لماذا تؤثر البحار والبحيرات الكبيرة على مناخ المنطقة؟

3 دقيقة
لماذا تؤثر البحار والبحيرات الكبيرة على مناخ المنطقة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ AKOMIX
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تقع مدينتا جدة ومكة المكرمة في المملكة العربية السعودية على خط عرض واحد، لكن تتمتع إحداهما بمناخ أكثر اعتدالاً من الأخرى. الشتاء في مكة أكثر برودة، والتفاوت في درجات الحرارة أكثر وضوحاً بين النهار والليل. من الناحية الأخرى، تزداد الرطوبة في جدة، ويصبح المناخ أكثر اعتدالاً كغيرها من المدن التي تقع على السواحل. بشكلٍ عام تؤثّر المسطحات المائية الكبيرة على مناخ المدن المطلة عليه، فكيف تؤثّر البحار والبحيرات الكبيرة على مناخ المنطقة؟

تأثير البحار والبحيرات الكبيرة على المناخ

تتميز المدن الواقعة على سواحل البحيرات الكبيرة والبحار والمحيطات بمناخ دافئ نسبياً شتاءً ومعتدل صيفاً، مع هطولات مطرية أكثر من المناطق الداخلية، متأثرةً بخصائص الماء بالإضافة إلى عوامل أخرى، بما في ذلك:

السعة الحرارية للماء: سبب درجات الحرارة المعتدلة

يختلف الماء عن اليابسة بالسعة الحرارية، وهي مقدار الطاقة اللازمة لرفع درجة حرارة غرام واحد من الماء درجة كلفن واحدة. بالنسبة للماء تتجاوز هذه القيمة 4، أي أن هناك حاجة لأكثر من 4 جول من الطاقة لتسخين غرام واحد من الماء درجة كلفن واحدة، أما الهواء فتبلغ سعته الحرارية الواحد تقريباً، في حين تقل السعة الحرارية لليابسة عن الواحد. بعبارة أخرى يتطلب الماء طاقة أكبر لتسخينه من تلك اللازمة لتسخين اليابسة، ويستغرق وقتاً أطول ليسخن ويفقد حرارته ويبرد أيضاً.

  • في الصيف، تكون درجات الحرارة فوق جسم مائي أقل منها فوق سطح اليابسة، بسبب التبادل الحراري بين الماء وطبقات الغلاف الجوي الأدنى بالقرب من سطح الماء.
  • أما في الشتاء، تفقد المسطحات المائية حرارتها ببطء لذا تبقى درجة حرارتها معتدلة مقارنةً باليابسة في المناطق الداخلية.

إذاً، فإن السعة الحرارية العالية للماء هي سبب اعتدال درجات الحرارة في المناطق الساحلية أكثر من المناطق الداخلية على نفس خط العرض.

اقرأ أيضاً: ارتفاع حرارة البحار يفقد بعض الأسماك حاسة الشم

التيارات المحيطية

تتأثر درجة حرارة المسطحات المائية والمناطق الساحلية أيضاً بما يُعرف بالتيارات المحيطية، وهي تدفق أفقي مستمر للماء ينشأ بتأثير عدة عوامل هي:

تعمل هذه التيارات مثل الحزام الناقل، حيث تنقل معها الحرارة والهطولات المطرية من المناطق الاستوائية نحو القطبين، مثل تيار الخليج الدافئ الذي يؤثّر على سواحل أوروبا الغربية والساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية. أو قد تنقل التيارات المحيطية الماء البارد من المناطق الباردة إلى المناطق المدارية الأكثر دفئاً، مثل تيار محيط بنغيلا الذي يؤثّر على غرب إفريقيا.

إذاً، تسهم التيارات المحيطية في تنظيم المناخ العالمي في مواجهة التوزيع غير المتكافئ للإشعاع الشمسي على سطح الأرض.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد التيارات الدوارة مفترسات الأعماق على إيجاد الغذاء؟

الرياح السائدة

مثلما تؤثّر التيارات المائية المحيطية على مناخ المنطقة التي تتجه نحوها، كذلك الأمر بالنسبة للتيارات الهوائية والتي تُعرف بالرياح السائدة، وهي الرياح التي تهب في اتجاه واحد أكثر من الاتجاهات الأخرى، فكيف تتشكل؟

تتلقى منطقة خط الاستواء معظم الإشعاع الشمسي الوارد إلى الأرض وحرارته فترتفع درجة حرارة الهواء فوقها، وتنخفض كثافته، وتتشكل منطقة ضغط منخفض. بينما تميل زاوية ورود الإشعاع الشمسي إلى المناطق الباردة في القطبين فتقل كمية الحرارة التي تصل إليها، وتنخفض معه حرارة الهواء وتزداد كثافته، مشكّلة منطقة ضغط مرتفع.

يتحرك الهواء بشكلٍ عام من منطقة الضغط المنخفض إلى الضغط المرتفع، فإذا انتقلت الرياح فوق المسطحات المائية فإنها تجمع الرطوبة خلال تحركها، وتنقلها إلى المناطق الساحلية حيث يتكاثف البخار نتيجة انخفاض درجة الحرارة فتتلقى هطولات مطرية غزيرة، وبشكلٍ خاص في المناطق الاستوائية التي ترتفع فيها شدة عملية التبخر ونسبة الرطوبة الجوية.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثّر الرياح على شعورنا بالبرد؟

نسيم البر والبحر

ينشأ نسيم البر والبحر بسبب الفرق في درجات الحرارة بين المسطحات المائية واليابسة المجاورة لها، ما يسهم في تعديل درجة حرارة اليابسة.

نسيم البحر: يحدث نهاراً في الصيف والربيع عندما ترتفع حرارة اليابسة بسرعة أكبر من المسطحات المائية المجاورة لها، فقد تصل إلى 40 درجة مئوية أو أكثر، بينما لا تتجاوز درجة حرارة المياه 30 درجة مئوية. يرتفع الهواء فوق اليابسة نتيجة ارتفاع درجة حرارته وانخفاض كثافته إلى طبقات الغلاف الجوي، ويخلق مساحة ليتدفق مكانه الهواء الأكثر برودة والمحمّل ببخار الماء من فوق المسطح المائي، ما يساعد على تبريد اليابسة الواقعة على ساحل المسطح المائي وتعديل مناخها.

نسيم البر: يحدث ليلاً وفي الصيف، حيث تفقد المياه حرارتها ببطء، بينما تنخفض درجة حرارة اليابسة بشكلٍ أسرع، ما يخلق منطقة ضغط مرتفع فوق اليابسة ومنطقة ضغط منخفض فوق مياه المسطح المائي، فينشأ تيار هوائي يتحرك من البر إلى البحر.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر التضاريس على المناخ؟

مع تغطية المسطحات المائية لمساحة 70% من سطح الأرض فإنها تقود أنظمة الطقس حول العالم، وتحمينا من تأثيرات التغيرات المناخية بسعتها الحرارية العالية. وعموماً كلما اقتربنا من مسطح مائي كبير تلقت اليابسة المزيد من الأمطار وكانت الحرارة أكثر اعتدالاً.