كيف يمكن أن تساعد دراسة المجرات المنعزلة في فهم تاريخ الكون؟

تم تصوير جزء من المجرة القزمة دبليو إل إم باستخدام كاميرا الأشعة تحت الحمراء المصفوفية الخاصة بتلسكوب سبيتزر الفضائي (على اليسار)، وكاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة الخاصة بتلسكوب جيمس ويب الفضائي (على اليمين). مصدر المعلومات العلمية: وكالة ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية، مركز المعالجة والتحليل بالأشعة تحت الحمراء، كريستن ماكوين. معالجة الصورة: جولت ليفاي (معهد مراصد علوم الفضاء)، أليسا باغان (معهد مراصد علوم الفضاء)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في وسط الفضاء الواسع، يمكن أن تنعزل بعض المجرات. هذا هو الحال بالنسبة لمجرة قزمة تحمل اسم وولف-لاندمارك-ميلوت (أو دبليو إل إم اختصاراً)، والتي يبلغ حجمها عُشر حجم مجرة درب التبانة وتبعد مسافة قصيرة قياساً بالمعايير الفضائية تبلغ 3 ملايين سنة ضوئية. وفقاً لوكالة ناسا، تقع هذه المجرة ضمن كوكبة قيطس (Cetus) في السماء.

أصبح تلسكوب جيمس ويب الفضائي جاهزاً حالياً لرصد هذه المجرة. إذ إنه التقط صوراً مفصلة للغاية لها باستخدام كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة، والتي ظهرت فيها النجوم الموجودة في هذه المجرة. تم نشر هذه الصورة بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022. وستساعد البيانات الموجودة فيها علماء الفلك على دراسة الفترة المبكرة من عمر الكون نظراً لأن انعزال مجرة دبليو إل إم تسبب في احتفاظها بتركيب كيميائي يشابه التركيب الكيميائي للمجرات التي تشكّلت في المراحل المبكرة من عمر الكون.

مساهمات واعدة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي

كتبت الباحثة من جامعة روتجرز وأحد العلماء الرئيسيين في برنامج علوم الإصدار المبكر 1334 التابع لتلسكوب جيمس ويب (Webb Early Release Science program 1334)، كريستن ماكوين (Kristen McQuinn)، في منشور على مدونة وكالة ناسا: “نعتقد أن مجرة دبليو إل إم لم تتفاعل مع الأنظمة الأخرى إطلاقاً. ما يجعلها مثالية لاختبار نظرياتنا حول تشكّل المجرات وتطورها”، وأضافت: “تعتبر العديد من المجرات القريبة الأخرى مرتبطة ومتشابكة مع مجرة درب التبانة، ما يجعل دراستها أكثر صعوبة بكثير”.

تم تطوير برامج الإصدار المبكر العلمية لتسليط الضوء على قدرات تلسكوب جيمس ويب الفضائي ومساعدة علماء الفلك على التحضير للأرصاد المستقبلية التي سيجريها التلسكوب.

تم تصوير مجرة دبليو إل إم أيضاً من قبل تلسكوب هابل الفضائي وتلسكوب سبيتزر الفضائي المعاد تشغيله مؤخراً. ولكن كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة الخاصة بتلسكوب جيمس ويب التقطت صوراً مفصّلة للغاية لهذه المجرة.

مجرة دبليو إل إم
جزء من المجرة القزمة دبليو إل إم تم تصويره بواسطة كاميرا الأشعة تحت الحمراء المصفوفية الخاصة بتلسكوب سبيتزر الفضائي (على اليسار)، وكاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة الخاصة بتلسكوب جيمس ويب الفضائي (على اليمين). مصدر المعلومات العلمية: وكالة ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية، مركز المعالجة والتحليل بالأشعة تحت الحمراء، كريستن ماكوين. معالجة الصورة: جولت ليفاي (معهد مراصد علوم الفضاء)، أليسا باغان (معهد مراصد علوم الفضاء)

كتبت ماكوين أيضاً: “يمكننا أن نرى عدداً لا يحصى من النجوم الفردية بألوان وأحجام ودرجات حرارة وأعمار مختلفة ومراحل مختلفة من التطور، بالإضافة إلى السحب المثيرة للاهتمام من الغاز السديمي داخل المجرة. كما يمكننا أن نرى في مقدمة الصورة النجوم التي تظهر كذروات الانعراج، والمجرات في الخلفية والتي تظهر سماتها المميزة مثل الذيول المديّة”، وأضافت: “بالطبع، النقطة التي تم التقاط الصور منها أعمق وأفضل بكثير من المواقع التي يمكننا رؤية هذه المجرة منها بالعين المجردة. حتى إذا كنت تنظر إلى هذه المجرة من كوكب يقع فيها، أو إذا تمكّنت من الرؤية بالأشعة تحت الحمراء، فستحتاج إلى عيون آلية لتتمكن من رؤية ما يراه تلسكوب جيمس ويب”.

اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث لمجرة درب التبانة بعد موتها؟

استخدام البيانات الجديدة في محاكاة تاريخ المجرة

يحاول علماء الفلك إنشاء محاكاة لتاريخ هذه المجرة ولعملية تشكّل النجوم فيها باستخدام هذه البيانات الجديدة، والتي يجب أن تخضع لمراجعة الأقران. نظراً لأن النجوم منخفضة الكتلة يمكن أن تعيش لمليارات السنين، تشكّلت بعض النجوم الموجودة في مجرة دبليو إل إم خلال المراحل المبكرة من عمر الكون.

قالت ماكوين: “يمكننا أن نتعلم عن الأحداث التي وقعت في الماضي السحيق للكون من خلال تحديد سمات هذه النجوم منخفضة الكتلة، مثل أعمارها”، وأضافت: “تكمّل هذه المعلومات ما نتعلمه عن المراحل المبكرة من تشكّل المجرات من خلال دراسة الأنظمة المنزاحة بشدة عن الأحمر، والتي نرى فيها المجرات كما كانت حين تشكّلها.

تم إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2021. وهو مشروع مشترك بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية. يعتبر تلسكوب جيمس ويب المرصد الفضائي الأكثر فعالية حالياً. وهو قادر على تحسس الضوء الخافت للمجرات البعيدة للغاية والذي لا يمكن رؤيته بالعين المجرة.