هل سيكون المستكشف راشد أول إنجاز عربي يطأ سطح القمر؟

هل سيكون المستكشف راشد أول إنجاز عربي يطأ سطح القمر؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ SAMDXB
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كثيراً ما تغنى الشعراء العرب بالقمر وجماله ونوره وبُعده، والآن تفصلنا أيام قليلة عن إطلاق أول مهمة عربية إماراتية ستطأ سطح القمر لتدرسه بواسطة المستكشف “راشد”، وذلك بحسب تصريحات مركز محمد بن راشد للفضاء. وتعد هذه المهمة جزءاً من مشروع “المريخ 2117” الذي يطمح لبناء أول مستعمرة بشرية على سطح الكوكب الأحمر.

اقرأ أيضاً: من سيأخذنا إلى القمر أولاً: صواريخ ناسا أم سبيس إكس؟

ما مدى صعوبة الوصول للقمر؟

يعد القمر جارنا الأقرب في الفضاء، لكن من الصعب الوصول إليه لأنه يبعد عن كوكبنا 384,400 كيلومتر، ما يستدعي التفكير بحلول لعدة أمور في المهمات القمرية؛ ومن أهمها ما يلي:

  • تأمين الوقود باهظ الثمن للمركبة التي ستنطلق للقمر، وكفايته لأداء المهمة بالوصول للقمر.
  • توفير الميزانية الضخمة لتصميم المركبة وتأمين المواد اللازمة لصناعتها من معادن خاصة وغيرها.
  • تأمين الاتصالات الفضائية مع المركبة القمرية لإرسال واستقبال البيانات.
  • الحرص على الهبوط الآمن على سطح القمر دون تخرب المركبة نتيجة الاصطدام.
  • الخروج من الغلاف الجوي دون التعرض لحادثة انفجار أو فشل في الإطلاق.
  • توفير مصدر للطاقة لكي يتحرك المستكشف، وتُستخدم لهذا الغرض عادةً ألواح الطاقة الشمسية.
  • هندسة المستكشف لكي يستمر بالحركة دون الوقوع على سطح القمر الصخري أو أن يعلق بمكان ضيق.

لهذه الأسباب وغيرها، تستغرق أبحاث استكشاف القمر والفضاء عدة سنوات، ونتيجة للجهود التي قام بها العلماء في مركز محمد بن راشد للفضاء، أصبح المشروع ممكناً وواقعياً.

ما الهدف من مهمة المستكشف راشد؟

ستجعل مهمة المستكشف راشد القمرية من الإمارات رابع دولة تنجح في الوصول إلى القمر بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سابقاً والصين في حال نجاحها، ومن أهم النتائج المتوقعة من مهمة المستكشف راشد نذكر ما يلي:

  • إجراء الاختبارات الفضائية لتقنيات الاتصال والروبوتات الحديثة.
  • التمهيد لبناء محطات تواجد بشري على سطح القمر.
  • دراسة إمكانية تهيئة القمر كمنصة لمهمات استكشاف كوكب المريخ.
  • اكتشاف مواقع جديدة في القمر لم تُدرس من قبل.
  • جمع بيانات قمرية مختلفة والتقاط صور نادرة لتضاريسه بسعة تبلغ 10 غيغابايت.
  • دراسة البلازما على سطح القمر.
  • التعمق في دراسات نشأة النظام الشمسي وكوكب الأرض.

ومن المتوقع أن يؤثر التطور في هذه المهمة الفضائية على مختلف القطاعات الحيوية في الاقتصاد الوطني الإماراتي والعالمي على حد سواء.

اقرأ أيضاً: لاستكشاف الفضاء: رواد الفضاء الإماراتيون إلى «ناسا» للتدريب

مواصفات المستكشف راشد

يتميز المستكشف راشد بأنه مصنوع محلياً بالإمارات من قِبل خبراء وباحثين إماراتيين، وتم اختباره في الصحراء والتأكد من صلاحيته لأداء مهمته على سطح القمر من قبل عدة جهات بحثية، ومن أهم مواصفاته ما يلي:

  • وزنه: 10 كلغ، لأن زيادة الوزن بضعة كيلوغرامات ستزيد من التكلفة وكمية الوقود بشكل كبير.
  • أبعاده: ارتفاعه وهو مطوي 484.9 مم، وطوله 535 مم، وعرضه 538.5 مم، لكي يتسع ضمن الصاروخ الذي سينقله إلى الفضاء.
  • كاميرات خاصة: ويبلغ عددها 2، ستقوم بتوثيق سطح القمر بصور بانورامية وترسل هذه الصور للأرض.
  • الكاميرا المجهرية (CAM-M): لدراسة تركيب تربة القمر الجيولوجية والغبار القمري.
  • كاميرا التصوير الحراري (CAM-T): من أجل الدراسات الحرارية لسطح القمر.
  • جهاز استشعار: مخصص للكشف عن الشحنات الكهربائية الدقيقة (LNG) لدراسة البلازما حول سطح القمر.
  • جهاز تجربة كفاءة المواد: للحماية من تربة سطح القمر (MAD).
  • أجهزة الملاحة: وتضم وحدة قياس عزم القصور الذاتي وأجهزة التشفير والكاميرات.
  • أجهزة التنقل: وتتألف من 4 عجلات مع ترس تفاضلي، بسرعة قصوى تبلغ 10 سم/ ثانية، وهذه السرعة تضمن استقرار المستكشف، وتؤخذ سرعته بهذه الوحدات لأن الدراسات يجب أن تكون بالغة الدقة.
  • ناقل قياسي: يكون مخصصاً للتواصل مع القمر الصناعي كيوب سات.
  • أجهزة اتصالات خاصة: (COM-P) و(COM-S).

وكل هذه المواصفات صُممت لتحمل البيئة القاسية للقمر والتعرض للرياح الشمسية. وتبلغ مدة المهمة على سطح القمر يوماً قمرياً واحداً أي ما يقابل 14 يوماً على الأرض.

مواصفات المستكشف راشد
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Arnold O. A. Pinto

اقرأ أيضاً: لماذا لا يعيش أحد على القمر حتى الآن؟

هبوط المستكشف راشد على القمر

من أجل ضمان وصول المستكشف راشد إلى القمر، عقد مركز محمد بن راشد الفضائي اتفاقاً مع شركة آي سبيس اليابانية (ISpace) التي بدورها ستوفّر هبوطاً آمناً على سطح القمر، وتؤمّن الاتصالات اللاسلكية اللازمة لإرسال واستقبال البيانات منه.

سيقوم الجهاز هاكوتو- آر (Hakuto-R) بهذه المهمة، إذ سيحمل المستكشف ويضمن إنزاله على سطح القمر للقيام بمهمته، ومعنى اسمه الأرنب الأبيض تيمناً بأسطورة يابانية تقول إن القمر يسكنه أرنب أبيض، وحرف (R) يدل على كلمة إعادة الإقلاع لأنه محاولة ثانية في التصميم، وكان التصميم الأول من التصميمات النهائية في مسابقة جوجل القمرية (Google Lunar XPRIZE) المتعلقة بإنجاز أول مهمة خاصة لاستكشاف القمر.

هبوط المستكشف راشد على القمر
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Ned Snowman

يجب أن ينجز جهاز هاكوتو 10 خطوات مرحلية قبل اعتبار مهمته ناجحة، ومن أهم هذه الخطوات ما يلي:

  • التهيئة للارتباط مع صاروخ الإطلاق من شركة سبيس إكس (SpaceX Falcon 9).
  • الانفصال بنجاح عن صاروخ الإطلاق والوصول للمدار المطلوب في الرحلة إلى القمر.
  • التأكد من الاتصالات بين الأرض وجهاز هاكوتو، والفحص الذاتي لسلامة كافة التجهيزات به مع الحمل الذي يحتويه في داخله.
  • التمكن من إجراء مناورات بالدفع النفاث تضمن بقاء الجهاز على مساره المخطط للوصول إلى القمر، وذلك خلال مدة تبلغ نحو 5 أشهر.
  • الدخول في مدار القمر وبدء سلسلة إجراءات الهبوط.
  • مقاومة جاذبية القمر والهبوط الآمن للجهاز والتأكد من خروج المستكشف راشد منه بكفاءة، وإجراء اتصال ناجح مع المستكشف.

إيصال المستكشف خارج مجال الأرض الجوي

يحتاج جهاز هاكوتو الذي سيؤمّن الرحلة القمرية والهبوط الآمن للمستكشف راشد طريقة للخروج من مجال الجاذبية الأرضية والغلاف الجوي للأرض، وهذا يتطلب طاقة كبيرة ووقوداً خاصاً، لذلك ستقوم شركة سبيس إكس بإعداد الصاروخ فالكون 9 القابل لإعادة الاستخدام لتحقيق هذه المهمة، ومن أهم المعلومات حول هذا الصاروخ نذكر التالي:

  • حُدِّد موعد إطلاق صاروخ فالكون 9 في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2022، وسيُطلق الصاروخ من محطة كيب كانافيرال في فلوريدا في الساعة 12:39 ظهراً بتوقيت أبوظبي. لكن تم تأجيله إلى موعد يحدد لاحقاً.
  • يستخدم صاروخ فالكون 9 وقوداً يتألف من الكيروسين والأوكسجين السائل، ويعتمد على 9 محركات نفاثة من نمط ميرلين (Merlin) لدفعه خارج مدار الأرض. تتكون خزاناته من سبائك معدنية من الألومنيوم والليثيوم ما يعطي صلابة وخفة وزن في الوقت ذاته.
  • يتألف صاروخ فالكون 9 من طورين أساسيين وطور بيني في تصميمه، وهذه الأطوار هي القطع التي تحتوي على المحركات والوقود، ويتم إطلاقها عند الارتفاع للتخلص من الوزن الزائد، والسماح للصاروخ بالارتفاع بشكل أفضل.
  • توجد في قمة الصاروخ حجرة الحمولة، وهي القسم الذي يحتوي بداخله على جهاز هاكوتو الذي سينقل المستكشف راشد إلى القمر، وتتألف حجرة الحمولة من مركب كربوني خاص قادر على تحمل الظروف القاسية للغلاف الجوي، ما يضمن سلامة الحمولة بداخله.
إيصال المستكشف خارج مجال الأرض الجوي
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Alex Terentii

اقرأ أيضاً: الصاروخ الجبار أحدث إصدارات “سبيس إكس”

لن تكون المهمة سهلة في الوصول إلى سطح القمر والمريخ من بعده، لكنها ستكون خطوة رائدة في مسيرة تقدم الحضارة البشرية ووصولها لأعماق الفضاء، وينتظر الكثيرون حول العالم بشغف خبر إطلاق المركبة بنجاح ووصولها بسلام إلى سطح القمر في بداية عام 2023، لكي تستمر هذه المسيرة خطواتها نحو الأعلى.