كيف ستعيد ناسا العينات من المريخ إلى الأرض؟

كيف ستعيد ناسا العينات من المريخ إلى الأرض؟
عرض توضيحي لمركبة صعود المريخ. حقوق الصورة: ناسا/ مختبر الدفع النفاث.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مضى عام حتى الآن على بدء عربة بيرسيفيرنس استكشاف المريخ وجمع بعض الصخور التي قد تحمل دلالات على ما إذا كانت الحياة قد وجدت من قبل على هذا الكوكب أم لا. على الرغم من أن المركبات الجوالة قد استكشفت المريخ من قبل، إلا أن العينات التي تجمعها بيرسيفيرنس ستكون أولى العينات التي سيتم جلبها إلى الأرض بحلول عام 2033 إذا ما سارت الأمور على ما يرام.  

إن إرسال مركبة جوالة إلى المريخ شيء، وإعادة العينات التي تجمعها إلى الأرض شيءٌ آخر ويمثل تحدياً جديداً مختلفاً. ستتطلب مهمة العودة عملاً وتنسيقاً معقدين بين عدة قطعٍ فضائية لنقل المواد الثمينة إلى الأرض. 

في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت وكالة ناسا أن شركة لوكهيد مارتن الدفاعية ستبني «مركبة صعود المريخ » (Mars Ascent Vehicle (MAV))، وهي الصاروخ الذي سيقلع يوماً ما من سطح المريخ لبدء رحلة العودة حاملاً عينات من التربة والصخور والغلاف الجوي من كوكب المريخ.

ما هي مركبة صعود المريخ (MAV)؟

ستكون مركبة صعود المريخ عبارةً عن صاروخ صغير مصممٍ للانتقال من سطح المريخ إلى مدار الكوكب. يقول فيليب فرانكلين، كبير المهندسين في ناسا حول مزايا المركبة موضحاً: «في بعض النواحي، ستكون مثل أي صاروخ آخر. حيث ستعمل بالوقود الصلب مثل الصواريخ التي تقلع من الأرض». 

لقد اتخذت وكالة ناسا بالفعل معظم قرارات التصميم الرئيسية، مثل حجم وشكل المركبة الفضائية وكيف سيتم تشغيلها. يقول ديف مورو، رئيس تطوير أعمال استكشاف الفضاء السحيق في شركة لوكهيد مارتن: «تم الانتهاء من المخططات بشكلٍ أساسي.  الآن، ستأخذ شركة لوكهيد مارتن ما خططت له ناسا لبناء الصاروخ، حيث ستعمل على تحسين التصميم حسب الحاجة للتأكد من أن كل شيء يعمل على النحو المنشود». سيعمل فريق مورو على تفاصيلَ مثل مدى قدرة فوهة التوجيه على المناورة لتوجيه الصاروخ بكفاءة. 

بالطبع، يجب أن يصل الصاروخ أولاً إلى المريخ قبل أن يتمكن من الإقلاع من هناك. ستطلق ناسا مركبة صعود المريخ داخل مركبة فضائية أكبر، حيث من المقرر أن تنطلق من الأرض عام 2028. وبما أنها ستُنقل إلى المريخ، يولي الفريق اهتماماً أكبر لإبقاء المركبة خفيفة الوزن وصغيرة. يقول فرانكلين: «لكتلة المركبة أهمية كبيرة». سوف تكون مركبة صعود المريخ صغيرة إلى حد ما. سيبلغ ارتفاعها نحو 3 أمتار، ووزنها أقل بقليل من نصف طن. من جانبها تقول أنجي جاكمان، مديرة مشروع مركبة صعود المريخ في وكالة ناسا: «لذلك سيكون ارتفاعها أقل من ارتفاع طوق كرة السلة وتزن نفس وزن البيانو الكبير». 

سيحتوي الصاروخ على حجرة للعينات في الجزء العلوي، بالإضافة إلى محركين لتشغيله في المدار. يمكن أن تصل قيمة العقد مع شركة لوكهيد مارتن إلى 194 مليون دولار.

اقرأ أيضاً: استمع إلى الرياح المريخية: أول فيديو من مهمة بيرسيفيرانس

كيف سيصل الصاروخ إلى المريخ؟ وكيف سيعود؟

سيتم إطلاق مركبة صعود المريخ من الأرض داخل مركبة فضائية أكبر، وسيتم نقلها إلى سطح المريخ بواسطة مهمة إعادة العينات المريخية التابعة لناسا.

بعد أن ينتقل المسبار إلى موقع فوهة جيزيرو أو بالقرب منها، سيبقى كل من المسبار والصاروخ على سطح المريخ حتى يحين وقت إعادة العينات. يقول مورو: «ستُحتوى مركبة صعود المريخ ضمن غلافٍ واقٍ يسميه المهندسون أحياناً بكوخ الإسكيمو. يحافظ كوخ الإسكيمو هذا على حرارة المعدات في ظروف المريخ القاسية. على الرغم من أن توقيت المهمة سيكون في ربيع المريخ المعتدل نسبياً، إلا أنه من المحتمل أن تنخفض درجات الحرارة إلى أقل من -70 درجة مئوية».

لقد جمعت العربة الجوالة بالفعل عينات من تربة المريخ (تسمى الثرى) وكذلك قوارير من الغلاف الجوي. بلغ عدد العينات حتى الآن 7 عينات، ولكن عندما تنتهي المهمة، سيكون هناك نحو 30 عينة لإعادتها إلى الأرض، كل منها حاوية صغيرة تشبه أنبوب الاختبار يبلغ طولها نحو 20 سم وعرضها نصف سنتيمتر. بمجرد جمع جميع العينات، ستقوم العربة الجوالة بجمعها وإحضارها إلى موقع مركبة الصعود من المريخ على مركبة الهبوط الخاصة بها. بعد ذلك، ستقوم ذراع آلية بتحميل العينات أعلى مركبة صعود المريخ، في حجرة خاصة بحجم كرة السلة. 

سيبقى الصاروخ في وضع أفقي أثناء وجوده على سطح المريخ، مستلقياً على المسبار. لإطلاق الصاروخ في الهواء، سيقذفه المسبار في الهواء. نظراً لأن مقدمة الصاروخ ستُقذف بقوةٍ أكثر قليلاً من قوة قذف مؤخرته، يجب أن يكون الصاروخ موجهاً بزاوية نحو سماء المريخ، ثم يشتعل الوقود الصلب وهو في الجو ويقلع الصاروخ. تبدو العملية غير دقيقة، لكن في الواقع تمت معايرة جميع آليات الإطلاق بدقة لتتلاءم مع جاذبية المريخ. هناك عمليات إطلاقٍ للصواريخ مشابهة تجري اليوم أيضاً كما يقول مورو.

ثم ينقل الصاروخ ذو المرحلتين الشحنة إلى مدار المريخ. ستعتمد المرحلة الثانية على ما يسمى “تثبيت الدوران” لإبقاء الصاروخ مستقيماً في رحلته- المبدأ الفيزيائي هنا يشبه المبدأ وراء رمي كرة القدم بشكلٍ حلزوني لإبقائها مستقيمة. في النهاية، ستسقط مرحلتا الصاروخ بعيداً في رحلتهما وتبقى فقط حجرة العينة وغلافها الواقي عائمة في المدار. بعد ذلك ستلتقط سفينة وكالة الفضاء الأوروبية هذا الجزء الصغير لإعادته إلى الأرض. (شاهد مقطع الرسوم المتحركة حول العملية أدناه).

اقرأ أيضاً: عربة ناسا الجوالة بيرسيفيرانس تتمكن أخيراً من اغتراف قطعة من المريخ

متى سيحدث كل هذا؟

ستقوم ناسا ولوكهيد ببناء واختبار مركبة صعود المريخ خلال السنوات القليلة القادمة. من المقرر أن تبدأ الاختبارات البيئية في نحو عام 2026، عندما يتم اختبار الأجزاء في درجات حرارة منخفضة وفي غرف مفرغة لمحاكاة الغلاف الجوي للمريخ. سيتم إطلاق مركبة مهمة إعادة العينات المريخية مع مركبة صعود المريخ بداخلها في عام 2028. إذا سارت الأمور وفقاً للخطة، يجب أن تعود أجزاء من المريخ إلى الأرض نحو عام 2033.

مركبة الصعود من المريخ، مثل كل التقنيات الأخرى التي تشكل جزءاً من المهمة، هي إنجاز بحد ذاتها، لكن المهندسين من وكالة ناسا ولوكهيد متحمسون بشكل خاص لما سيسمح الصاروخ للعلماء بالقيام به؛ فحص أجزاء من كوكب آخر عن كثب. يقول فرانكلين من وكالة ناسا: «أنا متحمس جداً لرؤية هذا الهدف النهائي يتحقق، وأتمكن بالفعل من إحضار عيناتٍ من كوكب آخر إلى الأرض».

ويقول جاكمان، مدير مشروع ناسا: «علينا أن نبني أروع صاروخ على الإطلاق، لكن الأمر متوقف حقاً على العلم».