كيف تنظِّم ميزانيتك بشكل أسهل؟

يمكنك أن توفر نقودك بأساليب أكثر فعالية من هذا.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا شيء يضاهي الالتزام بميزانية محددة، فالأمر مملٌّ للغاية، ومن ذا الذي لديه الدافع الكافي لإدخال كل عملية شراء ضمن جدول خصوصاً مع إمكانية فعل أي شيء آخر أكثر تسلية؟ وتقديراً منا لهذه المسألة، جمعنا لك بعض الحيل الغريبة التي تحافظ على توازنك المالي، بدلاً من الاعتماد فقط على قوة إرادتك للتحكم في مصاريفك.

ومن المفيد أن نذكر -قبل كل شيء- أننا نتعامل مع الميزانية بشكل خاطئ، حيث تقول الصحافية كريستن وونج (مؤلفة كتاب “Get Money: Live the Life You Want, Not Just the Life You Can Afford“): ” يحاول البعض -في كثير من الأحيان- وضع الميزانية بدون هدف محدد، ويكتفون بوضعها لمجرد التخلص من هذا العمل الممل، ولكن ما لا يدركونه هو أن الميزانية تمثل عملية متواصلة”، وهذا يعني أن عليك مراجعة ميزانيتك بشكل منتظم، فلا تتعامل معها على أنها شيء يمكنك أن تنهيه ثم تتجاهله وتضعه جانباً لعدة أشهر.

وقد يؤدي هذا الجهد المتواصل إلى إصابتك بالإرهاق، ولهذا يجب أن تفكر في السبب الذي يدعوك إلى وضع الميزانية قبل أن تبدأ في العمل، تقول وونج: “لنفترض أن أصدقائك يرغبون في الذهاب إلى مطعم فاخر، وأنك تحاول أن تخفِّف من الإنفاق على المطاعم. من المرجح أنك ستستسلم وتذهب إلى المطعم إذا كان هدفك الوحيد على هذه الشاكلة: (أريد أن أكون شخصاً راشداً يتصرف بحسٍّ عالٍ من المسؤولية)، أما إذا وضعت نصب عينيك هدفاً محدداً ويحمل معنى أكثر واقعية، مثل: (أنا أحاول أن أوفِّر مبلغ ألف دولار من أجل رحلة إلى نيويورك)، فسوف تكون أكثر قدرة على رفض الإغراءات”. بمعنى آخر: يمكنك أن تحصل على الدافع لرفض الإنفاق على أشياء معينة عن طريق التركيز على الأشياء التي ترغب فعلاً في الإنفاق عليها.

ولكننا نعيش في عصر الاشتراكات الشهرية، وأمازون وأوبربيتس وآبل باي، ومن السهل للغاية أن نتجاوز حد الإنفاق بلمسة صغيرة على الشاشة، وبدون أن “نرى” النقود وهي تُصرف فعلياً. إليك إذن بضعة حِيَل حتى تتعامل مع مسألة الميزانية بشكل أفضل:

أجبر نفسك على الانتظار

من أفضل الطرق للالتزام بالميزانية هي: أن تتجنب الشراء العفوي والمتهور. فمن السهل للغاية أن تمسك بغرض ما في المتجر وتقول: “هذا يبدو رائعاً” وتشتريه دون أدنى تردد، ولهذا ابتكرت وونج ما تسميه “قاعدة 10/10”.

تقول وونج: “عندما أرغب في شراء شيء ما، أمضي 10 دقائق وأنا أفكر في الأمر”، وهذا هو العائق الأول، يجب أن تفكر فعلياً في مدى حاجتك إلى هذا الشيء. وبعد ذلك يأتي العائق الثاني، كما تقول وونج: “إذا أمضيتُ أكثر من 10 دقائق في التفكير فإني أنظر إلى السعر، فإذا كان 10 دولار أو أقل أشتريه، وإلا فإني أعيده إلى مكانه فوراً”. تقول وونج إنها تتجنب شراء الغرض في أغلب الأحيان، لأنها لا ترغب في هدر 10 دقائق وهي تفكر في الأمر، كما أنها تدرك أن مجرد تطبيق القاعدة يعني أن هذا الشراء عفوي ولا داعي له على الأرجح. وفي المناسبات القليلة التي تستسلم فيها فإنها لا تنفق أكثر من 10 دولارات، وهو ما لن يدمر الميزانية بالتأكيد.

أما التسوق على الإنترنت -خصوصاً في المواقع التي حفظتَ فيها معلومات بطاقتك الاعتمادية- فيجعل من الشراء المتهور أكثر تهوراً، ولكن يمكنك أن تطبق طريقة مماثلة لقاعدة 10/10 بإجبار نفسك على التوقف قليلاً قبل أن تنقر على زر الشراء.

وعلى سبيل المثال يوجد امتداد لمتصفح كروم باسم “أمازون كونتيمبليت Amazon Contemplate” يرغمك على الانتظار لمدة ثلاثين ثانية قبل دفع الحساب، مما يمنحك بعض الوقت للتفكير في مدى حاجتك إلى هذه الأشياء التي اشتريتها. قد لا تبدو نصف دقيقة فترة طويلة، ولكنها على الإنترنت أشبه بالعودة إلى أسلوب الاتصال باستخدام المودم (dial-up)، وقد تتفاجأ بسرعتك في الانتقال إلى فعل شيء آخر.

ويمكنك أيضاً أن تستخدم أسلوباً آخر للتأخير، وذلك بإلغاء معلومات بطاقاتك الاعتمادية من جميع مواقع التسوق على الإنترنت، فإذا كنت مضطراً إلى كتابة أرقام البطاقة في كل مرة تشتري فيها، فبإمكانك أيضاً أن تمضي هذا الوقت وأنت تفكر في هذا الشراء.

وتقترح وونج -إضافة إلى هذا- أن يتم كتابة هدف الإنفاق على قطعة من الورق وإلصاقها على الحاسوب، أو كتابتها على البطاقة الاعتمادية نفسها، وبهذا ترى الرقم في مواجهتك في كل مرة، مما قد يصيبك بالتردد قبل تأكيد عملية الشراء. ولكن لا تنسَ أن تغير لون الورقة اللاصقة كل أسبوع تقريباً، بحيث يبقى شكلها مميزاً بالنسبة للمنظر العام لديك.

قم بأتمتة مدخراتك

من أهم أهداف الميزانية هو توفير جزء من الدخل، وبأية طريقة ممكنة. تقول صديقة أحد محرري بوبساي إنها تضيف أية ورقة نقدية من فئة 5 دولار إلى مدخراتها بدلاً من إنفاقها، وقد تبدو هذه الطريقة اعتباطية وسخيفة بعض الشيء، ولكن هذا لا يهم طالما أنها تؤدي إلى زيادة مبلغ التوفير.

وتتبع وونج طريقة مماثلة مع بنك على الإنترنت باسم “كابيتال Qapital”، الذي أطلق تطبيقاً للهواتف الذكية لمساعدتك على التوفير من أجل أهدافك. تقول وونج: “عندما أتجنب عملية شراء متهور بنجاح، أضيف هذا المبلغ إلى حسابي في كابيتال، وبالتالي عندما أخرج مع زوجي لتناول العشاء وأقول له: (سنكون متعقِّلين ولن نطلب مشروباً) -وهو ما قد يوفِّر مبلغ 30 دولاراً في لوس أنجلوس- فهذا يعني أننا سنضيف مبلغ 30 دولاراً إلى حسابنا في كابيتال، ونستخدمه من أجل رحلة سياحية أو ما شابه”، وبهذا يتحول التوفير إلى لعبة، ويصبح أكثر جاذبية.

ويتضمن كابيتال أيضاً العديد من الميزات المؤتمتة، فيمكنك مثلاً أن تجعله يضيف مقداراً معيناً إلى مبلغ التوفير في كل مرة تنفق فيها مبلغاً من المال في مكان معين، تقول وونج: “أرغب في معاقبة نفسي كلما ذهبت إلى مطعم جاك إن ذا بوكس، وبالتالي أجعل التطبيق يوفر مبلغ 20 دولاراً. وبذلك تتحول وجبة المطعم التي يبلغ سعرها 10 دولارات -والتي أتناولها فقط بداعي الراحة- إلى فاتورة تساوي 30 دولاراً”. وبهذه الطريقة، إما أنك ستتجنب عملية الشراء بشكل كامل، وهو ما سيوفر بعض المال، أو أن تستسلم، وهو ما يضيف بعض المال إلى مبلغ التوفير، وبالتالي ستكون الرابح في الحالتين.

ومن ناحية أخرى تقول وونج إن من الواجب عليك ألا تبالغ في مسألة الأتمتة، فقد ترتدُّ سلباً عليك؛ وذلك لأنها تسمح لك بالإنفاق دون أن تنتبه، وعلى سبيل المثال فإن التطبيق “مينت Mint” يتيح تبويب مصاريفك بشكل آلي، ولكن حتى لو رغبت في ترك البرنامج يعمل وحده بينما تشغل نفسك بأشياء أخرى، فأنت ما زلت في حاجة إلى التحقق منه بانتظام للتأكد من وضعك، وإلا فلن تستفيد من الميزانية على الإطلاق.

ضع حدوداً نهائية للمصاريف

إذا لم تتمكن بعد كل هذا من السيطرة على مصاريفك، فقد تحتاج إلى اتخاذ إجراء أكثر صرامة وتوقف الإنفاق تماماً بعد حد معين.

وقد طوَّر ديف رامزي -الذي يعد من كبار المختصين في المجال المالي- ما أطلق عليه اسم: نظام المغلف. فبدلاً من استخدام جدول أو تطبيق لتتبع مصاريفك، يمكنك أن تضع الأوراق النقدية في مغلفات، مثلاً: 500 دولار للبقالة، 100 دولار لتسوُّق الملابس، وهكذا دواليك، مع تعديل المقادير حتى تناسب مصاريفك الشخصية، وعندما ينتهي المال من المغلف فهذا يعني انتهاء الإنفاق على هذه الفئة حتى الشهر المقبل.

تقول وونج: “ترغمك هذه الطريقة على الانتباه إلى مصاريفك؛ لأنها تثير فيك بشكل دائم ذلك الألم الذي يرافق دفع الأوراق المالية، وقد جربتُ جميع الحيل المعروفة، لكن إذا خرجتْ مصاريفك عن السيطرة، فليس هناك حل ناجع أكثر من استخدام الأوراق النقدية ببساطة”.

وبالطبع فإن الاقتصار على استخدام الأوراق النقدية يمثل مشكلة بالنسبة للتسوق عبر الإنترنت، ولكن يمكنك أن تطبِّق نظاماً مماثلاً لنظام المغلف باستخدام بطاقات مالية قابلة للتعبئة، يكفي فقط أن تخصص بطاقة لكل من فئات المصاريف، وتشحنها بالمبلغ المخصَّص شهرياً، وتكرِّر العملية في نهاية كل شهر. وتوجد بعض الخدمات الذكية العصرية -مثل “أكيمبو Akimbo”- لتولِّي مسألة تعبئة البطاقات بمساعدة تطبيق يقوم بتتبع مصاريفك.

ولا تنسَ أن استخدام هذه البطاقات سابقة الدفع يتطلب دفع بعض الأجور أيضاً، ولكن إذا ساعدتك على التحكم في مصاريفك، فقد تجد أن النتيجة الجيدة تستحق هذا الثمن الصغير على المدى البعيد.

ولا تنطبق هذه الحِيَل فقط على النشاطات الترفيهية مثل التسوق أو الذهاب إلى المطاعم، بل يجب أن تدقِّق في ميزانيتك وتلاحظ المسائل التي قد تبالغ في الإنفاق عليها، وقد تفاجئك النتائج.

حتى أن دراسة حديثة قد اكتشفت أننا غالباً ما ننفق بشكل متهور على المنتجات ذات الاستخدامات المفيدة، وذلك في محاولة منا أن نشعر بالسيطرة على محيطنا. ونظراً لضعف الشعور بالذنب عند شراء الأغراض المنزلية (حيث يسهل تصنيفها كحاجاتٍ بدلاً من رغبات)، فمن السهل أن نبالغ في الإنفاق عليها، ولكن من المهم أن نراقب جميع فئات الإنفاق بانتباه، بما في ذلك الضروريات، فصحيح أنك في حاجة إلى الطعام حتى تعيش، ولكن هذا لا يعني إنفاق كامل ميزانيتك على بقالة من نوعيات باهظة بدلاً من شراء أنواع معتدلة الأسعار.

لا داعي للصرامة الزائدة

أخيراً: لا تقسُ على نفسك، بل أتِح بعض المجال للخطأ، وتقترح وونج: “يمكنك أن تخصص ميزانية للشراء المتهور، فنحن بشر في نهاية المطاف، ولا بد أن تفشل قوة الإرادة لدينا ونستسلم لرغباتنا بين الحين والآخر، ولكن يمكنك حتى أن تخضع هذه الرغبات لحدود معينة كل شهر”. وإذا سمحت لنفسك ببعض التجاوز، فقد تتجنب الدخول في نوبة إنفاق جنونية تدمر ميزانيتك تماماً.