ما تأثير التلوث السمعي على الكائنات البحرية؟

دراسة جديدة تسلّط الضوء على تأثير تلوث الضوضاء على المخلوقات البحرية
تستغرق عملية تزاوج السرطانات الخضراء عدة أيام، ولكن أصوات الضجيج المرتفعة يمكن أن تعوق هذه العملية. باولو بيكسيتو/ريدا أند كو/يونيفرسال إيميدجيز غروب/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكن أن يؤثر هدير محركات السفن المستمر وأشكال الضوضاء الأخرى التي يصنعها البشر سلباً بشدة على الكائنات البحرية ويعوق تغذيتها وتنقلها وتواصلها فيما بينها. وقد كشفت دراسة حديثة أيضاً أن ضوضاء السفن يمكن أن تؤثر سلباً على سلوك التزاوج لدى السرطانات.

تأثير التلوث الضوضائي البحري على سلوك التزاوج عند الكائنات البحرية

حتى الآن، ركّزت معظم الدراسات التي تناولت التلوث الضوضائي البحري على تأثيره على الثدييات البحرية الكبيرة مثل الحيتان. لكن الطالبة في الدراسات العليا في علم البيئة البحرية بجامعة ديربي في إنجلترا، كارا رايزينغ، كانت مهتمة بمعرفة تأثير ذلك على القشريات التي غالباً ما يتم تجاهلها، وتقول إن الدراسات السابقة لم تعالج كيفية تأثير الضوضاء على سلوك التزاوج في اللافقاريات على الرغم من تأثيرها الواضح على نجاح الأنواع.

اقرأ أيضاً: ما تأثير التلوث الضوضائي على الحيتان البيضاء في القطب الشمالي؟

وتضيف رايزينغ: «يرتبط وجود الحيوانات بثلاثة أشياء: القتال والتغذية والتزاوج أيضاً. إذا تأثرت أي من هذه الأنشطة، ستتأثر أعدادها أيضاً».

لتحديد كيفية تأثير التلوث الضوضائي على سلوكيات التزاوج عند سرطان البحر، جمعت رايزينغ ذكور سرطان البحر الأخضر من شواطئ كورنوال في إنجلترا، ووضعتها واحداً تلو الآخر في حوض مائي صغير. ووضعت بجانب كلّ منها قطعة إسفنجية صفراء مشبعةٍ بالفرمونات الجنسية الصناعية وزُودت بعيدان تنظيف أسنان لمحاكاة أنثى السرطان. تقول رايزينغ إن السرطانات لا تعتمد على البصر بشكلٍ أساسي أثناء التزاوج، ولكنها تهتم جداً بأرجل الشريك.

سلوك التزاوج عند سرطان البحر وعلاقته بالضوضاء البحرية

التزاوج عند سرطان البحر معقد جداً. حيث تتزاوج السرطانات بعد أن تمر الأنثى بعملية الانسلاخ حين لا تزال قوقعتها طرية. يقف الذكر على أرجله ويصعد على ظهر الأنثى ويمسكها بمخالبه ويحيطها بجسده كما تقول رايزينغ، وتبقى على هذا النحو لبضعة أيام، ما يسمح للذكر بحماية الأنثى الضعيفة حتى تصلب قشرتها وتصبح مستعدة لوضع بيوضها.

بشكلٍ عام، استجابت السرطانات للإسفنج المشبع بالفرمون وبدأت بمحاولة تلقيحه. بدأت رايزينغ بعد ذلك تجربتها الفعلية، فقامت بتشغيل تسجيلات لأصوات السفن، واكتشفت أن الضوضاء الزائدة يمكن أن تتداخل مع هذه العملية الدقيقة، حيث كانت السرطانات أقل ميلاً بشكل ملحوظ إلى محاولة التزاوج مع قطعة الإسفنج التي تحاكي الأنثى عندما كان مستوى الضوضاء مرتفعاً مقارنة بالوقت الذي كان فيه منخفضاً.

يقول عالم الأحياء البحرية بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية، كارلوس دورتي، إن هذا العمل يساعد العلماء في فهم كيفية تأثير التلوث الضوضائي على الحيوانات بشكلٍ أفضل، وأشار إلى أهمية هذه الدراسة خصوصاً لأنها ركزت على أنواعٍ لم تحظَ بما يكفي من الدراسة، بالإضافة إلى دراسة تأثير الضوضاء على السلوكيات التي تؤثر مباشرة على ديناميكيات أعداد الحيوانات.

اقرأ أيضاً: لإنقاذ الحيتان المهددة بالانقراض، لا بدّ من البحث في فضلاتها

ضرورة وضع لوائح أكثر صرامة لتنظيم الضوضاء البحرية وحماية الأنواع البحرية

مع تزايد وضوح مخاطر الضوضاء التي يسببها الإنسان على الأنواع البحرية، يأمل دورتي في وضع لوائح أكثر صرامة، ويقول في هذا الصدد: «هذا دليل جديد يعزز الأدلة السابقة التي يجب أن تحفز المعنيين لوضع المزيد من اللوائح التي تحد من إدخال الإنسان للضوضاء في البيئة».

نظراً لصغر دراستها وبساطتها كما تقول رازينغ، فإنها تتطلع إلى إجراء مزيد من البحث حول بعض العوامل الأخرى مع إعدادات معملية أكثر دقة وخاضعة للرقابة، مثل ما إذا كانت الذكور ستتخلى عن الإناث بعد بدء التزاوج بها بمجرد سماعها أصوات الضجيج. لكنها تقول إن بحثها يمثل خطوة أولى مهمة في توسيع فهمنا لتأثيرات الضوضاء تحت الماء.

اقرأ أيضاً: هذه الأسباب قد تفسر سبب تواجد الحيوانات البرية في المدن

وتضيف أخيراً: «يجب إيلاء المزيد من الاهتمام لكيفية تأثير الضوضاء على الأنواع التي لم تحظَ بالبحث الكافي. لقد ركزت الأبحاث كثيراً على الحيتان، ولكن هذه السرطانات الصغيرة المسكينة تحتاج إلى التزاوج أيضاً».