المدمرات: مجرات قد تغير فهمنا للكون

مدمرات الكون: مجرات قد تغير فهمنا للكون
صورة لست مجرات من المحتمل أن تكون هائلة الكتلة، تعود للفترة ما بين 500 و700 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. قد تحتوي إحدى هذه المجرات (أسفل يسار الصورة) على عدد من النجوم يساوي ما تحتوي عليه مجرة درب التبانة حالياً، على الرغم من أنها مضغوطة أكثر بثلاثين مرة. وكالة ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية، إيفو لابي (جامعة سوينبورن للتكنولوجيا). معالجة الصور: جي. برامر (مركز كوزميك دون التابع لمعهد نيلز بور في جامعة كوبنهاغن).
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

باستخدام أولى مجموعات البيانات التي أرسلها تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، اكتشف فريق دولي من العلماء أدلة مفاجئة تبين وجود 6 مجرات ذات كتل فائقة تشكّلت في بدايات تشكّل الكون.

قال عالم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، جول ليجا (Joel Leja)، في بيان صحفي: “تتمتع هذه المجرات بكتل أكبر بكثير مما يمكن توقُّعه. توقعنا أن نعثر على مجرات صغيرة وحديثة العهد فقط في هذه الفترة من عمر الكون؛ ولكننا اكتشفنا مجرات تقترب أعمارها من عمر مجرة درب التبانة في الفترة التي كنا نظن أنها مبكرة من عمر الكون”.

طرائق تشكل المجرات قد تختلف عما نعرفه

شارك ليجا في تأليف دراسة جديدة نُشرت بتاريخ 22 فبراير/ شباط 2023 في مجلة نيتشر (Nature) من المحتمل أن تغير بعض المفاهيم السابقة التي توصل إليها العلماء حول طرائق تشكّل المجرات. تعود هذه المجرات المكتشفة حديثاً إلى ما بين 500 و700 مليون سنة بعد الانفجار العظيم. يحتوي تلسكوب جيمس ويب الفضائي على أجهزة الاستشعار التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء والتي تستطيع استشعار الضوء الذي أصدرته أقدم النجوم والمجرات في الكون؛ ما يتيح للعلماء رصد الكون كما كان قبل نحو 13.5 مليار سنة باستخدام هذا التلسكوب.

قال ليجا: “ننظر للمرة الأولى إلى فترة بهذا القدم من عمر الكون، لذلك يجب أن نقيّم ما نراه بصورة موضوعية. وعلى الرغم من أن البيانات تشير إلى أن هذه الأجسام الجديدة هي مجرات على الأرجح؛ لكنني أعتقد أن ثمة احتمال لا يمكن تجاهله بأن يكون بعضها ثقوباً سوداء ضخمة محجوبة. في الأحوال جميعها، نستنتج من مقدار الكتلة التي اكتشفناها أن كتل النجوم في هذه الفترة من عمر الكون أكبر بنسبة تصل إلى 100 مرة مما اعتقدنا سابقاً، وسيؤدي هذا الاكتشاف إلى تحولات مذهلة في فهمنا للكون حتى وإن قلصنا حجم العينة التي درسناها إلى النصف”.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تساعد دراسة المجرات المنعزلة في فهم تاريخ الكون؟

بما أن المجرات الست الجديدة تتمتع بكتل أكبر بكثير مما توقع أيٌّ من مؤلفي الدراسة، فهي ستقلب المفاهيم السابقة حول تشكّل المجرات في بداية الكون رأساً على عقب.

مدمرات الكون

قال ليجا: “سيجبرنا اكتشاف أن تشكّل المجرات الفائقة الكتلة بدأ في مرحلة مبكرة من عمر الكون على تعديل النظريات التي اعتقد الكثير من العلماء أنها مكتملة. نطلق على هذه المجرات بصورة غير رسمية اسم “مدمّرات الكون” (Universe Breakers)، ويبدو أنها حتى الآن تستحق هذه التسمية”.

يقول مؤلفو الدراسة الجديدة إن “مدمرات الكون” هذه كبيرة لدرجة أن غالبية النماذج الكونية تعجز عن تفسير تشكّلها.

قال ليجا: “رصدنا الكون المبكر للغاية لأول مرة ولم تكن لدينا أي فكرة عما يمكن أن نكتشفه. ويشكّل ما اكتشفناه بعد ذلك مشكلات للعلماء؛ إذ يدفعنا إلى التشكيك في نماذج تشكّل المجرات المبكرة بأكملها”.

تتمثّل إحدى الطرائق التي تساعد الفريق على التحقق من صحة النتائج الجديدة، في استخدام الصور الطيفية التي توفر بيانات توضح المسافة الفعلية بين كوكب الأرض والمجرات الجديدة الغامضة، والغازات والعناصر الأخرى التي تحتوي عليها هذه المجرات. كذلك يمكن استخدام هذه الصور لاستنتاج أشكال هذه المجرات كما كانت قبل مليارات السنين.

اقرأ أيضاً: ماذا يحدث عندما تعمل التلسكوبات الفضائية معاً لتصوير الكون؟

قال ليجا: “يمكننا أن نستنتج باستخدام الصور الطيفية إذا كانت الأجسام التي اكتشفناها حقيقية أو لا بسهولة، وستبين لنا أحجام المجرات وبُعدها عن الأرض. الأمر المضحك هو أن اكتشاف هذه المجرات الغريبة أبعد ما يكون عما أردنا معرفته بواسطة تلسكوب جيمس ويب؛ اكتشفنا ما لم نتخيل اكتشافه من قبل وبسرعة أكبر بكثير مما كنا نعتقد، وهذا مذهل”!

أصدرت وكالة ناسا أول صور بالألوان الكاملة وأول بيانات طيفية من تلسكوب جيمس ويب الفضائي في 12 يوليو/تموز 2022. يتمثّل أحد الأهداف الرئيسية لتلسكوب جيمس ويب الفضائي لعام 2023 في تصميم خرائط وجداول زمنية أوضح للمراحل المبكرة من نشأة الكون باستخدام أدوات الرصد عالية الدقة والتي تعمل بالأشعة تحت الحمراء.