باحثون يحسمون جدلاً علمياً طويلاً بفضل هيكل عظمي لتيروصور

https://www.popsci.com/uploads/2022/10/05/pterosaur-ancestor-fossil-scotland.jpg?auto=webp
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

التيروصورات هي نجوم الجزء الأحدث من سلسلة أفلام الحديقة الجوراسية ومسلسل كوكب ما قبل التاريخ التلفزيوني. حلّقت هذه التيروصورات المجنّحة العملاقة في السماء في الفترة بين أواخر العصر الترياسي (أو العصر الثلاثي) حتى انقراض الديناصورات في أواخر العصر الطباشيري. ولكنها لم تكن كبيرة الحجم قبل ذلك. تبين بعض الأدلة الجديدة أن أسلاف هذه الزواحف المجنحة كانت صغيرة للغاية.

مستحاثة تيروصور تعود للعصر الترياسي

في دراسة نشرت بتاريخ 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 في مجلة نيتشر، ناقشت مجموعة دولية من العلماء مكتشفات جديدة تتعلق بمستحاثة تعود للعصر الترياسي اكتُشفت قبل 100 عام في اسكتلندا. استخدم العلماء تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب لإعادة إنشاء الهيكل العظمي الكامل لنوع غير طيري من الأركوصورات يحمل اسم المتصلّب المرتكز التايلوري (Scleromochlus taylori) لأول مرة بدقة عالية. ما كشف عن ميزاته الجسدية التي تبين أنه قريب وراثياً من التيروصورات. تنتمي المستحاثة سابقة الذكر إلى مجموعة تحمل اسم أشباه التيروصورات، وهي مجموعة منقرضة من الزواحف تشمل فصيلة الزواحف الأرنبية ويتم تصنيفها في نفس المجموعة التي تنتمي إليها التيروصورات.

قال عالم الأحافير والأستاذ في جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا، ستيرلينغ نيسبت (Sterling Nesbitt) في بيان صحفي: “التيروصورات هي أولى الفقاريات التي طوّرت القدرة على الطيران. ولنحو قرنين من الزمن، لم يكتشف البشر أقرب الأنواع إليها وراثياً”، وأضاف: “الآن، أصبحنا قادرين على معرفة تاريخها التطوري مع اكتشاف أقاربها الصغيرة، ما يوسّع معلوماتنا حول حياتها ومنشأها”.

عاشت الزواحف الأرنبية قبل 240-210 ملايين سنة تقريباً وكانت صغيرة الحجم نسبياً، حتى مقارنة بالثدييات المعاصرة. بلغت أحجام هذه الزواحف أحجام القطط أو الكلاب الصغيرة. كانت أركوصورات المتصلّب المرتكز التايلوري أصغر من ذلك حتى؛ إذ لم تتجاوز أطوالها 20 سنتيمتراً، أي أنها كانت أطول بقليل من المساطر المدرسية القياسية. تدعم نتائج الدراسة الجديدة الفرضية العامة التي تنص على أن أولى الزواحف الطائرة تطوّرت من أسلاف ذات قدمين أصغر حجماً مثل المتصلبات المرتكزة.

اقرأ أيضاً: كيف مهد انقراض الديناصورات الطريق للعصر الذهبي للثدييات؟

علاقة التطور بالنتائج التي توصل لها الباحثون

بالإضافة إلى ذلك، تحسم النتائج الجديدة جدلاً عمره 100 عام. اختلف العلماء لزمن طويل على ما إذا مثّلت المتصلبات المرتكزة خطوة تطورية أدت لظهور التيروصورات والديناصورات أو نوع آخر من الزواحف الموجودة اليوم.

قال الباحث المشارك في هيئة المتاحف الوطنية الاسكتلندية وزميل الأبحاث في جامعة برمنغهام، دافيد فوفا (Davide Foffa)، في بيان صحفي: “من المثير أن نتمكّن من حسم جدل مستمر منذ أكثر من قرن من الزمن. ولكن المدهش حقاً هو القدرة على رؤية وفهم حيوان عاش قبل 230 مليون سنة وكشف علاقته بأول الحيوانات التي تمكّنت من الطيران على الإطلاق”، وأضاف: “تمثّل النتائج اكتشافاً جديداً يسلّط الضوء على أهمية اسكتلندا في دراسة السجل الأحفوري العالمي، بالإضافة إلى أهمية مجموعات الأحافير التي توجد في المتاحف والتي تحفظ العينات مثل التي درسناها، ما أتاح لنا استخدام التقنيات والتكنولوجيات في تعلّم المزيد من هذه العينات بعد وقت طويل من اكتشافها”.

تعتبر دراسة المستحاثة التي تعود لأركوصور المتصلب المرتكز التايلوري بالتفصيل صعبة للغاية بسبب صغر حجمها ولأنها محفوظة بشكل سيئ في كتلة من الأحجار الرملية. تنتمي العينة المدروسة إلى مجموعة من المستحاثات الترياسيّة والبرميّة (أي التي تعود للعصر البرمي) تحمل اسم مستحاثات الزواحف الإلجينية (Elgin reptiles)، والتي وجدت في تشكيل لوسيمواث الحجري الرملي بالقرب من بلدة إلجين في منطقة موراي شاير شمال شرق اسكتلندا.

اقرأ أيضاً: هل كانت الديناصورات أنواعاً اجتماعية؟

قال الأستاذ الجامعي وعالم أحياء الأحافير في متحف التاريخ الطبيعي في إنجلترا، بول باريت (Paul Barrett)، في بيان صحفي: “لا يتم حفظ مستحاثات الزواحف الإلجينية كالهياكل العظمية الكاملة والسليمة التي نراها في المتاحف”، وأضاف: “إذ إنها تتألف عادة من قوالب طبيعية تشكلّت من العظام في الأحجار الرملية. وحتى وقت قريب، كانت الطريقة الوحيدة لدراستها هي استخدام الشمع أو اللثى (الليتكس) لملء القوالب وتشكيل صُبب على شكل العظام التي كانت موجودة في القوالب قديماً. مع ذلك، فإن استخدام تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب أحدث ثورة في مجال دراسة هذه العينات ومكننا من إعادة إنشاء الهياكل العظمية لهذه الحيوانات القديمة بطريقة أكثر دقة وإفادة بكثير”.