايين السنين.

نمت الطبقة الخارجية على امتداد حوالي 100 مليون عام، وأصبحت بسماكة حوالي 45 سنتمتراً. وهي الآن قوية بما يكفي لحماية القلب الجليدي داخلها من حرارة النجوم، مثل شمسنا، حتى أثناء العبور ضمن مدار عطارد ذي الحرارة الحارقة. يقول فيتزسيمونز في رسالة بالبريد الإلكتروني: “لم تصل الحرارة في الداخل إلى درجة تكفي لإذابة الجليد، حتى عند المرور قرب الشمس. وهذا لا يقتضي بالضرورة وجود أي جليد أصلاً، ولكن يمكن له أن يصمد بفضل هذه الطبقة في حال وجوده”. ويضيف فيتزسيمونز أنه تمكن من رصد أومواموا (الذي يبتعد عنا حالياً بسرعة حوالي 43.45 كيلومتر في الثانية) لأنه كما يقول: “ترك كل ما كان يشغله (بما في ذلك وجبة الفطور) لكتابة طلبات للمراصد الفلكية بمجرد سماع الإعلان عن الجسم”.

ولكن على الرغم من سرعة حركته، وجمعه لكمية من البيانات من تلسكوبات في تشيلي وجزر الكناري، تراكمت لديه الأسئلة أكثر من الأجوبة حول أومواموا، ويقول: “هل يوجد ماء متجمد في الداخل حقاً؟ ما هي البنية الداخلية الفعلية؟ من المرجح أننا لن نتوصل إلى أجوبة تتعلق بأومواموا، ولكننا سنتمكن من رصد جسم آخر في المستقبل. نأمل أننا سنحظى بالمزيد من الوقت لدراسة الجسم المقبل”.

يأمل فيتزسيمونز وزملاؤه من الباحثين بأنهم سيتمكنون قريباً من استخدام مرصد المسح الشامل الكبير الأرضي (الذي يتم بناؤه حالياً في تشيلي) لاكتشاف المزيد من الأجسام مثل أومواموا، وأيضاً بالتوصل إلى المزيد من التفاصيل عن طريق التلسكوب الفضائي جيمس ويب (والذي يتنظرون إطلاقه بنجاح في 2019) وغيره من المراصد الكبيرة.