أحفورة اسكتلندية تساعد العلماء في ملء الفجوات التطورية في شجرة عائلة السحالي

أحفورة اسكتلندية تساعد العلماء في ملء الفجوات التطورية في شجرة عائلة السحالي
صورة فنية لبيلايرسيا غراسيليس، ديناصور العصر الجوراسي الأوسط. د. إلسا بانسيرولي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بينما كانت السحالي والديناصورات تجوب الأرض معاً، كانت السحالي من أحدث الحيوانات على الأرض خلال العصر الجوراسي الأوسط. لا يزال العلماء يحاولون اكتشاف تاريخها الفريد، والآن، وبعد 166 مليون سنة، تساعد حفرية مكتملة تقريباً لهيكل عظمي لسحلية العلماء في ملء بعض الفجوات التطورية المبكرة في تاريخها.

بيلايرسيا غراسيليس: أكثر أحفوريات السحالي اكتمالاً في العالم

اكتشفت العينة في جزيرة سكاي في اسكتلندا وسماها العلماء “بيلايرسيا غراسيليس” (Bellairsia gracilis). تمثل بيلايرسيا سلفاً صغيراً للسحلية وكان طولها نحو 5 سنتيمترات فقط. تم وصف الحفرية الجديدة “الاستثنائية” في دراسة نُشرت هذا الأسبوع في مجلة نيتشر. الحفرية شبه مكتملة تقريباً ولا يغيب عنها سوى الخطم والذيل، ما يجعلها أكثر أحفوريات السحالي اكتمالاً في العالم.

اقرأ أيضاً: اكتشاف مخلوق صغير عاش قبل 150 مليون عام إلى جانب الديناصورات

يحمل الهيكل العظمي لبيلايرسيا مزيجاً من سمات أسلاف السحالي الأقدم والسحالي الأحدث، والذي يوفر دليلاً على الشكل الذي كان يمكن أن تبدو عليه الأسلاف القديمة للسحالي الحالية. يقول مؤلف الدراسة الرئيسي من جامعة وارسو وكلية لندن الجامعية، ماتيوز تاناندا، في بيان: «تتيح لنا هذه الأحفورة الصغيرة رؤية التطور في غمرة حدوثه. نادراً ما تتاح لنا في علم الحفريات الفرصة لدراسة مثل هذه الأحفوريات الكاملة والمحفوظة جيداً، والتي تعود إلى زمنٍ لا نعرف عنه سوى القليل».

كان فريق بقيادة جامعة أكسفورد والمتاحف الوطنية في اسكتلندا أول من اكتشف الحفرية في عام 2016. تُعد جزيرة سكاي، بالإضافة إلى مناظرها الطبيعية الخلابة، بقعة ساخنة غنية بالأحافير (بما فيها أحافير البرمائيات والثدييات المنقرضة)، والتي تمنح العلماء نافذة تكشف عن كيفية تطور العديد من الحيوانات الحالية عبر التاريخ.

يقول تاناندا: «تتمتع بيلايرسيا ببعض سمات السحلية الحديثة، مثل السمات المتعلقة بحركة الجمجمة- حركة عظام الجمجمة بالنسبة لبعضها بعضاً، وهي سمة وظيفية مهمة للعديد من الحرشفيات الحية».

غنى الحرشفيات بتنوعها

الحرشفيات (Squamates) هي مجموعة ضخمة من الحيوانات التي تعيش في الوقت الحاضر وتضم السحالي والثعابين والحرباء والأبراص. هناك أكثر من 10 آلاف نوع من الحرشفيات تعيش اليوم، وبالتالي تُعد من أكثر مجموعات الحيوانات الفقارية غنىً بتنوعها. يُدعى أصغر حيوان ضمن هذه المجموعة “سفيروداكتيلوس الجزر العذراء القزم” (Virgin Islands Dwarf Sphaerodactylus)، ويبلغ طوله نحو 2 سنتيمتر ويزن أقل من 3 غرامات فقط، بينما يُعد تنين كومودو أكبر عضو في مجموعات الحرشفيات، حيث يصل طوله إلى 3 أمتار ويزن أكثر من 150 كيلوغراماً.

اقرأ أيضاً: كيف مهد انقراض الديناصورات الطريق للعصر الذهبي للثدييات؟

كانت الباحثة المشاركة في الدراسة من متحف جامعة أكسفورد للتاريخ الطبيعي والمتاحف الوطنية في اسكتلندا، إلسا بانسيرولي، من اكتشف الحفرية لأول مرة. تقول بانسيرولي في بيان: «كانت واحدة من الحفريات الأولى التي اكتشفتها عندما بدأت العمل على جزيرة سكاي. كانت جمجمتها السوداء الصغيرة بارزة من الحجر الجيري الباهت، لكنها كانت صغيرة جداً وقد حالفني الحظ إذ رأيتها. عندما نظرت عن كثب، رأيت الأسنان البالغة الصغر وأدركت أنني وجدت شيئاً استثنائياً، ولكن لم أعرف إلا فيما بعد بأن الهيكل العظمي بأكمله تقريباً كان موجوداً هناك».

على الرغم من أن العلماء يعرفون أن الأصول الأولى للحرشفيات تعود إلى 240 مليون سنة خلال العصر الترياسي، فإن نقص الحفريات من العصر الترياسي والجوراسي عقّد من مهمة تتبع تاريخها التطوري المبكر ومعرفة سماتها التشريحية في ذلك الوقت. يُظهر تحليل الحفرية الجديدة جنباً إلى جنب مع بعض الحرشفيات الحية والمنقرضة الأخرى أن بيلايرسيا تنتمي إلى “جذع” شجرة عائلة الحرشفيات على حد تعبير العلماء. من المرجح أنها قد انفصلت عن السحالي الأخرى قبل ظهور المجموعات الحديثة من السحالي. كما يدعم هذا التحليل فكرة أن الأبراص تشعبت مبكراً من شجرة الحرشفيات وأن جنس سحالي “أوكولويدنتافيس” (Oculudentavis) المنقرض هو في الواقع “جذع” في شجرة عائلة الحرشفيات وليس ديناصوراً.

اقرأ أيضاً: التنين أسطورة أم حقيقة؟ خبراء الزواحف وعلم الأحافير يدلون برأيهم

يقول المؤلف المشارك من جامعة أكسفورد، روجر بنسون، في بيان: «لأحفورة بيلايرسيا أهمية كبيرة في سد الفجوات التي شابت فهمنا للتطور وتاريخ الحياة على الأرض. إن دراسة مثل هذه الحفريات الصغيرة كان بعيد المنال جداً في السابق، لكن هذه الدراسة تظهر قوة التقنيات الحديثة، مثل التصوير المقطعي المحوسب، في إظهار التفاصيل الدقيقة لمثل هذه الأحفوريات دون إلحاق الأذى بها».