السنوات الضوئية ووحدات القياس في الفضاء

وحدات القياس في الفضاء
حقوق الصورة: آدم كريبل/ بيكسلز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

صوّر مسلسل «دليل المبتدئين للمجرة» الفضاء بشكل دقيق. الفضاء كبير للغاية لدرجة أن وحدات القياس التي نستعملها على الأرض تصبح غير عملية.

مثلاً، المسافة بين الأرض والشمس هي أقل بقليل من 150 مليون كيلومتر.

تتجاوز المسافة بين الأرض وأقرب النجوم 1013 كيلومتراً، وإذا لم تكن هذه الرموز مألوفة بالنسبة لك، فهذا الرقم يساوي 40,000,000,000,000 كيلومتراً، أو 40 تريليون كيلومتر.

يعاني الجميع تقريباً من تخيّل الأرقام الكبيرة، حتى علماء الفلك. هل يمكنك أن تحفظ أن مجرة «سحابة ماجلان الكبرى» تبعد 1.5×1018 كيلومتراً؟ أنا أنسى الرقم عند الوصول إلى الصفر الرابع عشر.

لذلك، للتعامل مع كبر حجم الفضاء، ابتكر علماء الفلك عدة أنواع من الوحدات الكبيرة.

اقرأ أيضاً: كيف تبدو الأرض من الأجرام السماوية البعيدة في الفضاء؟

الوحدات الصغيرة

نقطة البدء هي «الوحدة الفلكية» (Astronomical Unit)، والتي تُختصر عادة برمز «و.ف» (AU بالإنجليزية). تقابل هذه الواحدة مسافة 149.6 مليون كيلومتر، وهي تساوي المسافة بين الأرض والشمس تقريباً.

تمتد المجموعة الشمسية عبر عشرات الوحدات الفلكية، إذ يبعد كوكب نبتون نحو 30 وحدة فلكية، بينما لا يبعد كوكب الزهرة، والذي يعتبر الأسطع حالياً في سماء نصف الكرة الجنوبي، أكثر من 0.28 وحدة فلكية عن الأرض.

يبعد كوكب زحل، وهو أبعد كوكب نستطيع رؤيته بسهولة، 10 وحدات فلكية عنّا. رقم 10 يبدو رقماً صغيراً، ولكن تذكّر أن 10 وحدات فلكية تساوي 1.5 مليار كيلومتر. الشهر الماضي، التقطت مركبة «كاسيني» الفضائية صورة للأرض من كوكب زحل، وبدا عالمنا فيها ليس أكبر من مجرد نقطة:

وحدات القياس في الفضاء
الأرض (فوق السهم) كما صورّتها مركبة كاسيني من بعد 10 وحدات فلكية. تدور هذه المركبة حالياً حول كوكب زحل. الأرض بعيدة للغاية من زحل، وتبدو صغيرة للغاية، وكأنها نقطة. حقوق الصورة: ناسا/كالتيك/معهد علوم الفضاء.

اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث لك إن سقطت في ثقب أسود؟

المسافات الهائلة

كيف يقيس علماء الفلك المسافات عبر الكون؟ إنهم يقومون بذلك باستخدام «الفرسخ الفلكي» (Parsec) و«السنوات الضوئية» (Light year).

الفرسخ الفلكي هي وحدة يستخدمها علماء الفلك بشكل احترافي، كما أنها تحتفل بذكراها الـ 100 هذه السنة. استخدم العلماء وحدة السنة الضوئية لزمن طويل أثناء محاولاتهم لشرح الأفكار العلمية لعوام الناس، ونجحوا في ذلك نوعاً ما.

يساوي الفرسخ الفلكي 206,265 وحدة فلكية، وهي مسافة تقابل المسافة إلى أقرب النجوم إلينا. إذا نظرنا إلى نجم عملاق قطره 1 وحدة فلكية ويبعد 1 فرسخاً فلكياً، فسيكون قطره الزاوي يساوي 1 من 3600 جزء من 1 درجة. للمقارنة، الشمس والقمر لهما قطر زاوي يبلغ نصف درجة عند النظر إليهما من الأرض (القطر الزاوي هو القطر المرئي لجسم في الفضاء عند النظر إليه من الأرض مقاساً كزاوية).

الفرسخ الفلكي هي الوحدة التي يستخدمها علماء الفلك بشكل يومي، ولكن لأنها تساوي 206,265 وحدة فلكية، ولأن المصطلح بالإنجليزية ينتهي بـ «sec»، فهي غالباً ما يساء فهمها. ربما هذا هو السبب الذي جعل «هان سولو» (شخصية في فيلم «حرب النجوم») يستخدم الفرسخ الفلكي كوحدة للزمن بدلاً من المسافة.

السنة الضوئية هي وحدة قياس للمسافة يسهل فهمها أكثر من الفرسخ الفلكي. وتكمن الفكرة في تقبُّل فكرتين: محدودية سرعة الضوء، ووجود آلات الزمن.

ليس صعباً فهم أن سرعة الصوت محدودة، وهي تساوي تقريباً 340 متراً في الثانية، أو 1200 كيلومتراً في الساعة.

يتحرك الضوء بسرعة تفوق سرعة الصوت بمليون مرة تقريباً، وهي تبلغ أقل بقليل من 300 ألف كيلومتر في الثانية، أو أكثر بقليل من مليار كيلومتر في الساعة.

هذا يعني أنه كلما نظرنا إلى نقاط أبعد في الفضاء، نكون ننظر إلى نقطة أقدم في الزمن. أعيننا والتلسكوبات التي نستخدمها هي آلات زمن تمنحنا القدرة على النظر إلى الماضي. عندما ننظر إلى القمر، فنحن نراه كما كان منذ ثانية، وذلك لأن الضوء يستغرق ثانية واحدة ليصل من القمر إلى الأرض.

السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة واحدة في الفضاء، وهي تساوي 10 تريليون كيلومتراً تقريباً (أو 1013 كيلومتراً).

على الرغم من أن السنة الضوئية هي مسافة هائلة بالنسبة لنا، إلا أن أقرب النجوم إلينا تبعد بضعة سنين ضوئية. يبعد نجم «رجل القنطور»، وهو أسطع نجم من مجموعة النجوم «المؤشّرة» الموجودة بالقرب من كوكبة «الصليب الجنوبي»، أكثر بقليل من 4 سنوات ضوئية. هذا يعني أننا نرى رجل القنطور  كما كان منذ 4 سنوات.

اقرأ أيضاً: إلى أي مدى يمكنك الرجوع بالزمن إلى الوراء عندما تنظر إلى السماء؟

عبر الكون

حتى المجرات القريبة منا تعتبر بعيدة كثيراً مقارنة بالنجوم التي نراها في الليل. تبعد مجرة سحابة ماجلان الكبرى، والتي يمكن رؤيتها في الليالي المظلمة، مسافة 160 ألف سنة ضوئية.

وحدات القياس في الفضاء
يبعد النجم الزائف «إيه بي إم 08279+5255»، وهو النقطة الصفراء في منتصف الصورة، 12 مليار سنة ضوئية عن الأرض. حقوق الصورة: مسح سلووان الرقمي للسماء.

يرصد علماء الفلك بشكل منتظم المجرات التي تبعد مليارات السنين الضوئية، ورأيت بنفسي هذه الأجرام البعيدة.

في إحدى الأمسيات، في مرصد «جبل ليمون» في أريزونا، استخدمت تلسكوباً بفتحة قطرها 1.5 متراً للنظر عبر الكون. بالكاد يمكن للعين البشرية رؤية التوهج الخافت للنجم الزائف «إيه بي إم 08279+5255»، والذي يبعد أكثر من 12 مليار سنة ضوئية عن الأرض.

استغرق الضوء الآتي من هذا النجم الزائف مليارات السنين حتى وصل إلى الأرض، وبدأ رحلته عندما كان عمر الكون يبلغ عُشر عمره الحالي، قبل مليارات السنين من نشوء البشر، ومليارات السنين من تطور الديناصورات، وحتى قبل مليارات السنين من تشكّل الأرض نفسها.

حتى بالنسبة لعلماء الفلك، فالمسافة التي تفصلنا عن هذا النجم الزائف تبدو هائلة بالفعل.