ما الذي تكشفه أقمار النظم الشمسية الأخرى عن الكواكب الغازية؟

Kepler-1625b-i, أقمار, كواكب خارجية, النظام الشمسي, فضاء, ناسا
رسم تخيلي للقمر «Kepler-1625b-i» أول قمر محتمل خارج نظامنا الشمسي — حقوق الصورة: تلسكوب هابل/ ناسا/ فليكر
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما الفرق بين الأنظمة القمرية الكوكبية؛ مثل الأرض والقمر، والأنظمة الكوكبية المضاعفة، التي تدور فيها الكواكب حول بعضها البعض؟

أنا عالم فلك، مهتم بالكواكب التي تدور حول النجوم القريبة، وتعدُّ الكواكب الغازية العملاقة -مثل المشتري، وزحل، وأورانوس، ونبتون- أسهل الكواكب التي يمكن رصدها، ويُرجَّح أنها غير ملائمة للحياة بسبب الضغط الساحق داخل غلافها الجوي الغازي، لكنَّ الأقمار التي تدور حول هذه الكواكب قد تكون ظروفها أكثر ملاءمة. في العام الماضي، اكتشف علماء الفلك قمراً بحجم كوكب يدور حول كوكب غازي عملاق يقع خارج نظامنا الشمسي، وفي دراسة جديدة يزعم الباحثون أن هذا القمر هو في الواقع ما يُسمَّى بـ «الكوكب الملتقط».

هل القمر الذي رُصِد هو حقاً قمر؟

من الصعب للغاية رصد الكواكب الشبيهة بالأرض، وإنْ استخدمنا تلسكوبات كبيرة مثل الموجودة في مرصد كيك، ستكون المهمة أسهل إذا كان النجم الذي تدور حوله تلك الكواكب أقل كثافة. وفي هذه الحالة ينبغي أن يكون الكوكب قريباً من النجم بما يكفي لتكون درجة حرارته ملائمة؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى انجذاب الكوكب إليه، وبقاء أحد جوانبه حاراً، والآخر بارداً على الدوام. يُقلِّل هذا من احتمال عدم وجود حياة على مثل هذه الكواكب. لذلك عندما تدور أقمار صخرية حول الكواكب الغازية العملاقة، التي تدور بدورها حول نجوم شبيهة بالشمس، فمن المرجح أن تؤوي الحياة.

في عام 2018، رصد علماء فلك من جامعة كولومبيا القمر «Kepler-1625b-i»، وهو أول قمر خارج النظام الشمسي، يدور حول أحد الكواكب التي تدور حول نجم آخر. إحدى السمات الغريبة لهذا القمر، هي أنه أكبر بكثير من أي قمر موجود في نظامنا الشمسي، فضلاً عن أنَّ له كتلة مشابهة لكوكب نبتون، ويدور حول كوكب بحجم كوكب المشتري.

يعتقد علماء الفلك أن أقمار كواكب مثل: المشتري وزحل لها كتل أصغر مقارنة بكتلة الأرض، ولكنَّ هذا القمر كان أكبر بنحو 1000 مرة من الأقمار الموجودة في نظامنا الشمسي مثل: جانيميد وتيتان اللذين يدوران حول كوكبي المشتري وزحل. ومن الصعب تفسير كيفية تشكُّل مثل هذا القمر الكبير باستخدام النماذج الحالية لتشكُّل الأقمار.

وفي نموذج جديد، قمتُ بتطويره، أناقش كيفية تشكُّل هذا القمر الضخم من خلال عملية مختلفة، على أساس أنه كوكب مُلتَقط.

تتشكَّل جميع الكواكب، كبيرها وصغيرها، من خلال تجمُّع أجسام بحجم كويكبات لتكون نواة صخرية، وفي هذه المرحلة المبكرة من تطور الكوكب، تحيط النواة الصخرية بأقراص غازية خلَّفتها عملية تكُّون النجوم الأم، وإنْ أمكن للنواة الصخرية أن تنمو بسرعة حتى تكافئ كتلتها عشرة أضعاف كتلة الأرض؛ فستكون قوة جاذبيتها قادرة على سحب الغاز من الفضاء المحيط بها، والنمو إلى حجم هائل؛ كحجم المشتري وزحل، لكنَّ تراكم الغاز لا يدوم طويلاً؛ إذ يستنزف النجم الأم معظم الغاز والغبار المحيطين به.

إنْ كان ثمة نواتان صخريتان، تتشكَّلان بالقرب من بعضهما البعض، فستكون المنافسة بينهما محتدمةً على التقاط الصخور والغاز، وإنْ زاد حجم إحدهما قليلاً، فإن هذا يعطيها أفضلية على النواة الأخرى، ويمكِّنها من التقاط كميات أكبر من الغاز؛ ومن ثمَّ ترك الجسم الثاني دون غاز، وتؤدي زيادة جاذبية الجسم الأول إلى دخول الجسم الثاني، الأصغر حجماً، في مداره ليلعب دور قمرٍ، رغم ضخامته؛ وبذلك يصبح هذا الجسم قمراً عملاقاً، يدور حول الكوكب الذي تغلب عليه في سباق التقاط الغاز.

نواة صخرية تُقدِّم نظرة إلى الماضي السحيق

أقمار, كواكب خارجية, النظام الشمسي, فضاء, ناسا
تركيب كوكب المشتري

بأخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار، فمن غير المرجح أن يكون الكوكب الملتقط ملائماً للحياة؛ إذ يحيط بهذه الكواكب الملتقطة غلاف غازي، مما يجعلها أشبه بكوكب أورانوس ونبتون؛ أي يجعلها مزيجاً من الصخور والجليد والغازات التي كانت على وشك أن تصير كوكباً مثل المشتري، لولا مزاحمة جارها الأكبر حجماً.

وثمة انعكاسات أخرى مهمة لهذا الاكتشاف؛ إذ تصعب دراسة نواة الكواكب العملاقة لأنها مدفونة تحت كتل من غاز الهيدروجين والهيليوم، لكن تسعى مهمة جونو حالياً إلى دراسة نواة كوكب المشتري. ورغم ذلك، فإن دراسة خصائص هذا القمر الواقع خارج النظام الشمسي قد تمكِّن علماء الفلك من معاينة نواة الكواكب الغازية العملاقة عندما تُجرَّد من غلافها الغازي. وقد يعطي هذا نظرة خاطفة على شكل كوكب المشتري قبل بلوغه حجمه الحالي.

يقع قمر «Kepler-1625b-i» ضمن قائمة الأشياء التي يمكن رصدها بالتكنولوجيا المتوفرة حالياً، لكن قد يكون ثمة أجسام عديدة مثل هذه، يمكن اكتشافها عند تطوير قدرة التلسكوبات في المستقبل. ومع استمرار إحصاء علماء الفلك للكواكب الخارجية، تُسلِّط مثل هذه الأقمار الضوء على قضية ستصبح غاية في الأهمية مع توالي الأبحاث؛ إذ يكشف هذا القمر أن خصائص الكواكب ليست نتيجة مباشرة لكتلتها وموقعها فقط، بل قد يُحدِّد خصائصها تاريخُها والبيئةُ التي تشكلت فيها.

تم نشر هذا المقال بواسطة «برادلي هانسن» في موقع ذا كونفيرسيشن