تعرف على سفن سبيس إكس التي لن تذهب إلى الفضاء

نواة المحرك للمرحلة الأولى ثايكوم 8 تصل إلى المرفأ. مصدر الصورة: سبيس إكس
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تشتهر سبيس إكس بسفنها الفضائية، من كبسولة دراجون التي تقوم بتزويد محطة الفضاء الدولية بالإمدادات، وصولاً إلى نظام النقل ما بين الكواكب الذي ما يزال مشروعاً مقترحاً. غير أن أحلام الشركة في السفر الفضائي ذي الجدوى الاقتصادية تعوم على نوع آخر من السفن، وهو النوع التقليدي الذي يتحرك على سطح الماء. لنلق نظرة عن كثب على السفن غير الفضائية لشركة سبيس إكس.

نواة محرك فالكون 9 على المنصة العائمة المسيرة المسماة “Of Course I Still Love You”
مصدر الصورة: سبيس إكس

المنصات العائمة المسيرة

لا شك أن أغلبنا قد رأى نواتي محرك فالكون هيفي تهبطان برشاقة على منصتي هبوط ثابتتين في عرض رائع يضاهي عروض السباحة المتزامنة الفنية. ولكن للوصول إلى هذه المرحلة، كان على إيلون ماسك وفريق سبيس إكس أن يبرهنوا على قدرة صواريخهم على العودة إلى الأرض بشكل ثابت ومتحكم به.

على الرغم من أن الهبوط الأول لسبيس إكس في 2015 تم في منطقة الهبوط 1 في كيب كانافرال، فإن الشركة كانت ما تزال راغبة بتنفيذ عملية هبوط ناجحة للصواريخ (واستعادتها بسرعة) على منصة عائمة في المحيط، بسبب صغر منصات الهبوط التقليدية وتكاليفها العالية، والاتساع الهائل للمحيطات. نجحت سبيس إكس في 8 أبريل، 2016، في الهبوط بالمرحلة الأولى لصاروخ فالكون 9 على المنصة العائمة المسيرة ذات الاسم الشاعري “Of Course I Still Love You” (لا زلت أحبك بالطبع) في المحيط الأطلسي.

منذ ذلك الحين، تكررت عمليات الهبوط على هذه السفينة، وشقيقتها في المحيط الأطلسي التي تحمل الاسم الساخر “Just Read The Instructions” (اقرأ دليل الاستخدام فقط)، وساعدت عمليات الهبوط هذه شركة سبيس إكس على الاستخدام المتكرر للأنوية المكلفة لمحركات المرحلة الأولى من صواريخ فالكون 9. وتعتبر هذه السفن المسيرة مهمة على نحو خاص من أجل عمليات الإطلاق ذات الحمولات الثقيلة الموجهة نحو مدارات أعلى، حيث أنها تستهلك بهذا المزيد من الوقود، ما يقلل من الكمية المخصصة لضمان هبوط الآمن على اليابسة. وعلى الرغم من أن عمليات الهبوط تجتذب كل الاهتمام، فإن هذه السفن، والتي تسمى بالمنصات العائمة المسيرة المستخدمة كمهابط فضائية ذاتية التحكم (ASDS)، رائعة للغاية أيضاً.

بعد أن تُقطر هذه السفن المسيرة إلى مكانها (سنقرأ المزيد عن قوارب القطر لاحقاً)، تقوم أنظمة تحديد الموضع وأنظمة الدفع بالمحافظة على السفن في مكانها في انتظار عودة الصاروخ. تلك الصواريخ ليست صغيرة الحجم، وكذلك تلك السفن؛ وهي عبارة عن منصات عائمة معدّلة ذات مساحة تعادل تقريباً مساحة ملعب كرة القدم، ويبلغ عمق أبدانها أكثر من 6 أمتار. عادة ما تستخدم هذه المنصات العائمة لنقل البضائع، ولكن مساحتها الكبيرة تجعل منها منصة هبوط مثالية للصواريخ.

في 2015، وعندما كانت سبيس إكس ما تزال تترقب عملية الهبوط الأولى لها، أورد موقع NASA Spaceflight تقريراً عن تعديلات كبيرة كانت تطبق على بعض المنصات العائمة لتحويلها إلى سفن مسيرة. وقد تم الحصول على أنظمة الدفع التي تبقي السفينة في مكانها من منصات نفط بحرية كانت تعتمد تقنيات مشابهة. كما أضيفت جدران تحصينات فولاذية لحماية معدات السفينة أثناء هبوط الصاروخ، وأنظمة التوجيه والتموضع الذاتي، والأجنحة الفولاذية التي تزيد من سطح السفينة.

ستنضم سفينة ثالثة إلى “Of Course I Still Love You” و “Just Read The Instructions” باسم “A Shortfall In Gravitas” (نقص في الوقار)، ويبدو أن سبيس إكس لا تعوزها روح النكتة في اختيار أسماء السفن من إحدى سلاسل مؤلفات الخيال العلمي. ما زالت السفينة قيد البناء حتى الآن، وستعمل قرب الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ويمكن لوجود سفينتين قرب الساحل الشرقي أن يسمح بعمليات هبوط مائي متزامنة لأنوية المحرك المستخدمة في عمليات الإطلاق المستقبلية لصواريخ فالكون هيفي.

السيد ستيفن

أنوية المحركات ليست الأجزاء الهامة الوحيدة في الصواريخ، وترغب سبيس إكس بإعادة استخدام كل ما يمكن إعادة استخدامه من معداتها، وذلك بهدف التقليل من تكاليف عمليات إطلاق الصواريخ.

ترغب سبيس إكس باستعادة مقدمة الصاروخ لاستخدامها من جديد، وتقوم هذه المقدمة بحماية الحمولة (والتي عادة ما تكون قمراً اصطناعياً) من القوى الهائلة الناتجة عن عبور الغلاف الجوي. كما تم تصميم هذه المقدمة للتخفيف من مقاومة الهواء أثناء اختراق الصاروخ له. إنها وظيفة هامة، وباهظة التكاليف أيضاً. وبالنسبة لعمليات إطلاق الصواريخ في سبيس إكس، تقدر كلفة مقدمة الصاروخ بحوالي 6 مليون دولار. تنقسم المقدمة إلى نصفين لإطلاق الحمولة في الفضاء، ومن ثم يقع هذان النصفان عائدين إلى الأرض. نجحت سبيس إكس في تنفيذ هبوط لمقدمات الصواريخ في المحيط من قبل، ولكن سفينة “السيد ستيفن” تنفرد بطريقة أفضل لالتقاط هذه الأجزاء لإعادة استخدامها لاحقاً.

يقول ماسك إن الشركة ركبت نفاثات ونظام توجيه ضمن المقدمة لمساعدتها على العودة بأمان إلى الغلاف الجوي، ومن ثم يتم إطلاق مظلة شبيهة بالجناح، وستحاول السفينة “السيد ستيفن” أن تلتقط هذه المقدمة في الشبكة ذات الدعائم الفولاذية المركبة فوق جزئها الخلفي.

على الأقل، هذا ما يفترض أن يحدث. فقد أخطأت هذه السفينة مؤخراً في محاولة إمساك المقدمة بمسافة تقدر ببضع مئات من الأمتار، ولكن ماسك يأمل بأن المظلات الأكبر ستبطئ من هبوط المقدمة بما يكفي لنجاح العملية في المرة المقبلة.

على أي حال، فقد هبطت المقدمة بأمان في المياه، وكانت قريبة بما يكفي ليلتقط الطاقم على متن السيد ستيفن هذه الصورة:

سفن أخرى

ما أن تصبح سفن سبيس إكس المسيرة في مكانها في المحيط، تستخدم أنظمة الدفع وتحديد الموضع للثبات في مكانها، حتى في الأمواج الهائجة. ولكن للوصول إلى هذا المكان، تحتاج هذه السفن إلى دفعة إضافية. تقوم قوارب القطر والتزويد بسحب هذه السفن إلى مكانها، والتراجع إلى مسافة آمنة حتى تهبط الصواريخ، ومن ثم العودة مع الطاقم والمعدات لتثبيت الصاروخ (أو قطعه) باللحام على السطح استعداداً للعودة إلى المرفأ.

غير أن السفن المسيرة ليست الوحيدة التي تحتاج إلى دعم إضافي، فعندما تعود كبسولات دراجون لسبيس إكس من رحلتها لتزويد محطة الفضاء الدولية بالإمدادات، فسوف تحتاج لمن يحركها أيضاً. تهبط هذه الكبسولات في المحيط، حيث تقوم سفن الدعم بالتقاطها، مثل سفينة NRC Quest التي كانت تعمل في الاستجابة لحالات التسرب النفطي، واستخدمت لتركيب تجهيزات توليد الكهرباء من أمواج المحيطات. جميع هذه السفن جزء من أسطول سبيس إكس الذي ينمو باستمرار، غير أنه أسطول لن يرى الفضاء على الأرجح.