هل حان الوقت لنقل الألواح الشمسية إلى الفضاء؟

هل حان الوقت لنقل الألواح الشمسية إلى الفضاء؟
حقوق الصورة: بيكساباي.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعتبر الطاقة الشمسية أحد أهم العوامل التي تساهم في اعتماد مصادر الطاقة الصديقة للبيئة والاستغناء عن تلك التي تتسبب بانبعاثات الكربون. لكن هل تعتقد أنه يوجد أي سبب يمنع تركيب الألواح الشمسية خارج الأرض؟ بدأت وكالة الفضاء الأوروبية تبدي اهتماماً بفكرة نقل الألواح الشمسية إلى الفضاء منذ بداية عام 2022. اعتباراً من شهر أغسطس/ آب 2022، أخذت هذه الوكالة بعين الاعتبار تطوير برنامج يتضمن توليد الطاقة باستخدام الخلايا الكهروضوئية في الفضاء.

على الرغم من أن فكرة توليد الطاقة في الفضاء قد تبدو غريبة بعض الشيء، فإن وكالة الفضاء الأوروبية ليست المنظّمة الكبيرة الوحيدة التي تدرس تلبية احتياجاتنا المتزايدة للطاقة النظيفة من خلال إرسال الألواح الشمسية للفضاء الخارجي. أظهرت وكالة ناسا أيضاً اهتماماً في توليد الطاقة في الفضاء. قد تبدو هذه التكنولوجيا الفريدة كالخيال العلمي، لكنها قد توفّر للبشر مصدراً مهماً للطاقة في المستقبل غير البعيد.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن الاستفادة من الطاقة الشمسية ليلاً؟

كيف تعمل تكنولوجيا الطاقة الشمسية في الفضاء؟

إليك ملخّصاً سريعاً لآلية عمل الألواح الكهروضوئية. تمتص الخلايا الكهروضوئية الموجودة في الألواح الشمسية طاقة أشعة الشمس. ووفقاً لوزارة الطاقة الأميركية، تولد هذه الطاقة شحنة تتحرك ضمن الحقل الكهربائي الموجود في الخلايا.

تتضمن تكنولوجيا توليد الطاقة الشمسية في الفضاء وضع الألواح الكهروضوئية في المدار الجغرافي الثابت للأرض (وهو المدار الذي تُرسل أقمار الطقس الاصطناعية إليه) وإرسال الطاقة التي تجمّعها إلى الأرض على شكل أشعة ذات موجات صغرية. يتم استلام هذه الأشعة في محطات توليد الكهرباء على الأرض واستخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية.

قال علي حجيميري (Ali Hajimiri)، أستاذ الهندسة الكهربائية والمدير المشارك لمشروع الطاقة الشمسية الفضائية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا لموقع بوبساي (العلوم للعموم)، إن تكنولوجيا الطاقة الشمسية الفضائية قد تمثّل طريقة فعّالة لتوليد الطاقة الشمسية. أضاف حجيميري قائلاً إن هذه التكنولوجيا قد تكون أكثر كفاءة من استخدام الألواح الشمسية على الأرض.

قال حجيميري: “لا يوجد نهار أو ليل في الفضاء، ولا تمر الفصول ولا توجد الغيوم. تبلغ كمية الطاقة المتوفّرة للخلايا الكهروضوئية في الفضاء من 8-9 أضعاف الطاقة المتوفرة على الأرض”.

قد يبدو إرسال أشعة من الموجات الصِغرية إلى الأرض خطيراً، لكن يفيد حجيميري بأنه آمن للغاية، إذ يقول: “تجعل الطريقة التي تم تصميم النظام وفقها كثافة الطاقة التي يتم إرسالها إلى الأرض أقل من تلك التي يمكن أن تتعرض لها عند الوقوف تحت أشعة الشمس المباشرة”، ويضيف: “هذه الأشعة أقل ضرراً من أشعة الشمس لأنها عبارة عن إشعاع غير مؤيِّن. تعتبر معظم الطاقة التي تصلنا من الشمس مؤيِّنة. ولهذا يتسبب التعرض المطول لأشعة الشمس بالسرطان”.

يقول حجيميري إنه يمكن إيقاف تشغيل هذا النظام بسرعة إذا حدث خطأ ما مثل عطل كهربائي أو تلف من نوع ما.

يعمل فريق حجيميري على تطوير الأجهزة اللازمة لتوليد الطاقة الشمسية في الفضاء. وهو يضيف قائلاً إنه يمكن إعداد هذا النظام بطريقة تركيبية، ما يعني أنه يمكن تجميعه بشكل تدريجي قطعة واحدة في كل مرة. يمكن إرسال لوح من الخلايا الكهروضوئية إلى الفضاء في البداية، قبل إرسال المزيد من المكونات لتجميعها لاحقاً. يقول حجيميري إنه يمكن للفريق تركيب ألواح الخلايا الكهروضوئية التي تبلغ مساحتها كيلومتراً مربعاً واحداً، والتي يمكنها توليد 1 غيغاواط من الطاقة، ما يكفي لتزويد نحو 750 ألف منزل بالطاقة الكهربائية.

اقرأ أيضاً: أنظمة الطاقة الشمسية العائمة: ثورة في إنتاج الطاقة النظيفة

ما الدول التي تعمل على مشروع توليد الطاقة الشمسية في الفضاء؟

لم تُطلق أي دولة هذه التكنولوجيا إلى الفضاء بعد، لكن هناك العديد من الدول المهتمة بها بخلاف الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. تخطط الصين لاختبار هذه التكنولوجيا في المدارات الأرضية المنخفضة في 2028. وتتميّز هذه المدارات بأنها أقرب إلى الأرض من المدار الجغرافي الثابت. تخطط الصين أيضاً لاختبار تكنولوجيا توليد الطاقة الشمسية في الفضاء في المدار الجغرافي الثابت في 2030. أظهرت كل من كوريا الجنوبية واليابان اهتماماً بهذه التكنولوجيا أيضاً.

وفقاً لحجميري، ما يميّز نقل العمليات إلى الفضاء هو أن هناك ما يكفي من المساحة لتوليد الطاقة في مدار الأرض، كما أنه يمكن نقل الطاقة لأي مكان يحتاجها بسرعة. يقول حجيميري: “يمكننا أن نغيّر مسار الطاقة بشكل آني تقريباً”، ويضيف: “ما سيمكننا من توزيع الطاقة بشكل ديناميكي”.

حالياً، يعكس الغلاف الجوي للأرض 30% من ضوء الشمس الذي يمكن أن تلتقطه الألواح الشمسية. وعلى الرغم من أن ذلك يقي الأرض من الحرارة الزائدة، فإنه يتسبب بضياع إمكانات كبيرة من وجهة نظر توليد الطاقة.

نظرياً، يمكن لتكنولوجيا توليد الطاقة في الفضاء توليد كمية كبيرة من الطاقة التي يتم هدرها حالياً فقط بسبب وضع الألواح الشمسية على الأرض.

اقرأ أيضاً: لماذا لا نعتمد كلياً على الطاقة الشمسية؟

يعبّر الكثيرون عن مخاوف حول قدرتنا على تزويد الأرض بالطاقة اللازمة باستخدام الألواح الشمسية خلال الليل. وتتضمن بعض الحلول المقترحة استخدام البطاريات الكبيرة لأنه يمكن شحنها خلال توليد الطاقة الشمسية واستهلاك طاقتها في أثناء الليل. مع ذلك، لن يمثّل تخزين الطاقة أي مشكلة بالنسبة لهذه التكنولوجيا.

يقول حجيميري: “كل التكنولوجيات الرائجة اليوم كانت مجهولة أو تثير المخاوف في مرحلة ما من الماضي”، ويضيف: “لا يجب علينا أن نسمح للخوف من المجهول أن يسير مصيرنا”.