ما الذي يمكن أن يعترض طريق ويدمّر سيارة تسلا في الفضاء؟

وداعاً يا ستارمان!
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أطلقت سبيس إكس صاروخ فالكون هيفي بنجاح الأسبوع الماضي يوم الثلاثاء، والآن تسبح في الفضاء الخارجي سيارة تسلا رودستر حمراء زاهية سقفها مفتوح، وتقودها دمية ترتدي بدلة سبيس إكس الفضائية في مقعد السائق.

حسناً… وماذا بعد؟

تتجه رودستر حالياً نحو مدار المريخ، ولكن من المحتمل أن تمر قرب الأرض في المستقبل، وقد يستطيع هواة الفلك ذوو الخبرة رؤيتها بالتلسكوب، وذلك وفقاً لتوم ناريتا، وهو فيزيائي فلكي في جامعة هولي كروس في ماساتشوستس. ونظراً لوجود ظروف صعبة في الفضاء، مثل الغبار عالي السرعة والأشعة الكونية، فقد تبدو رودستر مختلفة بعض الشيء عن منظرها في البث الحي يوم الإطلاق.

متى ستعود رودستر؟

ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال. فإذا لم تتعرض لدفعة ما تبعدها عن مدارها الحالي، ستدور رودستر حول الشمس وتعود إلى جوار المنطقة التي أطلقت منها خلال سنتين ونصف تقريباً، وفقاً لناريتا. ولكنننا لن نتمكن من رؤيتها على الأرض، لأننا سنكون في الجهة المقابلة بالنسبة للشمس. قد نتمكن من رؤيتها بعد خمس سنوات، غير أن ناريتا يستدرك ويوضح أنه من الصعب وضع تقدير دقيق وموثوق بسبب قلة معلوماتنا عن مسار السيارة.

تؤكد إميلي لاكداوالا، وهي المحررة الأساسية في مجلة بلانيتاري ساينس، هذه الفكرة على تويتر، وتقول أن عدم وجود اتصال لاسلكي قابل للتتبع على متن السيارة، وعدم وجود مسار محدد سلفاً، يجعل من الصعب للغاية تحديد مدارها.

إضافة إلى هذا، يوجد ما يسمى نفث الغازات، ووفقاً لرون تيرنر، وهو عالم استشاري أساسي في معهد المفاهيم المتقدمة التابع لناسا، فقد يؤثر هذا على مسار السيارة بعض الشيء.

يقول تيرنر: “يوجد هواء في جميع أجزاء السيارة. وفي الخلاء، تخرج جميع الغازات، مثل تلك الموجودة ضمن المقاعد، أو الأبواب، أو صندوق لوحة السيارة، وحتى داخل غطاء المقود، إضافة إلى بخار الماء من الغلاف الجوي للأرض. جميع هذه الغازات ستخرج من مكانها إلى الخلاء في الفضاء الخارجي”. وعند خروج هذه الغازات، ستدفع السيارة في اتجاهات مختلفة. يوافق تيرنر أنه يمكن أن نرى رودستر مرة ثانية بعد خمس سنوات، ولكنه يقول أننا قد ننتظر أيضاً “سبع سنوات ونصف، أو عشر سنوات، أو إحدى عشر سنة. من المحتمل أن نراها ثانية، ولكن هذا يعتمد على المدار الذي ستتخذه”.

كيف سيكون منظرها الخارجي؟

من المرجح أنها ستكون مهترئة بعض الشيء. يقول تيرنر: “سيكون الوضع أشبه بالنظر إلى جسم قديم، مثل سفينة تيتانيك تحت المحيط. من المؤكد أنها لن تبقى بحالة ممتازة”.

ستتعرض رودستر إلى الاهتراء بسبب عاملين أساسيين. الأول هو الحتّ المستمر بدقائق صغيرة غبارية الشكل تسمى بالنيازك الميكروية، والتي تندفع عبر الفضاء بسرعات عالية، كما يقول تيرنر: “إنها دقائق غبارية صغيرة، ولا يتجاوز وزنها في معظم الأحيان بضعة أجزاء من الغرام، وستضرب السيارة بسرعة 20 كيلومتر في الثانية. سيؤدي ذلك إلى تفتيت الطلاء وإحداث تجاويف صغيرة في المعدن. وبعد مرور عقود من الزمن، قد تفقد السيارة لونها الأحمر الزاهي”.

أما القوة الثانية التي ستضرب رودستر فهي الإشعاع. يقول ناريتا: “سيتعرض أي شيء بلاستيكي أو مطاطي للتفكك بسبب الأشعة الكونية التي تقطع الفضاء، وتتسبب هذه الأشعة بخلخلة الروابط الكيميائية”، وتؤثر بشدة على الروابط الكربونية المتواجدة في البلاستيك والمطاط. يتابع ناريتا: “أما الهيكل المعدني نفسه فلن يتأثر كثيراً، وسيدوم لبضعة مئات أو آلاف من السنوات”. يؤكد تيرنر على نفس الفكرة، ويقول إن الأجزاء البلاستيكية والمطاطية من السيارة، مثل الدواليب والمقاعد، ستهترئ وتتمزق خلال بضع سنوات، وفي المحصلة ستتفتت بسبب الإشعاع.

أيضاً، ما احتمال أن تصطدم السيارة بشيء ما أضخم منها وتتشوه لدرجة لا يمكن التعرف عليها؟ كان هان سولو، أحد شخصيات أفلام “ستار وورز” Star Wars، يطلب ألا يخبره أحد باحتمال اصطدام مركبته الفضائية بأحد الكويكبات، غير أن احتمال حدوث أمر كهذا هنا يكاد يكون معدوماً، فالفضاء الخارجي أكثر فراغاً مما نتخيل، حتى أن الصخور في حزام الكويكبات متباعدة لدرجة يصعب الاصطدام بأحدها بالصدفة. يقول ناريتا: “إذا حدث واصطدمت السيارة بأحد الكويكبات فعلاً، فهذه هي النهاية. ولكنني أعتقد أن فرصة حدوث ذلك ضئيلة للغاية”.

إذاً، ما المحصلة؟

قد لا تتعرض تسلا رودستر لصدمة عنيفة من كويكب هائم على وجهه في الفضاء، ولكن من المرجح أن تكون قد اهترأت بسبب الظروف الصعبة في الفضاء الخارجي عندما نراها في المرة المقبلة بعد سنوات.

يقول ناريتا: “يوماً ما، قد يعثر أحدهم على لقية قديمة تشبه سيارة أو كتلة معدنية يغطيها مطاط وبلاستيك ممزق. ولكنها لن تشكل أي خطر، وستكون أقرب إلى نفاية فضائية”.