لماذا زادت مشاهدات الأجسام الطائرة مجهولة الهوية بالولايات المتحدة؟

ما تفسير زيادة مشاهدات الأجسام الطائرة المجهولة الهوية في الولايات المتحدة؟
استعاد البحّارة في مجموعة التخلص من الذخائر المتفجرة 2 (EODG 2) بقايا المنطاد الضخم الذي تم إسقاطه قبالة ساحل ميرتل بيتش في ولاية كارولاينا الجنوبية. تايلور تومبسون/البحرية الأميركية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أسقطت الولايات المتحدة حتى الآن في فبراير/ شباط 4 أجسام في أجوائها الإقليمية. كان أولها منطاد يعود إلى الصين، دخل المجال الجوي للولايات المتحدة فوق مونتانا في الأول من فبراير/ شباط وأُسقط قبالة سواحل كارولينا الجنوبية في 4 فبراير/ شباط. ومنذ ذلك الحين، تم رصد 3 أجسام أخرى وتدميرها، من بينها جسم طائر مثمن الشكل أُسقط مؤخراً فوق بحيرة هورون. تسبب تواتر مشاهدة هذه الأجسام مؤخراً بالإضافة إلى عدم معرفة الهدف منها وإلى من تتبع بإرباك الناس، وأثار تساؤلين كبيرين: ما هذه الأجسام بالضبط ولماذا لم يتم اكتشافها من قبل؟

اقرأ أيضاً: تعرف على ستيف و7 أجسام أخرى غامضة تتوهج في سماء الليل

ما هذه الأجسام بالضبط ولماذا لم تُكتشف حتى الآن؟

قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، في بيان صحفي في 13 فبراير/ شباط: “أعلم أن هذا الأمر قد أثار العديد من الأسئلة والمخاوف، ولكن لم تظهر أدلة تشير إلى وجود كائنات فضائية أو نشاط خارج الأرض بعد عمليات إسقاط هذه الأجسام مؤخراً. أؤكد مجدداً عدم وجود أدلة على وجود كائنات فضائية أو نشاط خارج الأرض في عمليات الإسقاط الأخيرة.  نريد أن نطمئن الشعب الأميركي والجميع أيضاً، ونعتقد أنه من المهم الإشارة إلى ذلك بعد أن انتشرت الكثير من الشائعات حول الأمر”.

تتماشى حقيقة بقاء هذه الأجسام مجهولة الهوية مع الاعتقاد بأن أصلها أرضي مع الأجسام الطائرة المجهولة أو ما يُعرف بـ “اليوفو”، ومؤخراً الظواهر الجوية غير المحددة. من المؤكد أن الطيارين وأجهزة الاستشعار كانوا يراقبون هذه الأجسام الغامضة، لكن معرفة طبيعة ما يرونه بالضبط في الواقع تمثل تحدياً نظراً لأن أجهزة الاستشعار مصممة في الأصل لاكتشاف الأجسام المعروفة سابقاً.

زيادة اكتشاف الأجسام الطائرة المجهولة الهوية

في أعقاب موجة الذعر التي عمّت الولايات المتحدة بعد مشاهدة أول طبق طائر في أربعينيات القرن الماضي، طلبت وزارة الدفاع من صانع الأفلام والكاميرات، إيستمان كوداك، المساعدة في تطوير كاميرا يمكن حملها على الطائرات ومصممة خصيصاً لتصوير الأجسام المجهولة. في النهاية، تم التخلي عن البرنامج لأن التكنولوجيا لم تكن ملائمة تماماً للمهمة، حيث تبين أنه من الصعب تصميم مستشعر جديد يمكنه التعرف على الأجسام ذات الخصائص غير المألوفة. كان استخدام المستشعرات المتوفرة في ذلك الوقت مجدياً أكثر لمحاولة تمييز طبيعة الأجسام الغريبة.

لتحسين التغطية، يتمثل أحد الأساليب في توسيع نطاق المستشعرات لتشمل مجموعة متنوعة جديدة من الأجسام التي يمكن اعتبارها مثيرة للريبة. من المحتمل أن يكون ذلك، جزئياً على الأقل، وراء الاكتشاف الأخير لثلاثة أجسام أخرى حددتها الولايات المتحدة وكندا تم إسقاطها فوق الولايات المتحدة هذا الشهر.

اقرأ أيضاً: أضواء «أبو فانوس» الغامضة: استكشف العلم وراء هذه الظاهرة الساحرة في صحراء الربع الخالي

خلال الإحاطة نفسها في 13 فبراير/ شباط، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، إنه في ضوء برنامج المنطاد الصيني والاختراق الأخير للمجال الجوي الأميركي، فإن قيادة الدفاع الجوي الفضائي لأميركا الشمالية التابعة للولايات المتحدة وكندا “نوارد”، اتخذتا المزيد من الإجراءات مؤخراً لمراقبة المجال الجوي عن كثب، بما في ذلك تحسين قدرات الرادارات -كما قال قائد القيادة الشمالية وقيادة الدفاع الجوي الفضائي لأميركا الشمالية، الجنرال فانهيرك- ما قد يفسّر جزئياً زيادة الأجسام المكتشفة.

تتمثل إحدى طرق زيادة حساسية المستشعرات في توسيع نطاق الإشارات التي تم تصميم أنظمة الكشف، مثل الرادار، للتعرف عليها، حيث يتيح هذا التغيير تضمين الإشارات الإضافية التي كانت تُستبعد مسبقاً على أنها غير مهمة. هناك سبب وجيه لذلك في كثير من الأحيان. على سبيل المثال، عام 2015، عقد الكونغرس جلسات استماع للتحقيق في سبب عدم اكتشاف طائرة صغيرة (أوتوغايرو) يقودها ناشط أثناء هبوطها في الحديقة الشرقية لمبنى الكابيتول الأميركي.

قد تؤدي زيادة حساسية الرادار لتحسين قدرته على اكتشاف مثل هذه الطائرات الصغيرة إلى إصدار إنذارات كاذبة ناتجة عن أسراب الطيور أو السحب الماطرة المنخفضة. يعتمد ما يكتشفه الرادار على إشارات الراديو المنعكسة، ويتطلب التمييز بين التهديدات المحتملة والكاذبة إعطاء الأولوية للتهديدات المعروفة مثل الطائرات والصواريخ.

تطوير تكنولوجيا اكتشاف التهديدات المحتملة القادمة من وراء الأفق

قيادة الدفاع الجوي لأميركا الشمالية، “نوارد” اختصاراً، هي جهد مشترك بين الولايات المتحدة وكندا لرصد التهديدات المحتملة الآتية من وراء الأفق، مع التركيز بشكل خاص على منطقة القطب الشمالي ولكنه يرصد أيضاً نطاقاً واسعاً من المجال الجوي. تأسست نوارد في بدايات الحرب الباردة عام 1958 بهدف مراقبة المجال الجوي وحمايته من تهديد قاذفات القنابل النووية السوفيتية، ثم تم تحديثها لتشمل مجموعة متنوعة من التهديدات، بما في ذلك الصواريخ.

ارتبطت نوارد في التصور العام بتتبع مسار رحلة سانتا الخيالي كل عام في 24 ديسمبر/ كانون الأول، حيث كانت هذه الطريقة بمثابة حملة ترويجية ساعدت في تقديمها للجمهور في ضوء إيجابي لتهدئة مخاوفهم بشأن الحرب النووية. وفي أكتوبر/ تشرين الأول، رشحت خدمة المتنزهات الوطنية الأميركية محطة رادار نوارد السابقة، والتي تُعرف بخط الدفاع الأول للإنذار المبكر، لتكون معلماً وطنياً.

اقرأ أيضاً: وكالة ناسا تشكل فريق عمل لدراسة الظواهر الجوية المجهولة

اختبارات أمنية تجريها نوارد

كانت نوارد قد أجرت اختبارات أمنية للمجال الجوي للعاصمة واشنطن إبان حادثة طائرة الأوتوغايرو عام 2015، وكانت هي من اكتشف لاحقاً جسماً مجهولاً في المجال الجوي قبالة سواحل ألاسكا ونبهت الطائرات المقاتلة الأميركية إليه قبل أن يتم إسقاطه.

يقول كيربي: “لا توجد أجسام مجهولة نشطة الآن، ولكن فريق نوارد سيواصل مهمة مراقبة أجوائنا”. خلص البيت الأبيض إلى أن الأجسام الثلاثة التي تم اكتشافها بعد اكتشاف المنطاد الأول لا تشكل “تهديداً كامناً” للناس على الأرض لأنه تبين أنها لا تبث أي إشارات ولا تحمل طاقماً على متنها.

لم يستبعد كيربي احتمال أن تكون هذه الأجسام أدوات مراقبة، ولكن أشار إلى أنها لم تكن موجهة، حيث قال إن الرياح على ما يبدو قد دفعتها إلى هنا.

اقرأ أيضاً: “أومواموا” ليس دليلاً على الكائنات الفضائية التي نبحث عنها

مع الموجة الأخيرة لإسقاط أجسام مجهولة وزيادة حساسية المستشعرات، من المرجح أن نشهد المزيد مثل هذه الحوادث في المستقبل. إذا كان هناك تعمدٌ في ترك الرياح تحمل هذه الأجسام الطائرة إلى أجواء الولايات المتحدة، فقد تكون هناك بعض الأجسام التي تم إطلاقها قبل عمليات الإسقاطات الأخيرة لا تزال هائمة في الأجواء. بعد إسقاط المنطاد الكبير مؤخراً واحتمال فشل الغرض من الأجسام الأخرى المحمولة بالرياح، فمن المنطقي أن نتوقع توقف إطلاق مثل هذه الأجسام لأن الجهات التي كانت ترسلها على أمل عدم اكتشافها باتت تدرك الآن أن ذلك لم يعد ممكناً بعد تحسين قدرات أنظمة مراقبة الأجسام الجوية.