نوعٌ من الخنافس طوّر طريقة بارعة لحماية البكتيريا في أثناء تحوله

نوعٌ من الخنافس طوّر طريقة بارعة لحماية البكتيريا في أثناء تحوله
خنافس اللاغريا الفتية طورت طريقة للاحتفاظ بالبكتيريا النافعة، حتى مع تغير كامل جسمها. حقوق الصورة: uzzy / Encyclopedia of Life
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما تضع خنافس “لاغريا” (Lagria)، وهي جنس من الخنافس ذات شعر كثيف ولون نحاسي وتعيش على نباتات فول الصويا، بيضها، فإنها تحميها بشيء خاص. تقوم مجموعة من الغدد الموجودة بجوار الأعضاء التناسلية للحشرة بتلطيخ كيس البيض بالبكتيريا التكافلية. مع نمو البيض، تنتج هذه البكتيريا المفيدة موادَّ كيميائية تقاوم العفن والميكروبات الضارة الأخرى، تماماً مثل الكريمات المنزلية المضادة للفطريات.

آلية الخنافس في حماية البكتيريا

عندما تفقس البيوض وتخرج اليرقات، تحمل البكتيريا معها لبقية حياتها، ثم تنقلها الإناث مجدداً إلى بيوضها. لكن خنافس لاغريا تمر عبر مرحلة الاستحالة، حيث تختبئ وتدخل في طور الخادرة لتنبثق منها فيما بعد بجسم مختلف تماماً. ولكن كيف تحتفظ بالبكتيريا التكافلية خلال مرحلة الاستحالة؟ وفقاً لدراسة نُشرت هذا الأسبوع في مجلة “فرونتيرس إن فيسيولوجي“، طوّر نوعان من يرقات لاغريا “جيوباً” على ظهورها تحتفظ فيها بالبكتيريا وتحميها خلال مرحلة الاستحالة.

مقطع فيديو يظهر مكان الجيوب على ظهر الخنفساء. الفيديو: إل في فلوريز، ريبيكا يانكي، إس مووغ، بي ويس، إم كاتينبوث.

في الواقع، تعتمد العديد من الحشرات على الميكروبات للدفاع عن نفسها أو حتى تنظيم سلوكها، لذلك طوّرت مراراً أدوات لحمل شركائها معها طوال حياتها. تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة وطالبة الدكتوراة في علم البيئة في جامعة يوهانس جوتنبرج في ماينز بألمانيا، ريبيكا يانكي، في هذا الصدد: «لقد طوّرت الحشرات الكثير من الهياكل الفريدة لحمل البكتيريا التكافلية. على سبيل المثال، يقوم أحد أنواع الدبابير المفترسة، يُدعى نحل الذئب، بتطعيم نسله بالبكتيريا المخزنة في قرون الاستشعار الخاصة به، وتقوم الأتلابيات، أو ما يعرف باسم السوس الذي يقوم بلف الأوراق النباتية (Leaf-rolling weevils)، بالاحتفاظ بالبكتيريا في كيس على بطنها. لكن ذلك يحدث دائماً في مرحلة الحشرة البالغة. هناك بعض الحشرات تخبّئ البكتيريا في بيئتها، ثم تعود مجدداً وتلتقطها في وقت لاحق من مرحلة البلوغ، لكن خنافس لاغريا لا تحتاج إلى أي مكانٍ لحفظ هذه البكتيريا، لأنها تحتفظ بها معها دائماً».

اقرأ أيضاً: ما هو دور البكتيريا في بقاء نحل العسل؟

يقول الباحث في ظاهرة التكافل في جامعة كاليفورنيا في إيرفين وغير المشارك في البحث، توبين هامر: «هذا مثال رائع على كيفية ابتكار الحشرات المضيفة طرقاً لدعم شركائها من البكتيريا. يمكن لهذه البكتيريا التكافلية تقديم خدمات مفيدة لمضيفيها، لكنها غالباً ما تكون ضعيفة جداً أيضاً».

تُعتبر دراسة بكتيريا خنفساء لاغريا، والتي تنتمي إلى جنس بكتيريا “البيركهولدرية” (Burkholderia)، صعبة بشكل خاص نظراً إلى أن الباحثين لم يتمكنوا من تنميتها في المختبر. تقول يانكي: «حاول مشرفي وأنا أيضاً تنمية هذه البكتيريا، وقد حاول طالبان آخران القيام بذلك أيضاً، وهناك طالب دكتوراة آخر يجرب ذلك الآن، ولم ينجح أحد بذلك». بدلاً من ذلك، قام الباحثون بوضع حبيبات مجهرية فلورية متوهجة في جيوب الحشرات حيث يمكنهم من خلالها تتبع البكتيريا طوال دورة حياة الحشرة.

عندما تدخل يرقات خنفساء لاغريا في مرحلة الاستحالة، تختبئ بين بقايا الأوراق تحت نباتات فول الصويا. تقول يانكي: «تبقى الخادرات في مكانها لستة أيام تقريباً، ويميل لونها إلى الأبيض نسبياً. لا تحيط نفسها بشرنقة، بل بغلاف إسفنجي رقيق بعض الشيء، وتنمو داخله أرجلها وأعضاؤها التناسلية وأجنحتها. ولكن تبقى الجيوب في مكانها خارج الخادرة في أثناء التحول، لتحافظ بذلك على البكتيريا التكافلية الخاصة بها. عندما تتطور الخادرات إلى حشرات بالغة كاملة، ينفتح الجزء الخلفي من الخادرة على طول الخط الذي يحمل البكتيريا. ثم تزحف الخنافس للخارج، فتنتقل البكتيريا إلى مختلف أنحاء جسمها».

تقول يانكي إنه من غير الواضح كيف تصل البكتيريا التي لا تمتلك طريقة واضحة للانتفال بمفردها إلى غدد أنثى الحشرة البالغة وتستعمرها. لكن حقيقة أن الميكروبات لا تستطيع الانتقال ولا يمكنها العيش في أي مكان خارج جسم الخنفساء يشير إلى أن الخنافس طوّرت جسدها لحمل هذه البكتيريا، وأن هذه البكتيريا تنمو وتعتمد كلياً على الموئل الذي توفره لها الخنفساء. ويشير هامر إلى أن تجربة المؤلفين في استخدام حبيبات اللاتكس تظهر إلى أي مدى يتحكم المضيف في المكان الذي ستعيش فيه البكتيريا التكافلية ومتى يتم ذلك».

الأنواع الأخرى المماثلة لهذا النوع من البكتيريا ليست متخصصة جداً. تقول يانكي إن الفريق نجح في زراعة سلالة ذات صلة تظهر أحياناً في الخنافس ولكنها معروفة بأنها عامل ممرض لنبات فول الصويا. وتضيف يانكي: «من المحتمل أن الخنافس تلتقط بعض البكتيريا التكافلية في أثناء التغذية، لذلك سيكون من المثير للاهتمام أيضاً معرفة ما إذا كان لجيوب الحشرات أي تكلفة بيئية. على سبيل المثال، ربما تتمكن بعض الطفيليات أو العوامل الممرضة من الاستيلاء عليها لدعم انتشارها».

اقرأ أيضاً: كيف تحولت حشرة الدبور الخطيرة إلى سلاح مكافحة حيوية فعال؟

ربما تطورت العلاقة التكافلية بين البكتيريا والخنافس في الأساس على النحو التالي: في أثناء احتكاك الخنافس بنبات فول الصويا عند التغذية عليه، ربما التقطت البكتيريا منه وتبنتها، وقامت الخنافس بدورها بنقل البكتيريا من نبات لآخر. تقول يانكي إنه على الرغم من كل الجهد الذي تبذله الخنفساء لحماية البكتيريا الخاصة بها، فإنه لا يزال من غير الواضح إلى حد ما كيف تستفيد البكتيريا من مضيفها».