صورة مفصلة لسديم عين القط تساعد علماء الفلك على تحديد منشأه

صورة مفصّلة لسديم عين القط تساعد علماء الفلك على تحديد منشأه
النموذج ثلاثي الأبعاد الجديد لسديم عين القط وصورة لنفس السديم التقطت باستخدام تلسكوب هابل الفضائي. مصدر الصورة: رايان كليرمونت (اليسارية)، وكالة ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، مركز معلومات وكالة الفضاء الأوروبية وتلسكوب هابل، فريق إرث تلسكوب هابل (معهد مراصد علوم الفضاء/اتحاد الجامعات للبحث في علم الفلك) (اليمينية).
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبعد سديم إن جي سي 6543 مسافة تتجاوز 3 آلاف سنة ضوئية بقليل عن الأرض ، وهو يعرف أيضاً باسم سديم عين القط وبأنه أحد أكثر السُدم تعقيداً في الكون. اقترب علماء الفلك قليلاً من فهم طبيعة مصنع النجوم هذا والذي يبلغ عمره 1000 عام بفضل تطوير أول نموذج ثلاثي الأبعاد له.

نُشرت الدراسة التي تضمنت هذا النموذج في عدد شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022 من مجلة البلاغات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية، وهي تحتوي على تفاصيل عملية إنشاء هذا النموذج الجديد الذي كشف وجود زوج من الحلقات المتناظرة حول الطبقة الخارجية لسديم عين القط.

يمكن رؤية سديم عين القط في كوكبة التنين أقصى شمال السماء. بالإضافة إلى هذا النموذج الجديد، احتوت الدراسة الجديدة على صورة لسديم عين القط التقطت باستخدام تلسكوب هابل الفضائي الشهير في عام 1994. وفقاً لوكالة الفضاء الأوروبية، يعتبر هذا السديم “سجلاً أحفورياً” بصرياً لديناميكيات المراحل الأخيرة من تطور النجوم المحتضرة”. تتشكل السدم الكوكبية مثل سديم عين القط عندما يطلق نجم محتضر طبقاته الغازيّة الخارجية إلى الفضاء، ما يتسبب بتشكل بنية ملونة شبيهة بالغلاف تميّز السدم الكوكبية. أتاح تلسكوب هابل لعلماء الفلك رؤية البنى المعقدة من العقد والأغلفة الكروية والأشرطة الغازية المنحنية الموجودة في هذا السديم.

اقرأ أيضاً: نجمان غريبان يرسلان إشارات راديوية فريدة إلى الأرض

الكشف عن بنية سديم عين القط

حيّرت بنية سديم عين القط علماء الفلك لسنوات طويلة لأنهم عجزوا عن تفسيرها باستخدام الفرضيات التي تم اعتمادها لتفسير تشكّل السدم الكوكبية.

وفقاً للدراسة الجديدة، يشير تناظر الحلقات إلى أنها تشكلّت نتيجة لظاهرة فيزيائية تحمل اسم النفاثة المداورة. الحركة المداوَرة هي حركة دائرية تشبه دوران البلبل الاهتزازية. تحرّكت نفّاثة من الغاز والغبار في هذا السديم بشكل دائري، ورسمت نتيجة لذلك الحلقات الدائرية حوله. تبيّن البيانات الجديدة أن هذه الحلقات غير مكتملة، ما يعني أن النفاثة المداورة لم تكمل دورة بزاوية تبلغ 360 درجة. لذلك، فهذه النفاثة كانت قصيرة العمر. يقول المؤلفون إن النتائج الجديدة تمثّل أدلة رصينة على أن النفاثات المداورة أدت دوراً أساسياً في تشكّل سديم عين القط؛ إذ إن النجوم الثنائية هي الوحيدة التي يمكن أن تتسبب بتشكّل هذه النفاثات في السدم الكوكبية مثل هذا السديم.

تشكّلت نفاثات وعقد سديم عين القط على الأرجح مع تغيّر زاوية نفاثة السديم مع الزمن. أتاح النموذج ثلاثي الأبعاد الجديد للباحثين أيضاً حساب زاوية ميلان النفاثة المداورة بناءً على توجّه الحلقات في الفراغ.

اقرأ أيضاً: صورة رائعة لسديم البحيرة احتفالاً بعيد الميلاد الثامن والعشرين لهابل

قال رايان كليرمونت (Ryan Clairmont)، المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة في بيان صحفي: “عندما رأيت سديم عين القط لأول مرة، دُهشت بجماله وبنيته المتناظرة بشكل مثالي. وفوجئت أكثر عندما علمت أن البنية ثلاثية الأبعاد لهذا السديم لم تكن مفهومة تماماً”، وأضاف: “كان من المجزي حقاً أن أكون قادراً على إجراء أبحاث فلكية لها تأثير في هذا المجال. تعتبر السدم الكوكبية والنفاثات المداورة ظواهر نادرة نسبياً. لذلك، من الضروري فهم الطريقة التي تؤثر فيها على تكوين النظم الأكثر تعقيداً مثل سديم عين القط. في النهاية، يساعدنا اكتشاف طرق تشكّل هذه البنى في فهم مصير الشمس، والتي ستتحول يوماً ما إلى سديم كوكبي”.

وفقاً للجميعة الفلكية الملكية، كليرمونت هو شخص شغوف بعلم الفلك ينوي الالتحاق بجامعة ستانفورد وسعى إلى إنشاء النموذج ثلاثي الأبعاد لسديم عين القط لفهم المزيد عن الآليات التي تمنحه شكله المعقّد. طلب كليرمونت المساعدة من وولفغانغ ستيفان (Wolfgang Steffen) من الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك ونيكون كونينغ (Nico Koning) من جامعة كالغاري، والذي طوّر برنامجاً للنمذجة الفلكية يحمل اسم شيب (SHAPE) ويعتبر ملائماً تماماً لدراسة السدم الكوكبية.