بالفيديو: ماذا يحدث عندما تتعارك الحيتان القاتلة مع أسماك القرش الأبيض الكبيرة؟

بالفيديو: ماذا يحدث عندما تتعارك الحيتان القاتلة مع أسماك القرش الأبيض الكبيرة؟
أسماك القرش البيضاء الكبيرة كانت موجودة بكثرة في مياه جنوب إفريقيا. لكن نوعاً جديداً من المفترسات العليا يمثّل تهديداً على أعدادها المتناقصة مؤخراً. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعتبر أسماك القرش البيضاء الكبيرة تجسيداً حقيقياً لفكرة الحيوانات المفترسة العليا. (والمفترسات العليا هي الحيوانات في قمة السلسلة الغذائية، والتي لا مفترسات طبيعية لها). تحتل هذه الكائنات ذات الأسنان الكبيرة أحد أعلى المراكز في السلسلة الغذائية في المحيط (مع ذلك، فإن احتمال قتلها للبشر يبلغ 1 في 3700000 فقط). لكن تبيّن مقاطع الفيديو الحديثة التي التقطتها الطائرات بدون طيار والطائرات المروحية لمعركة مائية أنه يوجد حيوان ثديي بحري آخر يتفوق على أسماك القرش.

الحيتان القاتلة تفترس أسماك القرش البيضاء

لأول مرة في التاريخ، صوّر علماء الأحياء حدثاً يعتبر دليلاً مباشراً على هجوم الحيتان القاتلة على أسماك القرش البيضاء الكبيرة وقتلها في جنوب إفريقيا. تم تصوير مقطع الفيديو الأول باستخدام طائرة بدون طيار في شهر مايو/أيار 2022 في منطقة خليج موسل، وهو يبيّن 3 حيتان قاتلة تحاصر سمكة قرش بيضاء يبلغ طولها 3 أمتار وتعضّها لقتلها. لم تتم رؤية جسم سمكة القرش بعد المعركة، ولم يتمكن العلماء حتى من إيجاده. تم نشر هذا الفيديو، بالإضافة إلى مقاطع إضافية لنفس المعركة وبيانات تم تجميعها باستخدام أجهزة تعقّب أسماك القرش، في مجلة إيكولوجي (علم البيئة) بتاريخ 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

اقرأ أيضاً: كيف سرع القرش الأبيض الكبير انقراض قرش الميجالودون؟

تم نشر الفيديو الذي سجّلته الطيارة بدون طيار في يونيو/حزيران 2022 أولاً. ولكن تلقّى فريق العلماء لاحقاً مقطع فيديو مصور باستخدام كاميرا هاتف ذكي على متن طائرة مروحية في نفس يوم المعركة. تمكّن العلماء من ملاحظة أن الحيتان القاتلة المصورة في المقطع الجديد هي نفسها التي ظهرت في الفيديو الأصلي؛ إذ إنهم لاحظوا وجود حوت معروف بشكل خاص بأنه صياد لأسماك القرش يحمل اسم ستاربورد (Starboard). تبين الأدلة أن هذا الحوت قام برحلة صيد دامت ساعة من الزمن، قاتلاً ما مجموعه 4 أسماك قرش بيضاء كبيرة على الأرجح. على إثر ذلك، قرر العلماء تعديل ورقتهم البحثية وإعادة تقديمها للمجلة سابقة الذكر. توفّر هذه المعلومات رؤى جديدة حول سلوك أسماك القرش البيضاء الكبيرة الذي يتسم بالتهرّب من المواجهة، وهي أسماك هيمنت من قبل على مياه جنوب إفريقيا ولكنها الآن تعاني من تراجع سريع في أعدادها.

قالت المؤلفة الرئيسية للورقة الجديدة وكبيرة علماء أسماك القرش في أكاديمية مارين دايناميك في بلدة غانسباي في جنوب إفريقيا، أليسون تاونر، في رسالة عبر البريد الإلكتروني لموقع بوبساي (العلوم للعموم): “ما زلتُ أذكر رؤية المقطع لأول مرة والشعور بمزيج متنوع من الأحاسيس”، وأضافت: “كنا نحلل البيانات المتعلقة بحالات مشابهة منذ عام 2017 ونواجه العديد من الشكوك حول وقوع مثل هذه الحوادث في جنوب إفريقيا. أعتقد أن المقطع الجديد يقطع الشك باليقين؛ إذ إنه يمثّل الدليل غير القابل للدحض على أن الحيتان القاتلة تصيد أسماك القرش البيضاء الكبيرة في هذه المنطقة”.

اقرأ أيضاً: الحيتان اليوم هي أكبر من أي وقت مضى، وهذا هو السبب

الحيتان ذئاب المحيط

تعتبر الحيتان القاتلة “ذئاب المحيط”، حسب تعبير تاونر؛ إذ إنها تصيد الفرائس في مناطق محصورة بشكل منظّم. تمكّن فريق العلماء من رؤية الحيتان القاتلة تقترب ببطء من أسماك القرش في هجومين من الهجمات الثلاث الموثقة. وبدلاً من الهرب، سبحت أسماك القرش في حلقات ضيقة حول الحيتان مع الحفاظ على مسافة قريبة بما يكفي لترى الحيتان؛ إذ إنها حيوانات بصرية بامتياز. وفقاً لتاونر، هذه استراتيجية شائعة تطبّقها الفقمات والسلاحف أيضاً للهروب من أسماك القرش. لكن بما أن الحيتان القاتلة تصيد في مجموعات، قد لا تكون هذه الاستراتيجية فعّالة للغاية.

قالت تاونر: “ذُهلت من قدرة الحيتان على التخطيط والصيد. لكني شعرت أيضاً بالأسى على أسماك القرش”، وأضافت: “أن رؤية أسماك القرش محاصرة وتتعرض للقتل من قبل مفترسات أكبر منظر يثير المشاعر”.

يبدو أيضاً أن الحيتان تفضّل تناول أكباد أسماك القرش. يبيّن مقطع الفيديو هذه الكائنات وهي تقضم بطون أسماك القرش وتمزّق أكبادها، والتي تمكّنا من رؤيتها تطفو على سطح الماء قبل أن يتم تناولها من قبل الحيتان. شرحت تاونر قائلةً إن أكباد أسماك القرش تعتبر غنية بالزيوت والمغذيات، ما يجعلها وجبة مثالية بالنسبة للحيتان. وفقاً لما كتبه فريق العلماء في الورقة الجديدة، توفّر الأدلة الموجودة في مقطع الفيديو تفسيراً لظهور جِيَف أسماك القرش التي لا تحتوي على الأكباد على شواطئ جنوب إفريقيا من قبل.

اقرأ أيضاً: الحيتان القاتلة تفترس الحيتان الزرقاء أكبر مخلوقات الأرض

قد يكون افتراس أسماك القرش من قبل الحيتان القاتلة ظاهرة شائعة نسبياً. تعتبر هذه الحيتان المفترسات البحرية الوحيدة المعروفة لأسماك القرش البيضاء الكبيرة. وفي جنوب إفريقيا، تم التبليغ عن رؤية الحوت ستاربورد وحوت آخر شريك له يحمل اسمه بورت (Port) يفترسان أنواعاً أخرى من أسماك القرش. كما يُعتقد أن لهما يداً في مقتل أسماك القرش البيضاء منذ عام 2017. لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصوير معركة بين الحيتان القاتلة وأسماك القرش بشكل مباشر. قبل أن تبدأ الحيتان القاتلة بالصيد في خليج موسل، شوهدت أسماك القرش في تلك المنطقة بشكل متكرر. وأحياناً تم توثيق وجودها بشكل يومي من قبل دراسات المسح البحثية. قام مؤلفو الورقة الجديدة بتجميع بيانات الطائرات بدون طيار وقوارب الغوص قبل أحداث الافتراس وبعدها، ووجدوا أن أسماك القرش البيضاء الكبيرة هربت من المنطقة بعد هجوم الحيتان مباشرة. تمت رؤية قرش واحد أبيض فقط خلال الأيام الـ 45 التي تلت الإبلاغ عن حوادث الافتراس.

قال أخصائي الثدييات البحرية والمؤلف المشارك للورقة الجديدة، سايمون إلوين (Simon Elwen)، في بيان صحفي: “الحيتان القاتلة حيوانات ذكية واجتماعية للغاية”. تعرف هذه الثدييات بأنها تتعلم السلوكيات أو المهارات من بعضها في أنظمتها الاجتماعية الفريدة.

خطر حقيقي على أسماك القرش البيضاء

إذا انتشر سلوك الصيد هذا بشكل واسع بين جماعات الحيتان القاتلة في مياه جنوب إفريقيا مع مرور الزمن، فقد يشكل ذلك خطراً حقيقياً على أسماك القرش. بدأت الحيتان القاتلة بطرد أسماك القرش البيضاء من غانسباي، وهي بلدة شرق مدينة كيب تاون تعتمد على الصيد وتشتهر بسياحة مشاهدة أسماك القرش. شرحت تاونر قائلةً إن كلاً من التغيّر المناخي الذي تسبب به البشر ونشاطات صيد الأسماك يرتبط بتراجع جماعات أسماك القرش أيضاً. تمثّل الحيتان القاتلة خطراً إضافياً فقط، ما دفع تاونر والباحثين لمراقبة التفاعل بين الحيتان وأسماك القرش عن كثب، وآثاره المحتملة على النظام البيئي المحيطي في جنوب إفريقيا.

قالت تاونر: “على الرغم من أن هذه الظواهر مدهشة، فمن الضروري إدراك أن أسماك القرش البيضاء تواجه عدداً كبيراً من المخاطر في جنوب إفريقيا، وأن الحيتان القاتلة تمثّل خطراً إضافياً على جماعاتها المتراجعة بالفعل”، وأضافت: “يجب أخذ هذه المعلومة بعين الاعتبار في الدراسات المستقبلية وجهود إدارة هذه الجماعات في جنوب إفريقيا”.