الحياة مع قطة الوشق خدمة للعلم

حقوق الصورة: توماس ماكنامي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

فيما يلي مقتطفات من كتاب “الحياة الداخلية للقطط” للكاتب توماس ماكنامي.

كان عالم الأحياء البرية الشهير جون ويفر يفكّر بطريقة لمراقبة الحيوانات في البرية بدقة وعمق لم يسبق أن تم القيام بهما من قبل. وبعد النظر في عدد من الأنواع، قام في شهر يونيو من عام 1992 بشراء قطة وشق كندية عمرها 19 يوماً من مزرعة لتربية الحيوانات ذات الفراء بالقرب من بحيرة فلاتهيد في ولاية مونتانا. وتم اختيار هذا التوقيت بعناية، حيث فتحت القطة عيناها للمرة الأولى في اليوم التالي. ويضيف ويفر: “كنت أريد أن تفتح القطة عيناها علينا (ويفر وزوجته تيري وابنتهما آنا) لتنظر إلينا كعائلتها على الفور”. وفي المنزل الذي يقع في ضواحي ميسولا على طريق ريفي يؤدي إلى منطقة راتلسنيك ويلدرنيس، كانوا يطعمون القطة بواسطة الزجاجة كل ساعتين إلى ثلاث ساعات على مدار اليوم. وكانت القطة تشيرب – والتي سميت بذلك بسبب نطقها لها في الترحيب بشكل ودي – تنام في أسرّتهم، ولم تكن تغادرهم أبداً، وعلى الرغم من لطافتها وعدم عدوانيتها، إلا أنها لم تكن تتحول إلى حيوان منزلي أليف بكل تأكيد. فعندما أصبح عمرها عشرة أسابيع، كانت تلوّث كل زاوية تراها وتمزق الأثاث إرباً إرباً.

وقام ويفر ببناء بيت لها من لوحات السياج المرتبطة بسلاسل في الفناء الخلفي، بطول 10 أمتار وعرض 5 أمتار وارتفاع مترين ونصف. ويذكر ويفر: “لقد كنت أرغب في اختبار مدى سرعة تطور قدرتها على اصطياد الفرائس. وفي يوم من الأيام عندما كان عمرها عشرة أسابيع فقط، قمت بوضع أرنب حيّ بثلاثة أضعاف حجمها في بيتها. وقامت بالإمساك به وقتله بنفس الطريقة التي تتوقع من الوشق القيام بها، وذلك بعضة سريعة في الجزء الخلفي من الرقبة”.

وكان أحد معايير نجاح عالم الأحياء في تربية قطة الوشق لقبول رفقته هو أن يتمكّن من فتح باب بيتها ويخطو إليها مباشرة من دون إذن، إذ أن القطة تشيرب – اليافعة في الوقت الحالي – والتي يبلغ وزنها 13 كيلوجراماً تقريباً تطير في الهواء وتلفّ نفسها حول كتفيه كوشاح من فرو الوشق، وتموء بصوت عال. كما أنه يقوم بإجراء تدليك لكامل جسمها والذي يستمر من خمسة عشر إلى عشرين دقيقة (وهي تقوم بالرد بالمثل من خلال لعق كافة أنحاء وجهه ورأسه بشكل منتظم).

وفي فصل الشتاء التالي، قام بأخذ القطة إلى الجبال، وقامت بكل ما كان يأمل به، وذلك باللحاق به ولكن دون أن تعطيه أي اهتمام، وإنما كانت تركز بشكل كامل على طريدتها. ويقول ويفر: “لقد كنت أتساءل دائماً عن تلك الخصلات الطويلة التي تملكها قطط الوشق فوق آذانها. وكان لدى مختلف الأشخاص العديد من النظريات، ولكن لم تظهر صحة أي منها بالنسبة لي. ثم قامت القطة في أحد الأيام بحفر حفرة في الثلج ونزلت إليها بحيث لا يمكنك أن ترى منها سوى رأسها وهذه الآذان الطويلة. والتي تبدو بالنسبة لأرنب يمر في الجوار بسرعة وكأنها أرنب آخر”. وقام بقياس أذنيها وآذان أرنب حذاء الثلوج البري وآذان غيرها من قطط الوشق الموجودة في مزرعة تربية الحيوانات، وكانت متطابقة تماماً، وأضاف: “لقد كانت تقوم بالتمويه والانتظار!”.

وكان ويفر وبعض زملائه يطورون تقنيات للتنميط الجيني غير الجائر، وذلك باستخدام الشعر لتحديد الأنواع والجنس والعمر ومختلف الخصائص الأخرى للحيوانات التي تنجذب لمحطات الرائحة. ومن خلال عمله مع تشيرب، قام بإعداد مادة لزجة ذات رائحة كريهة – “لا تزال سرية” – ويصر على أنه يمكن وضعها على شكل بقع على السجاد وتثبيتها على الأشجار، وتدوم لعدة أشهر دون أن تفقد فعاليتها. ويضيف: “عندما توصلت أخيراً إلى المزيج المناسب، فقد اهتاجت تشيرب عليها بشدة وقامت بفرك غدتها الموجودة بمحاذاة فكها السفلي بشكل متكرر”، وبالتالي تركت عينة جيدة من الحمض النووي للشعر ليتم إرسالها للتحليل. وعندما كان يتم الانتهاء من التتبع أو من تجارب الرائحة خلال اليوم، كانت تشيرب بشكل عام تستلقي وتنتظر ويفر ليحملها على كتفه إلى أسفل الجبل إلى شاحنته الصغيرة.

وأصبحت تشيرب لطيفة جداً لدرجة أن ويفر بدأ يأخذها إلى الاجتماعات المجتمعية والفصول الدراسية. وأضاف: “كنت أتأكد من المعلم أن تلاميذ الصف الأول هادئون ويجلسون على الأرض في أحد طرفي الغرفة، وبعد ذلك أدع تشيرب تأتي. حيث تقوم بالمشي بشكل مناسب بين الأطفال، وبالتحقق منهم، وبالاستنشاق والبحث بدون إصدار أي صوت. وكان الأطفال ثابتين تماماً. حيث طلب منهم – بعبارات لا لبس فيها – عدم لمسها. وأنا لا أعتقد بأن شيئاً كان سيحدث، ولكني قمت بذلك بأمان. ففي بعض الأحيان كنت أمسك بها في حضني بطريقة أعرف بأنني يمكن السيطرة عليها، ثم أسمح للأطفال بلمسها قليلاً “.

وفي إحدى ليالي السنة الخامسة من عمر تشيرب، تسللّ شخص ما إلى الفناء الخلفي من منزل ويفر، وقام بفتح بيت تشيرب لأسباب غير معروفة. ولم يتم رؤيتها مرة أخرى بعد ذلك.

ماذا يود جون ويفر أن يقول لشخص يفكر بتربية قط الوشق الكندي كحيوان أليف؟
“لا تفعل ذلك أبداً. حيث قامت تشيرب بتدمير منزلنا تقريباً. كل ذلك خدمة للعلم، ولكن الوشق لا يمكن أن يكون حيواناً أليفاً”.

مقتطف من كتاب “الحياة الداخلية للقطط” والذي كتبه توماس ماكنامي، ونشرته شركة هاشيت في مارس من عام 2017. وتم أخذ الإذن بالنشر.