تعرف على الميكروبات المغناطيسية الغامضة التي تقطن خندق الماريانا

تعرف على الميكروبات المغناطيسية الغامضة التي تقطن خندق الماريانا
ريسيجيلا بيلوكولاريس هو عبارة عن كائن من المنخربات وحيدة الخلية تم اكتشافها في خندق ماريانا الذي يحتوي على المغنتيت، وهي مادة تستخدمها العديد من الأنواع لاستشعار الحقول المغناطيسية. أندرو جوداي وهيروشي كيتازاتو بإذن من مجلة هاكاي.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في عام 2018، كان يانغ هاو طالب دراسات عليا يبحث عن الغبار الكوني في رواسب قاع البحر التي جُمعت من خندق ماريانا. كان في أثناء بحثه في أعمق جزء من المحيط يأمل في معرفة المزيد عن أصل الحياة على الأرض والدور الذي قد تكون المواد البين نجمية قد لعبته فيه. أثناء حث القليل من رواسب قاع البحر بإبرة مغناطيسية كجزء من البحث عن الغبار النيزكي، فوجئ يانغ بالعثور على كائن صغير قشري ملتصق بالأداة. كان المخلوق من نوعاً من “المنخربات” (foraminifera) ويُدعى “ريسيجيلا بيلوكولاريس” (Resigella bilocularis). مثل معظم المنخربات الأخرى، يُعتبر ريسيجيلا بيلوكولاريس كائناً وحيد الخلية ذو قوقعة، ولكن على عكس معظم المنخربات الموجودة في قاع المحيط، يتمتع هذا الكائن بخاصية غير متوقعة؛ إنه مغناطيسي. متحمساً لاكتشافه، قرر يانغ إعادة تركيز بحث الدكتوراه الخاص به لتعلم كل ما في وسعه عن هذا المخلوق الفضولي.

لغز تطوري جديد

تتمتع العديد من الكائنات الحية، بما في ذلك بعض البكتيريا والطحالب وحيدة الخلية والحشرات والرخويات والأسماك والطيور وحتى الثدييات، ببعض الجاذبية المغناطيسية. يُعتقد أن الكثير من هذه الكائنات تكتسب هذه الخاصية من معدن المغنتيت، حيث تستخدمه لتوجيه أنفسها والتنقل وفقاً لمجالات الأرض المغناطيسية. تستطيع بعض الكائنات الحية صنع المغنتيت بنفسها مستخدمةً الحديد من بيئتها. ولكن بالنسبة للعديد من الكائنات الحية، مثل المنخربات وحقيقيات النوى الأخرى، لا يزال أصل المغنتيت لغزاً.

يشتبه يانغ وفريقه بأن ريسيجيلا بيلوكالاريس يصنع المغنتيت بنفسه، لكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث للجزم بهذا الأمر. إذا تبين أن الأمر كذلك، وبالنظر إلى ريسيجيلا بيلوكولاريس هو أول مخلوق من حقيقيات النوى وحيدة الخلية يُعثر عليه في أعماق المحيطات يمتلك هذه المغناطيسية، فإن معرفة المزيد عن هذه الخاصية يمكن أن يقرب الباحثين من كشف التاريخ التطوري لهذه السمة.

وصل العلماء إلى هذا الاستنتاج بعد تحليل ألف عينة من المنخربات التي جمعوها من خندق ماريانا خلال الرحلات الاستكشافية بين عامي 2016 و2019. يُظهر عملهم أن التركيب الكيميائي والفيزيائي للمغنتيت في ريسيجيلا بيلوكولاريس يختلف عن المغنتيت الموجود في الرواسب المحيطة وعن الذي تنتجها البكتيريا، ما يشير إلى أن المنخربات تصنع المغنتيت الخاص بها.

تستجيب ريسيجيلا بيلوكولاريس الميتة بوضوح عند تعرضها لمجال مغناطيسي. لا يمكن للباحثين الجزم على وجه اليقين إذا ما كانت المنخربات الحية قادرة على الاستفادة من هذه الحساسية في الواقع. الفيديو من يانغ ها بإذن من مجلة هاكاي.

على الرغم من صعوبة دراسة المنخربات في مختبر مصمم لتعريض وحيدات الخلية لضغوط تصل إلى ألف ضعف مستوى الضغط عند مستوى سطح البحر، إلا أن يانغ مصمم على القيام بذلك. يعمل يانغ حالياً على إبقاء المنخربات حيةً في المختبر ويقوم بتسلسل الجينوم الخاص بها. إذا نجح في ذلك، فقد تتجاوز آثار اكتشافاته حجم هذا الكائن الحي الصغير.

اقرأ أيضاً: ما هي أساليب البقاء التي تتسلح بها الكائنات الدقيقة في البيئات المتطرفة؟

يقول عالم الأحياء التطورية بجامعة هاواي في هيلو وغير المشارك في الدراسة، إم رينيه بيلينجر: «لا يوجد هناك معلومات كافية حول إمكانية إنتاج المغنتيت في الكائنات الحية. يمكن أن تساعد دراسة مخلوق من بيئة أعماق البحار يُحتمل بأنه من المخلوقات الأولى على فهم كيفية تطور القدرة على إنتاج المغنتيت في المقام الأول».

في حين أن يانغ لم يفك شفرة الأصل الكوني للحياة على الأرض بعد، لكنه ربما أقترب أكثر من معرفة أصول الحياة المغناطيسية.