حكاية السجين الأمريكي الذي تغلب على أعقد المعضلات الرياضية

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عاش كريستوفر هيفنز ذو الأربعين عاماً حياة قاسية للغاية، ترك المدرسة مبكراً وأخذته سبل الحياة، فلم يتمكن من إيجاد عمل، وأصبح مدمناً على المخدرات، وهو يقضي منذ 9 سنوات عقوبةً مدتها 25 عاماً في سجن قرب سياتل وذلك لارتكابه جريمة قتل.

الحياة في زنزانة 

في السجن، تغيرت حياة هيفنز تماماً، اكتشف شغفه للرياضيات، وبدأ بتعليم نفسه أسس الرياضيات العالية، وذلك من خلال كتب كان يوصي عليها وتأتيه بصعوبة بسبب الرقابة المفروضة من إدارة السجن. كانت المهمة شاقة عليه، لا سيما وأن المسؤولين عن السجن طلبوا منه كي يوافقوا على ذلك أن يعلّم الرياضيات للسجناء الآخرين.

بعد مدة، لم يعد هيفنز يكتفي بما تعلمه من أساسيات الرياضيات العالية، وبدأ يتوق للمزيد. فأرسل رسالةً قصيرةً مكتوبةً بخط اليد إلى ناشرٍ في الرياضيات يطلب منه بعض أعداد المجلة المرموقة «Annals of Mathematics»  وقد ذكر في نص رسالته بأن الأرقام قد باتت مهمته في الحياة، وأنه قرر استغلال وقته في السجن من أجل العمل على تطوير الذات. كما تذمر أيضاً من عدم وجود أحد حوله يستطيع أن يناقش معه النظريات المُعقدة في الرياضيات!

أرسل محرر مؤسسة «Mathematica Science Publisher» رسالة هيفنز إلى زميلته مارتا سيروتي – أستاذ مساعد في هندسة المواد في جامعة ماك جيل في مونتريال، كندا- وبدورها أوصلت الرسالة إلى أبيها  أومبيرتو سيروتي؛ دكتور الرياضيات.

معضلة رياضية

على الرغم من كونه متشككاً في البداية، إلا أن سيروتي قرر إكراماً لابنته أن يعطي مسألةً للسجين ليحلها كي يختبر قدراته. وبالفعل، بعد فترة تلقى الحل، وعندما راجعه وجده صحيحاً.

قرر سيروتي تقديم عرضاً لهيفنز كي يساعده في حل معضلة رياضية قديمة كان يعمل عليها بنفسه منذ بعض الوقت. وهذه المعضلة في نظرية الأعداد، ويفيد حلها في إحراز تقدم في مجالات كعلم التشفير على سبيل المثال.
باستخدام الورقة والقلم فقط، تمكن هيفنز من إحراز تقدم مذهل فيها، وبعد أن ساعده سيروتي على صياغة عمله بطريقة رياضية صارمة، نشر الاثنان بعد عدة أشهر ما توصلا إليه في المجلة «Research in Number Theory».

نادي الرياضيات

تمكن هيفنز من خلال شغفه أن يشعل الحماسة للرياضيات في العديد من زملائه، دشنوا نادي خاص بالرياضيات في السجن، يعقد اجتماعات منتظمة، ويحتفل فيه كل عام بيوم «العدد باي»؛ الذي يصادف يوم 14 مارس/آذار من كل عام وحضر سيروتي في أحد المرات هذا الاحتفال تحت حراسة أمنية مشددة، وفوجئ بأن أحد السجناء يحفظ 461 رقماً من العدد باي عن ظهر قلب!.

ووفقاً لمارتا سيروتي التي أجرت عدة محادثات مع هيفنز، فهو ينوي قضاء سنواته المتبقية في السجن في تعلم مواضيع أخرى في الرياضيات، وهو يعتبر أن عمله في الرياضيات يمثل رد الدين الذي في رقبته للمجتمع. كما أنه ينوي أن يدرس الرياضيات بشكل أكاديمي بعد خروجه من السجن.