6 دروس يمكن للآباء تعلّمها من التعليم المنزلي أثناء جائحة كورونا

تعليم الاطفال في المنزل, ادوات تعليم الاطفال في المنزل التعليم المنزلي خلال كورونا
shutterstock.com/ Oksana Kuzmina
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

الآن وبعد أن عاد الأطفال في المملكة المتحدة؛ أصبح لدى الآباء الفرصة للتفكير الدروس المُستفادة من التعليم المنزلي أثناء الإغلاق، أو كما يحلو للبعض تسميته؛ التعليم أثناء الأزمات.

وفي هذا الصدد؛ أجرينا بحثاً جديداً ينظر في تجربة الآباء في التعليم المنزلي، والأشياء التي خففت أو زادت من إجهادهم، وذلك خلال الإغلاق الأول في إنغلترا. أكمل ما مجموعه 323 من الآباء استطلاعاً كمياً عبر الإنترنت في الفترة ما بين 1 مايو/ أيار و 24 يوليو/ تموز من عام 2020، ووجدنا أنه وبالرغم من أن معظم الآباء أبلغوا عن شعورهم بالتوتر؛ إلا أن بعضهم لجأ إلى آليات تكيفٍ فعالة؛ مما أدى إلى تحسين رفاههم. أفاد أولئك الذين كانوا أكثر توتراً أن تجربة تعليم أطفالهم في المنزل لم تكن سهلةً مطلقاً، وبأنهم شعروا بعدم اليقين بشأن كيفية القيام بذلك.

بالرغم من أن ظروف العام الماضي بدت استثنائيةً؛ إلا أن الضغوط المرتبطة بها أو الشعور بعدم اليقين بشأن التغلب عليها شائعةٌ عموماً. فيما يلي 6 نصائح عملية تدعم النتائج التي توصلنا إليها؛ والتي يمكن أن تكون مفيدة للآباء في المستقبل:

1. خطط مسبقاً

كان الإعداد والتخطيط إحدى آليات التأقلم الإيجابية التي أبلغ عنها أولياء الأمور في استطلاعنا؛ حيث أفادوا بأنها ساعدتهم كثيراً أثناء التعليم المنزلي في الإغلاق، ويتوافق ذلك مع الكثير من النصائح التي وجهها الإعلام للآباء المتوترين بشأن توقعهم بأن يأخذوا دور المعلم بشكلٍ مفاجئ خلال تلك الفترة.

يُظهر البحث أن التخطيط المسبق يمكن أن يساعد الجميع على الشعور بالسيطرة واكتساب الشعور باليقين الذي تشتد الحاجة إليه خلال الأوقات الصعبة، كما يساعد على تجنب الأحداث غير المتوقعة قدر الإمكان؛ والتي يمكن أن تسبب ضغطاً إضافياً.

ستكون هناك دائماً جوانب في حياتنا لا يمكننا التحكم فيها. وبهذا المعنى؛ قد تجد العائلات أنه من المفيد التخطيط للأسبوع المقبل في أيام الأحد مثلاً، وفي جميع الأوقات بغض النظر عن ظروف الجائحة. على سبيل المثال؛ التأكد من أن كلّ فردٍ في الأسرة يعرف ما سيحدث، والحرص على يكون لدى الأطفال كل ما يحتاجونه للمدرسة وأنهم على دراية بأنشطتهم خلال الأسبوع.

2. فكّر بشكل إبداعي

في دراستنا، أفاد الآباء الذين اعتبروا أنفسهم مبدعين بأنهم أقل توتراً وأكثر قدرةً على دعم احتياجات أطفالهم في التعليم المنزلي. في الواقع؛ نميل إلى التفكير في الشخص المبدع على أنه شخصٌ يجيد الفنون؛ لكن الإبداع يتعلق أيضاً بإيجاد الحلول للمشاكل اليومية.

لقد شجع المعلمون الآباء الذين يقومون بالتعليم المنزلي لأول مرة على إيجاد طرق بديلة لاستخدام المساحات المتاحة أو خلق مساحة للمرح، وهذه أمثلة على التفكير الإبداعي. يمكننا مثلاً الاعتماد على مقاربةٍ مماثلة يمكن أن تساعد عموماً في هذا الشأن، اسأل نفسك ما الذي يمكنك التحكم به، وما الذي يمكنك فعله بشكلٍ مختلف، وما هي الموارد التي تمتلكها؟

3.تعلّم من خلال التفكير

وجدنا أن الآباء الذين ينخرطون في التفكير الإيجابي يشعرون بتوتر أقل عندما يعلمون أطفالهم في المنزل، وقد أكّد البحث ذلك، فهناك دروس يمكن تعلمها من أي موقف، وأحياناً قد تتعلّم أكثر من المواقف السلبية.

أثناء الإغلاق؛ أكد المعلمون أنه من المهم للآباء أن يظلوا مرنين في نهجهم في التعليم المنزلي. قد يكون من المفيد الاستفادة في تجاربك الخاصة في معرفة ما الذي يصلح وما الذي لا يصلح، وما الذي ترغب في تغييره وما الذي ترغب في بقائه على حاله عندما تعود الأمور إلى طبيعتها.

وبالمثل؛ في عطلة نهاية الأسبوع، قد يكون من المنطقي كعائلة واحدة النظر في تجارب الأسبوع الفائت، والتفكير فيما يمكن تعلمه منها. سيساعد هذا الأطفال على التعرف على أنفسهم بشكل أفضل ويجمع أفراد الأسرة معاً.

4. فكّر في الانضباط

أفاد بعض الآباء الذين شاركوا في دراستنا -وتحديداً الآباء الذين تعرضوا لضغطٍ شديد أثناء الإغلاق- أنهم قاموا بتأديب أطفالهم بقسوة أكبر وبشكل متكرر أكثر من أولئك الذين كانوا أقل توتراً. في دراسةٍ أخرى أُجريت في ألمانيا شملت 562 عائلةً، طُلب من الوالدين كتابة يوميات مدتها 21 يوماً خلال فترة الإغلاق عام 2020، وقد وجدت أن إغلاق المدارس كان له تأثير سلبي بشكل عام على العلاقة بين الوالدين والطفل. كانت العلاقة أسوأ سواء قام الأطفال بتأدية واجباتهم كل يوم أو عندما لا يقومون بها مطلقاً. يشير ذلك إلى أنه، وبالرغم من صعوبة إيجاد توازنٍ بين العمل والمرح؛ من المفيد الحفاظ على علاقةٍ صحية مع الأطفال.

أدوات الرقابة الأبوية
shutterstock.com/ fizkes

في الواقع؛ من المعروف أنه عندما يتعرض الوالدين للضغوط، فإنهم يميلون إلى التصرف بقسوةٍ أكبر واستخدام أساليب تأديب أكثر صرامةً، وقد يُضطر بعضهم أحياناً إلى اللجوء إلى العقاب الجسدي أيضاً. يحدث ذلك غالباً لأننا عندما نشعر بالتوتر، نميل إلى فقدان السيطرة على مشاعرنا السلبية ونفقد صبرنا.

لذلك عندما تمر بوقتٍ صعب، حاول التفكير في كيفية تأديب أطفالك، وكيف ترى نفسك خلال هذا الوقت. فيما يتعلق بالتعامل مع السلوك الخاطئ، حاول أن تشرح لأطفالك وفكر معهم في كيفية التصرف بالطريقة الصحيحة في المرة القادمة. ندعو هذا الأسلوب بالاستدلال الاستقرائي، وعندما نكرر استعماله، فإنه يميل إلى أن يكون أكثر فعاليةً من التأديب العقابي.

5. تصرّف بحكمة

أفاد الآباء الذين شاركوا فيما سموه كارثة -الذين اعتبروا التعليم المنزلي تجربة سيئة وكيف بدا لهم أنه لا نهاية لها- أنهم شعروا بمزيد من التوتر عند تعليم أطفالهم في المنزل أكثر من أولئك الذين تصرفوا بشكلٍ صحيح.

في المواقف الصعبة؛ خاصةً تلك التي لا يمكننا التحكم فيها، قد نقع بسهولة في فخ الاعتقاد بأن هذه الظروف لن تنتهي، وذلك مثال آخر على آلية المواجهة غير الفعالة. من المهم أن نستمر في تذكير أنفسنا وحتى أطفالنا بأن هذه الظروف ستمر وتنتهي؛ سيساعدنا ذلك على الشعور بمزيد من الإيجابية والسيطرة.

6. اعتنِ بنفسك

A woman in red leggings does crunches on an exercise mat

أخيراً؛ وجدنا أن الآباء الذين عانوا من ضغوط شديدة، كانوا أقل قدرةً على التعامل مع متطلبات التعليم المنزلي مقارنةً بالآباء الذين لم يكونوا كذلك. ربما تكون هذه القاعدة الأهم في التربية؛ لكننا غالباً ما ننساها. لا يمكننا الاعتناء بالآخرين إلا إذا شعرنا بالراحة والقوة.

كما أشار علماء النفس عندما بدأ التعليم المنزلي أثناء الإغلاق أنه من المهم إيجاد طرق للتعامل مع ضغوطنا الناجمة عن ذلك. يمكنك اتباع بعض الأساليب للتخفيف من توترك، ويمكنك استخدامها في جميع الظروف بخلاف وقت الإغلاق أيضاً. على سبيل المثال؛ خصص لنفسك وقتاً كل يوم، حتى لو كان 30 دقيقة فقط، اخرج في نزهة أو استحم، تحدث إلى صديق أو خذ قيلولةً سريعة. من شأن بعض هذه الأنشطة تحسين صحتك.

في الواقع؛ يتعلّم الأطفال من خلال تقليد سلوك آبائهم، وهذا ما ندعوه النمذجة، لذلك دعونا نكن لهم القدوة ونقيّم ما يمكننا تعلمه من تجربة التعليم المنزلي أثناء الوباء. يمكننا تعليم الأطفال استخدام آليات التأقلم الإيجابية، ومواجهة المشكلات بطريقة إبداعية، والنظر إلى المستقبل بتفاؤل. ومن خلال القيام بذلك؛ سنمنحهم الأدوات اللازمة لمواجهة المشاكل الأخرى التي قد تواجههم لاحقاً في حياتهم.