كيف تنتقل العوامل الممرضة من الطيور لتصل إلى طعامك؟

الطيور البرية
حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد انتشار بكتيريا “الإشريكية القولونية” في السبانخ في عام 2006، كان على المزارع في وادي ساليناس في ولاية كاليفورنيا اتخاذ إجراءات لمعالجة سلامة الغذاء. أدت موجة القلق بشأن تلويث الحيوانات البرية للمنتجات الطازجة مثل الفواكه والخضار إلى تدمير 13% من المناطق الرطبة (أي كل منطقة تغمرها المياه جزئياً أو كلياً) والمواطن الواقعة بجانب الأنهار خلال السنوات التالية. لم يكن هذا حدثاً لمرة واحدة، إذ أنه غالباً ما تتم إزالة المواطن لمنع الحيوانات من تلويث المحاصيل استجابةً للأمراض التي تنتقل في الأغذية. لكن وفقاً لفريق من علماء الحشرات وعلماء البيئة من جميع أنحاء الولايات المتحدة، فإن سلامة الفواكه والخضروات لا يجب أن تُحقّق على حساب التنوع الحيوي.

مخاطر تلوث المنتجات الزراعية

تبين دراسة نُشرت مؤخراً في دورية “التطبيقات البيئية” اعتمدت على أبحاث سابقة حجم المخاطر المرتبطة بالطيور والعوامل المسببة للأمراض على المنتجات الطازجة. كما تقترح الدراسة كيف يمكن لبعض المزارع ردع التفاعلات الضارة مع أشكال الحياة البرية، وتعزيز تلك المفيدة.

تتبع الباحثون مساراً لمعرفة مدى احتمالية حمل الطيور للبكتيريا، والأنواع التي من المرجح أن تفعل ذلك، والفترات التي تتمكّن فيها من نقل الأمراض التي تصيب البشر.

وجدت “أوليفيا سميث”، باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة ولاية ميشيغان، أن أغلب الدراسات التي شُملت في تحليل تلوي للبيانات المتعلقة بالطيور والعوامل الممرضة أجريت في الساحل الغربي للولايات المتحدة، حيث تتم زراعة غالبية المنتجات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، كانت هذه الدراسات تميل إلى التركيز على المزارع العضوية الأصغر التي كانت متنوعة في إنتاجها. مثل بحث سابق أجرته سميث، ركزت الدراسات على 3 أنواع من البكتيريا التي تسبب التسمم الغذائي: الإشريكية القولونية، والسالمونيلا، و”المنثنية”.

نظر المؤلفون أولاً بهدف تحديد المخاطر بشكل دقيق في ما إذا كانت الطيور تحمل بالفعل هذه الملوثات، ووجدوا في بياناتهم المجمعة من 1565 دراسة أن 0.22% فقط من الطيور تحمل بكتيريا الإشريكية القولونية، و0.46% تحمل بكتيريا السالمونيلا. على العكس من ذلك، حملت نحو 8% من الطيور بكتيريا المنثنية، وهي البكتيريا التي تصادف أن تكون المثال الوحيد لتفشي تم اكتشاف أن الطيور البرية تسببت به، وكانت هذه الطيور هي سرب من طيور “الغرنوق” المهاجرة التي لوثت حقول البازلاء في ألاسكا.

استخدمت سميث لاكتشاف أنواع الطيور التي تعود لها العوامل الممرضة مجموعة سابقة من الدراسات التي جمع الباحثون فيها 1215 عينة براز من المزارع عبر ولايات واشنطن وأوريغون وكاليفورنيا، وحددوا أنواع الطيور التي تعود لها من خلال اختبار الحمض النووي. من أصل 106 نوعاً موجوداً، تم إرجاع ما يقرب من 40% من جميع المواد البرازية إلى 35 نوعاً من الطيور. كانت عصافير الدوري ذات التاج الأبيض، والدوري الغنّاء، والدوري المنزلي هي أكثر الأنواع المشتبه بها شيوعاً عندما يتعلق الأمر برواسب البراز المكتشفة.

باستخدام بيانات دراسات سميث السابقة وبيانات المختبر التي جمّعها “دانييل كارب”، الأستاذ المساعد في قسم الحياة البرية وصيد الأسماك وعلم أحياء الحفظ في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، وأحد مؤلفي الورقة البحثية الجديدة، استخدم فريق الباحثين بيانات من 87 مزرعة لمعرفة ما إذا كانت الطيور التي تحمل العوامل الممرضة تلوث الفاكهة والخضروات وتتلامس معها وتنقل البكتيريا إليها. ثم قاموا بإنشاء بيانات مسحية من خلال مراقبة عدد الطيور في الحقول وحولها وما إذا كانت تلامس المحاصيل بطريقة ما.

الطيور الأكثر نقلاً للعوامل الممرضة: السنونو بريء أما الدوري…

اتضح أنه في أغلب الحالات، يرتبط إجمالي عدد حالات الاتصال بين الطيور والمحاصيل التي لوحظت لكل نوع ارتباطاً إيجابياً بعدد عينات البراز التي يمكن إرجاعها إلى هذا النوع. لكن بينما ساعد المسح في تحديد أنواع الطيور التي كانت تنقل العوامل الممرضة بكثافة في المحاصيل، كانت هناك بعض الحالات التي لا تتناسب فيها وفرة نوع معين مع تواتر فضلاته. مثلاً، كان الارتباط بالنسبة لطيور السنونو سلبياً.

يقول كارب: “يطير السنونو فوق الحقول كثيراً وينخفض ويتلامس أحياناً مع المحاصيل، لكنه لا يهبط على الإطلاق”، ويضيف: “يمكننا القول أن السنونو يتلامس مع المحاصيل كثيراً لأننا نرى الكثير من هذه الطيور. لكنها لا تتغوط فوق الحقول كثيراً”.

ما هي الطيور البرية التي يمكن أن تنقل البكتيريا إلى المنتجات الزراعية؟
يمكن للطيور الآكلة للحشرات مثل طيور السنونو أن تفيد النظام البيئي للمزارع. حقوق الصورة: ديبوزت فوتوز.

هذا يعني أنه على الرغم من أن طيور السنونو تتواجد في كثير من الأحيان، إلا أنها تلوث المحاصيل بشكل أقل بكثير من المناطق حولها. في الوقت نفسه، تأكل هذه الطيور الآفات الضارة بالمحاصيل. في المقابل، كانت الأنواع الثلاثة من عصافير الدوري موجودة في الحقول وتتغوط كثيراً.

يقول كارب: “بالنسبة لعصافير الدوري، وهي تتواجد كثيراً في الحقول، فهي تتغوط بشكل أكثر تكراراً”.

كيف يمكن للطيور أن تنقل العوامل الممرضة؟

خلص المؤلفون أيضاً إلى أن كمية العوامل الممرضة التي يمكن أن تحملها أنواع الطيور يمكن تحديدها من خلال مخاطر التعرض. الأنواع مثل الأوز الكَنديّ وشحرور البقر بنيّ الرأس، والتي تميل إلى العيش على الأرض وحول مراعي الماشية، من المرجح أن تتلامس مع البراز الذي يحمل الإشريكية القولونية والبكتيريا الأخرى. يمكن لهذه الطيور بعد ذلك التقاط هذه الميكروبات ونقلها للمنتجات الطازجة في المزارع أثناء تحركها وبحثها عن الطعام خلال النهار.

تميل الطيور الآكلة للحشرات مثل الهازجة الصفراء، والتي تفضل أن تعيش في أعالي الأشجار، إلى التلامس مع المحاصيل بمعدل أقل. وجدت سميث أن هذه الأنواع أقل عرضة لأن تنقل الأمراض لأن مواطنها الطبيعية أنظف نسبياً من الأرض. زد على ذلك أن حقيقة أن الحشرات ليست باتساخ الحبوب التي تلوثها الماشية والدواجن على الأرض.

إن تحديد السمات الرئيسية لأنواع الطيور التي تجعلها تلعب دور نواقل للعوامل الممرضة الضارة، يجعل من الأسهل استخدام تقنيات أكثر أماناً للتعامل مع الأغذية دون التأثير على التنوع الحيوي وجهود الاستدامة.

يقول كارب: “تخبرنا سمة التعرض للملوثات الخاصة بالماشية شيئاً ما عن كيفية إصابة هذه الطيور بالعوامل الممرضة، وكذلك عن أنواع الطيور التي قد تعرضنا للخطر”. من ناحية أخرى، يمكن أن يشير عامل النظام الغذائي إلى أن بعض أنواع الطيور مفيدة بالفعل للنباتات والمزارع.

كيف تفيد الإحصاءات الباحثين؟

تعد هذه المعلومات مفيدة بالنسبة لكارب في إنشاء نماذج أكثر دقة لاكتشاف أنواع الطيور الضارة وما إذا كان يجب إدارة وجودها في مزارع معينة. يمكن استخدام الوسائل الوقائية مثل الصافرات ومدافع الصوت أو حتى الطيور الجارحة لإبعاد الأنواع الحاملة للأمراض.

يقول كارب: “هذا النوع من الإدارة المستهدفة يقودنا نحو وضع مفيد للطرفين، إذ أنه يفيد حفظ أشكال الحياة البرية نوعاً ما، ويمكّننا من استغلال بعض فوائد هذه الآفات، دون أن نقلق كثيراً بشأن مخاطر سلامة الأغذية”.

تؤكد “سادهانا رافيشانكار”، أستاذة سلامة الغذاء في جامعة أريزونا، على أنه في حين أن كشف الأنواع الناقلة للأمراض أمر مفيد، إلا أن القدرة على ردعها هو تحدٍّ مختلف. وتقول: “ربما يمكن للمزارعين اتخاذ تدابير احترازية، لكن الطبيعة متنوعة للغاية. فما هو مدى فعالية هذه التدابير؟”.

الافتقار إلى الآليات الوقائية العملية هو مشكلة أخرى تتعلق بسلامة الأغذية. تقول رافيشانكار: “يجب إجراء الكثير من الأبحاث قبل أن نتمكّن من التوصل إلى مقاييس سليمة علمياً. بدون هذه الإرشادات، سيواجه المزارعون مهمة أصعب تتمثل في تحديد المنتجات الآمنة للاستهلاك وتلك غير الآمنة”.

مع ذلك، يخطط كارب لمواصلة زيادة دقة تحليله من خلال التركيز على تحديد المدة التي تظل فيها العوامل الممرضة موجودة في المحاصيل بعد وصولها إليها. يقول كارب: “هل تعيش هذه العوامل في الطعام فعلاً؟”، ويضيف: “هل تبقى في الطعام لبضع ساعات؟ أم لأسابيع؟ مع العلم أنه في هذه الحالة، سنكون أكثر قلقاً بشأنها عندما يحين وقت الحصاد”.

من وجهة نظر محبي الطيور، تهتم سميث بإدارة النظم الزراعية بطريقة مفيدة لكل من البشر والتنوع الحيوي. إنها تأمل في اكتشاف أي الأنواع من الطيور هي الضارة حتى تكون المزارع الأميركية أكثر استدامة وأماناً للبشر الذين يأكلون الفاكهة وطيور السنونو في السماء على حد سواء.