ما الدروس المُستفادة من انتشار الطحالب المدمرة في كاليفورنيا حول إدارة الأزمات والكوارث؟

ما الدروس المُستفادة من انتشار الطحالب المدمرة في كاليفورنيا حول إدارة الأزمات والكوارث؟
في منظر جوي، شوهدت مئات الأسماك النافقة تطفو في مياه بحيرة ميريت، وهي بحيرة مدّيّة في خليج سان فرانسيسكو، في 30 أغسطس 2022 في أوكلاند، كاليفورنيا. غيتي إيميدجيز.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بحيرة ميريت، في وسط أوكلاند، ولاية كاليفورنيا، هي مصب مد وجزر متصل بالمحيط الهادئ. عادةً ما تنبض بالحياة البشرية والبحرية على حد سواء. في أوائل شهر سبتمبر، كان خطها الساحلي الذي يبلغ طوله 3 أميال يعج بحركة الناس الذين يهرولون. ولكن في المياه المظلمة عند غروب الشمس، كانت الجثث البيضاء المتلألئة لآلاف الأسماك النافقة تتمايل في المد والجزر الهادئ وتراكمت في أكوام على طول حواف البحيرة.

انتشار الطحالب في كاليفورنيا

في أواخر يوليو، بدأت الطحالب بالانتشار في خليج سان فرانسيسكو، الذي يمتد 60 ميلاً من الشمال إلى الجنوب. ومنذ ذلك الحين، ازداد إزهار الطحالب بشكل سريع وامتد شمالاً إلى خليج سان بابلو، بما في ذلك شواطئ مقاطعة نابا، وكانت الظروف في منتصف سبتمبر لا تزال سيئة، حيث وصل عدد الأسماك النافقة إلى عشرات الآلاف. إنه أكبر وأطول إزهار للطحالب في التاريخ المسجل للخليج.

على الرغم من أن الظروف- المجتمعة من مياه الصيف الدافئة وضوء الشمس والعناصر الغذائية الثقيلة -كانت مناسبة لإزهار الطحالب لعقود من الزمن، إلا أن كمية الأسماك النافقة الناجمة عن ذلك تجاوزت نماذج العلماء الأكثر خطورة. تظهر على الشاطئ جثث عشرات الآلاف من أسماك الأنشوجة، وخفاش البحر، وسمك القاروص المخطط، وأسماك القرش الفهدية، والديدان التي تعيش في القاع، والرخويات- حتى سمك الحفش الأبيض العملاق الذي يبلغ عمره عقوداً- بينما يغرق عدد لا يحصى في القاع.

ترتبط تلك الخسائر الفادحة بإزهار ما يسمى بطحالب “هيتيروسيغما أكاشيو”. في المرحلة الأولى من الإزهار، يقتل طحلب هيتيروسيغما أكاشيو الأسماك من خلال نوع من المواد المؤثرة السامة، والتي لا تزال تفاصيلها مجهولة. بمجرد أن تموت الطحالب، تنشغل البكتيريا الموجودة في مياه البحر في تحليلها، وهي عملية تمتص الأوكسجين، كما أكدت قراءات الأوكسجين المذاب التي أخذها العلماء في جميع أنحاء بحيرة ميريت والخليج في أوائل سبتمبر. ولا يمكن للأسماك العيش في المياه المستنفدة للأكسجين. قال جون روزنفيلد، كبير العلماء في مؤسسة “سان فرانسيسكو بايكيبر” (San Francisco Baykeeper)، وهي مجموعة مناصرة للبيئة: ”إنه يشبه حريقاً هائلاً في الماء ‘. وبمجرد أن وصل هذا الخطر إلى مرحلة معينة، لم يعد هناك مكان تسبح فيه (الأسماك)”.


كانت بحيرة ميريت ذات يوم مصباً صحياً يوفر الماء والغذاء وأسلوب معيشة لشعب “أولون” (Ohlone) الذين يعيشون بالقرب من شواطئها. ولكن في القرن التاسع عشر، بعد طرد السكان الأصليين من المنطقة، استخدم المستعمرون الأوروبيون مياه بحيرة ميريت كمطمر للنفايات ومياه الصرف الصحي. على مدى عقود، كانت المدينة لا تزال توجه أنابيب الصرف الصحي إلى البحر. كما لاحظ أحد المؤرخين، بحلول مطلع القرن العشرين، أن بحيرة ميريت أصبحت “خزان نفايات وخطر على الصحة العامة”. لم تبدأ المدينة بمشاريع البنية التحتية لتنظيف البحيرة حتى الثمانينيات، بما في ذلك إعادة توجيه أنابيب الصرف إلى محطات معالجة مياه الصرف الصحي. منذ ذلك الحين، شهدت بحيرة ميريت ارتفاع مستمر في جودة المياه.

في أحد أيام الأحد الأخيرة في أواخر أغسطس، ذهب عالم الطبيعة المحلي، ديمن تايغ، الذي يوثق التنوع البيولوجي المذهل لبحيرة ميريت، إلى البحيرة وأخبرني أنه شعر بالهلع مما رآه . وقال: “كل زاوية كان فيها أسماك قوبيون نافقة” -وهو نوع من الأسماك العظمية الصغيرة-. لقد كان ذلك انتكاساً مؤلماً لقصة تعافي البحيرة التي استمرت لقرون. وكان تايغ قلقاً حول تزايد عدد الأسماك النافقة ومحبطاً بسبب نقص المعلومات العامة المتاحة، لذا فقد أنشأ صفحة مشروع علم المجتمع “آي ناتشوراليست” (iNaturalist)، حيث يمكن للناس تحميل ملاحظاتهم عن الأسماك النافقة وتجميع نقاط البيانات بشكل فوري. نظراً لأن الأسماك تتحلل في غضون أيام من موتها، فإن جمع البيانات في الوقت المناسب ضروري لفهم حجم الكارثة.

اقرأ أيضاً: الطحالب الاصطناعية قد تساهم في إنقاذ المحيطات

مؤشرات خطرة

كان كيث بوما جريجسون، عالم الأحياء في مركز كاليفورنيا لعلوم المياه التابع لهيئة المسح الجيولوجي الأميركي، يقوم بأخذ عينات من المياه حول الخليج عندما رأى سمك الحفش الميت يطفو على الماء. قال: “يعد هذا بمثابة الخروج إلى الغابة ورؤية أنواع من الأشجار القديمة المعمرة (مثل الأخشاب الحمراء) تُضرب بشدة”. “كانت تلك لحظة تحذيرية حقيقية لإدراك أن هذا الإزهار كان ضاراً حقاً”.

على الرغم من أن الإزهار الحالي غير مسبوق، إلا أنه ليس مفاجئاً؛ لأن هذا النوع من الطحالب موجود بشكل شائع في جميع أنحاء الخليج. لكي تنمو هذه الطحالب، فإنها تحتاج إلى ضوء الشمس والماء الدافئ والعناصر الغذائية. في فصل الصيف، يتعرض خليج سان فرانسيسكو للكثير من أشعة الشمس. كما ارتفع متوسط ​​درجة حرارة مياه الخليج على مر السنين، وفقاً للأنماط العامة لتغير المناخ. وتتدفق العناصر الغذائية بانتظام إلى مياه الخليج من مياه أمطار المدن والجريان السطحي الزراعي، على الرغم من أن أكبر عامل مساهم في هذه العملية حتى الآن هو مياه الصرف الصحي المعاد تدويرها من 37 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في المنطقة.

خلال مقابلة هاتفية حديثة أجريت معه مؤخراً، قارن روزنفيلد الإزهار بحريق هائل كارثي حيث تكون الظروف -الناجمة عن سوء الإدارة البشرية- عامل أساسي للاشتعال. قال: “الشرارة تشبه السيجارة التي تشعل النار في الهشيم. كانت الظروف مهيئة دائماً لبدء إزهار الطحالب”. لا يزال العلماء يعملون لمعرفة ما الذي أدى بالضبط إلى الإزهار المدمّر هذا العام، ولكن العامل الأساسي لمنع وقوع كوارث بهذا الحجم هو الإدارة الأفضل. وقال: “نحن نعلم ما يمكننا القيام به للتخفيف من إزهار الطحالب أو منع حدوثها في المستقبل”.

سيكون أحد الحلول هو إعادة تدوير المزيد من المياه. يمكن أن تساعد استعادة الأهوار حول الخليج أيضاً في امتصاص العناصر الغذائية الزائدة من الماء، كما ستوفر فوائد أخرى للناس والحياة البرية. قال روزنفيلد: “لكن السياسة بطيئة، والناس متلكئون في إنفاق الأموال إلى حين وقوع الكوارث”.