أرتميس1 أثبتت أهمية الألواح الشمسية في مستقبل استكشاف الفضاء

أداء الألواح الشمسية لمهمة أرتميس 1 فاق التوقعات فما تأثير ذلك على البعثات المستقبلية؟
تتيح المصفوفة الشمسية الجديدة كلياً لأوريون وضعين من المناورة، الأمر الذي قد يكون الأساس في إرسال المهمات الفضائية المستقبلية لمسافاتٍ أبعد. وكالة ناسا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

الطاقة مكون أساسي لأي مهمة فضائية. فإذا نفدت الطاقة من المركبة الفضائية، ستتعطل الاتصالات ولا يعود بالإمكان توجيه المركبة وستتوقف الأنظمة الداعمة للحياة عليها. إنه سيناريو مرعب من كوابيس الخيال العلمي يصعب تصور حدوثه في الواقع.

تعد الشمس مصدراً حيوياً للطاقة بشكلٍ خاص للمركبات الفضائية، وقد أثبتت مهمة أرتميس 1 الأخيرة مدى أهمية تسخير الطاقة الشمسية للمهمات الفضائية. خلال رحلتها التي استغرقت شهراً تقريباً حول القمر، اختبرت ناسا جميع وظائف المركبة الفضائية غير المأهولة، بما في ذلك الألواح الشمسية المبتكرة لكبسولة أوريون التي تحمل الطاقم. لقد تجاوزت الألواح الشمسية للمركبة التوقعات، وأثبتت أنها ستكون تكنولوجيا أساسية في مستقبل استكشاف الإنسان للفضاء.

يقول المهندس المسؤول عن “مشروع وحدة الخدمة الأوروبية أوريون” (Orion European Service Module Project) في وكالة الفضاء الأوروبية، فيليب بيرث: «تظهر النتائج الأولية أن المصفوفات الشمسية توفر طاقة أكبر بكثير مما كان متوقعاً».

اقرأ أيضاً: بعد تأجيلها عدة مرات: ناسا تُطلق «أرتميس 1» إلى القمر

أداء المصفوفات الشمسية أفضل مما كان متوقعاً

تعاون المهندسون من وكالة الفضاء الأوروبية وشركة إيرباص الأوروبية مع وكالة ناسا ولوكهيد مارتن لبناء مركبة أوريون الفضائية، وهي المكون الذي ينفصل عن صواريخ الإطلاق، وستحمل رواد الفضاء من وإلى وجهتهم خلال مهمات برنامج أرتميس اللاحقة. تتمثل المساهمة الرئيسية لوكالة الفضاء الأوروبية التي تتخذ من باريس مقراً لها في وحدة الخدمة الأوروبية، والتي تضم الخلايا الشمسية والأنظمة الحيوية الأخرى.

تمتلك وحدة أوريون 4 أجنحة يبلغ طول كلّ منها تقريباً طول الحافلة ذات الطابقين الشائعة في بريطانيا، حيث تُفرد هذه الأجنحة بعد 18 دقيقة من انطلاق رحلتها في الوقت الذي لا تزال فيه في مدار الأرض المنخفض. ويحتوي كل جناح من هذه الأجنحة على ثلاثة ألواح شمسية من زرنيخيد الغاليوم، وهو مركب كيميائي على شكل بلورات فعّال بشكل خاص للاستخدام في الخلايا الشمسية المصممة لبيئة الفضاء. وفقاً لبيرث، فإن هذه الأجنحة الأربعة تولد معاً ما يعادل الطاقة اللازمة لاحتياجات منزلين.

اقرأ أيضاً: ما آفاق مهمة نيو هورايزونز بعد وصولها إلى حافة المجموعة الشمسية؟

ما المبتكر في ألواح أوريون؟

يشيع استخدام هذا النوع من الخلايا الشمسية في الأقمار الصناعية العسكرية والبحثية. ولكن الشيء المبتكر في ألواح أوريون هو كيفية المناورة بها لتتمكن من التقاط الطاقة الشمسية. يقول بيرث في هذا الصدد: «عادةً ما يكون للمصفوفات الشمسية محور دوران واحد فقط حتى تتمكن من تتبع الشمس. لكن ألواح أوريون يمكنها التحرك في اتجاهين، وهي قابلة للطي لتحمّل ضغوط رحلة الفضاء وحرارة محركات الدفع القوية لأوريون».

مجموعة الألواح الشمسية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA) أو أجنحة أوريون التابعة لناسا أثناء تحليقها فوق الأرض. (رسم توضيحي
المصفوفة الكاملة المكونة من 12 لوحاً شمسياً في صورة فنية. وكالة ناسا/ وكالة الفضاء الأوروبية/ إي تي جي ميديالاب

اختبر فريق ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية خلال مهمة أرتميس 1 التي استغرقت 26 يوماً جميع خصائص الألواح الشمسية، بما في ذلك قدرتها على الدوران والانفتاح وإنتاج الطاقة. وفقاً لبيرث، عملت الألواح بكفاءة عالية إلى درجة أنها وفّرت طاقة أكثر بنسبة 15% مما توقعه المهندسون، ولذلك نتائج مهمة على مهام أرتميس المستقبلية كما يقول بيرث: «يمكننا إما تقليل حجم المصفوفات الشمسية أو توفير المزيد من الطاقة لأوريون». سيخفض تقليل حجم المصفوفات الشمسية من تكلفة المهام، بالمقابل، سيتيح توفير المزيد من الطاقة إمكانات إضافية على متن مركبة أوريون المأهولة.

تم تجهيز هذه الألواح الشمسية الرشيقة أيضاً بكاميرات على أطرافها، حيث يشبهها كبير مهندسي وحدة الخدمة الأوروبية في إيرباص، ماتياس جرونوفسكي، بـ “عصا سيلفي” المهمة. التقطت هذه الكاميرات صوراً مذهلة للمركبة وهي تشق طريقها بين القمر والأرض، ويمكنها حتى مساعدة مهندسي المهمة في التقصي عن الأضرار على متن المركبة الفضائية. ونظراً لإمكانية تحريك المصفوفات في عدة اتجاهات، يمكنها أن تعمل مثل الأذرع الآلية، متيحة بذلك فرصة فحص جميع الأجزاء الخارجية للمركبة كما يقول جرونوفسكي.

اقرأ أيضاً: هل حان الوقت لنقل الألواح الشمسية إلى الفضاء؟

أرتميس 1: مقدمة بعثات إعادة البشر إلى القمر

تمثل مهمة أرتميس 1 الخطوة الأولى لناسا لاختبار التكنولوجيا اللازمة لإرسال الإنسان مجدداً إلى القمر، وفي النهاية، إلى وجهة أبعد إلى المريخ مع كبسولة طاقم أوريون. يخطط البرنامج القمري الجديد لنقل البشر إلى ما وراء المدار الأرضي المنخفض– حيث توجد محطة الفضاء الدولية حالياً- لأول مرة منذ سبعينيات القرن الماضي، حاملة معها أول امرأة وأول شخص ملون تطأ قدماهما سطح القمر.

تعد الألواح الشمسية جزءاً من التكنولوجيا الرائدة في أرتميس وأوريون، وتثبت هذه الرحلة التجريبية الأولى أنها تكنولوجيا يمكن الاعتماد عليها للسفر بعيداً في أعماق الفضاء السحيق. ستكون المصفوفات القابلة للتحريك، كتلك الموجودة في مهمة أرتميس 1، ركيزة أساسية للمهام المستقبلية التي تتطلب محركات أكثر قوة أيضاً، حيث ستتيح هذه المصفوفات انتقال الألواح إلى وضعية وقائية تجنبها الضرر مع زيادة سرعة المركبة الفضائية.

يقول جرونوفسكي: «نحن فخورون جداً بأن نكون جزءاً من البرنامج. وفخورون أكثر بمساهمتنا بإعادة البشر إلى القمر».