دليل الوالدين لتنمية مهارات الأطفال الاجتماعية

المهارات الاجتماعية للأطفال
حقوق الصورة: أولغا بوغاتيرنكو/ شترستوك.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تسمح المهارات الاجتماعية للأطفال بالاستمتاع بعلاقات أفضل مع أقرانهم، لكن فوائد المهارات الاجتماعية القوية تصل إلى ما هو أبعد من القبول الاجتماعي. من المرجح أن يحصل الأطفال ذوي المهارات الاجتماعية الأفضل على فوائد فورية. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن المهارات الاجتماعية الجيدة قد تقلل من التوتر لدى الأطفال الموجودين في أماكن الرعاية النهارية، مثل المدرسة. كما لاحظ الباحثون انخفاض هرمون الكورتيزول لدى الأطفال؛ وهو هرمون يتم إطلاقه خلال المواقف العصيبة، بمجرد تعلمهم مهارات اجتماعية جديدة.

المهارات الاجتماعية هي مجموعة من المهارات التي تحتاج إلى صقل مستمر مع تقدم أطفالك في السن. إنها ليست شيئاً يمتلكه طفلك أو لا يمتلكه، فهذا النوع من المهارات يمكن تعلمه وتعزيزه بالجهد والممارسة.

فوائد تحسين المهارات الاجتماعية للأطفال

تمنح المهارات الاجتماعية الأطفال مجموعة واسعة من الفوائد، ترتبط بتحقيق نجاح أكبر في المدرسة وعلاقات أفضل مع الأقران. من هذه الفوائد:

نتائج تعليمية ومهنية أفضل

وجد باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا ودوك أن الأطفال الذين كانوا أفضل في المشاركة والاستماع والتعاون واتباع القواعد في سن الخامسة كان احتمال التحاقهم بالجامعة أكبر، وكان من المرجح أيضاً أن يحصلوا على عملٍ بدوام كامل بحلول سن 25 عاماً.

نجاح أفضل في الحياة

يمكن للمهارات الاجتماعية الجيدة أيضاً أن تساعد الأطفال في الحصول على مستقبل أكثر إشراقاً، فوفقاً لدراسة نشرت في المجلة الأميركية للصحة العامة، فإن المهارات الاجتماعية والعاطفية للطفل في رياض الأطفال قد تكون أكبر مؤشر على النجاح في مرحلة البلوغ.

صداقات أقوى

من المرجح أن يحظى الأطفال الذين لديهم مهارات اجتماعية قوية ويمكنهم الانسجام مع أقرانهم بفرص أكبر لتكوين صداقات بسهولة أكبر. في الواقع، تشير دراسة نشرت في “الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية والسلوكية” إلى أن صداقات الطفولة مفيدة للصحة العقلية للأطفال. كما تمنح الصداقات بدورها الأطفال فرصاً لممارسة مهارات اجتماعية أكثر تقدماً؛ مثل حل المشكلات وحل النزاعات.

اقرأ أيضا:

العواقب المحتملة لضعف المهارات الاجتماعية للأطفال

الأطفال الذين يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية والعاطفية أكثر عرضة لما يلي:

  • الاعتماد على المساعدة المقدّمة من قبل أهاليهم والمسؤولين في مدارسهم.
  • احتمال أعلى للوقوع بمشاكل قانونية.
  • قضايا تعاطي المخدرات في المستقبل.
  • مشاكل في العلاقات الاجتماعية مستقبلاً.

من المحتمل أيضاً أن يؤدي عدم امتلاك المهارات الاجتماعية للتفاعل مع الآخرين إلى زيادة المشاكل. على سبيل المثال، الابتعاد عن الأسرة يسبب توتراً لدى الأطفال غير قادرين على التعبير عنه، وعندما يكونون غير قادرين على التواصل بشكل فعال مع الآخرين، فإن الأمر يزداد سوءاً.

الخبر السار هو أنه يمكن تعزيز المهارات الاجتماعية للأطفال، وليس من السابق لأوانه أبداً البدء في تعليم الأطفال كيفية الانسجام مع الآخرين، ولم يفت الأوان بعد لصقل مهاراتهم أيضاً. ابدأ بالمهارات الاجتماعية الأساسية أولاً واستمر في شحذ مهارات طفلك بمرور الوقت. فيما يلي أهم المهارات الاجتماعية التي يجدر بك تعليمها لطفلك.

اقرأ أيضاً: المشكلات السلوكية عند الأطفال: أسبابها وعلاجها 

أهم المهارات الاجتماعية للأطفال

1- مشاركة الآخرين

يمكن للرغبة في مشاركة وجبة خفيفة أو مشاركة لعبة ما أن تقطع شوطاً طويلاً في مساعدة الأطفال على تكوين صداقات والاحتفاظ بها. وفقاً لدراسةٍ نُشرت في دورية “العلم النفسي” (Psychological Science)، قد يُظهر الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين رغبة في المشاركة مع الآخرين، ولكن عادةً فقط عندما تكون مواردهم وفيرة.

ومع ذلك، فإن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وستة أعوام غالباً ما يكونون أنانيين عندما يتعلق الأمر بمشاركة الموارد التي تأتي بتكلفة عالية بالنسبة لهم، فقد يحجم الأطفال عن مشاركة نصف قطع الحلوى الخاصة بهم مع صديق لأن هذا يعني أنه سيكون لديهم قدرٌ أقل من الاستمتاع. لكن قد يشارك هؤلاء الأطفال أنفسهم لعبة لم يعودوا مهتمين باللعب بها.

أما في سن السابعة أو الثامنة، يصبح الأطفال أكثر اهتماماً بمفهوم العدالة، ويكونون أكثر استعداداً للمشاركة. وغالباً ما تصبح المشاركة مع الآخرين أكثر قدرةً على جعلهم يشعرون بالرضا عن أنفسهم، لذا، قد يساعد تعليم الأطفال المشاركة في تعزيز احترامهم لذاتهم.

وبينما قد لا ترغب في إجبار طفلك على مشاركة ألعاب معينة مع أطفال معينين، يمكنك أن تشير له إلى فوائد المشاركة وتبيّنها عندما تراها دوماً، وامدح طفلك على المشاركة ووضح كيف تُشعر الآخرين. قل شيئاً مثل: “اخترت مشاركة وجبتك مع أختك. لا بدّ أنها تشعر بالسعادة حيال ذلك. لقد قمت بشيءٍ جميل”.

2- التعاون

التعاون يعني العمل معاً لتحقيق هدف مشترك، ومهارات التعاون الجيد ضرورية لتوافق الأفراد بين بعضهم بعضاً بنجاح داخل المجتمع. سيحتاج طفلك إلى التعاون مع زملائه في الملعب وكذلك في الفصول الدراسية. التعاون مهم للبالغين أيضاً. إذ تزدهر معظم بيئات العمل بناءً على قدرة الموظفين على العمل معاً كفريقٍ واحد، والتعاون هو المفتاح في العلاقات الرومانسية أيضاً.

بحلول سن الثالثة والنصف تقريباً، يمكن للأطفال الصغار البدء في العمل مع أقرانهم على هدفٍ مشترك. وبالنسبة للأطفال، قد يشمل التعاون أي شيء من بناء لعبة تطبيقية معاً إلى ممارسة لعبة تتطلب مشاركة الجميع. وقد يتخذ البعض أدواراً قيادية بينما يشعر الآخرون براحة أكبر في اتباع التعليمات. لكن في كلتا الحالتين، التعاون هو فرصة عظيمة للأطفال لمعرفة المزيد عن أنفسهم.

تحدث عن أهمية العمل الجماعي وكيف تكون النتائج أفضل عندما يشارك الجميع، واخلق فرصاً لجميع أفراد الأسرة للعمل معاً. سواء أكنت تقوم بتعيين مهمة معينة لكل فرد عند إعداد وجبة أو تقسيم المهام المنزلية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من نشاط أي أسرة، عليك دوماً التأكيد على أهمية التعاون.

اقرأ أيضاً: أهمية مشاركة الأطفال في أعمال المنزل: كيف تشجعهم على البدء؟

3- الإصغاء للآخرين

لا يقتصر الإصغاء على التزام الصمت عندما يتكلم الآخرون فحسب، بل يعني استيعاب ما يقولونه حقاً. الإنصات للآخرين هو عنصر حاسم في عملية التواصل الصحي أيضاً. وعلاوةً على ذلك، يعتمد قدر كبير من التعلم في المدرسة على قدرة الطفل على الإنصات إلى ما يقوله المعلم.

يصبح استيعاب المواد وتدوين الملاحظات والتفكير فيما يقال أكثر أهمية مع تقدم طفلك أكاديمياً، لذا، فإن إعطاء طفلك الكثير من الفرص لممارسة الإنصات يمكن أن يقوي هذه المهارة. من الضروري أن يكبر طفلك وهو يعرف كيفية الاستماع إلى مديره وشريك حياته والأصدقاء، وقد تكون هذه المهارة أكثر صعوبةً في إتقانها في عصر الأجهزة الرقمية؛ لأن الكثير من الناس يميلون إلى التحديق في هواتفهم الذكية عند انخراطهم في محادثة.

عند قراءة كتاب لأطفالك، توقف بشكلٍ دوري واطلب منهم إخبارك بما تقرأه، أو اسألهم عن تفسيرهم الشخصي وراء حدثٍ أو عبارةٍ ما مرّت مؤخراً. وساعدهم في سد أي فجوات مفقودة لديهم حيال القصة وشجعهم على الاستمرار في الاستماع بينما تستمر في القراءة، ولا تسمح لهم بمقاطعتك، أو الآخرين، أثناء الحديث.

4- اتباع التعليمات

من المرجح أن يواجه الأطفال الذين يعانون من صعوبةٍ في اتباع التعليمات مجموعةً متنوعةً من العواقب، من الاضطرار إلى إعادة مهام واجباتهم المدرسية إلى الوقوع في مشاكل سوء السلوك. لذا، يمكن أن يكون عدم اتباع التوجيهات مشكلةً كبيرةً أثناء الطفولة ولاحقاً.

سواءً كنت ترشد أطفالك إلى تنظيف غرفهم أو تخبرهم بكيفية تحسين مهاراتهم في كرة القدم، فمن المهم للأطفال أن يكونوا قادرين على الاستجابة للتوجيهات واتباع التعليمات. وقبل أن تتوقع أن يصبح طفلك جيداً في اتباع التوجيهات، من الضروري أن تصبح على درايةٍ جيدةٍ بإعطاء التوجيهات. بعض الأخطاء التي يجب تجنبها في العملية:

  • لا تعطِ الطفل الصغير أكثر من توجيهٍ واحد في كل مرة، فبدلاً من أن تقول: “التقط حذائك، ضع كتبك بعيداً، واغسل يديك”، انتظر حتى يتم التقاط الحذاء قبل إعطاء الأمر التالي.
  • لا تصُغ توجيهاتك كسؤال، فلا تقل: “هل يمكنك أن تضع ألعابك جانباً الآن؟”، هذا يعني أن أطفالك لديهم خيار قول لا. بمجرد إعطاء التوجيهات لأطفالك، اطلب منهم إعادة ما قلته. اسأل: “ماذا يفترض أن تفعل الآن؟” وانتظر منهم أن يشرحوا لك ما سمعوه.
  • لا تنسَ أن الأخطاء أمر طبيعي. من الطبيعي أن يتشتّت انتباه الأطفال الصغار، أو أن يتصرفوا باندفاع، أو أن ينسوا ما يفترض بهم فعله. انظر إلى كل خطأ على أنه فرصة لمساعدتهم على صقل مهاراتهم.

امدح طفلك لاتباعه للتوجيهات بقول أشياء مثل: “شكراً لك على إيقاف تشغيل التلفزيون في المرة الأولى التي أخبرتك فيها بذلك”، أما إذا كان أطفالك يعانون من صعوبةٍ في اتباع الإرشادات، فامنحهم فرصاً لممارسة اتباع الأوامر البسيطة، مثل قولك: “من فضلك أعطني هذا الكتاب” ثم امدح فوراً اتّبعاهم تلك التوجيهات، ومن ثم ارفع من صعوبتها وتعقيدها تدريجياً.

5- احترام المساحة الشخصية

بعض الأطفال يفضلون أن يكونوا بقرب الذين يتحدثون معهم، بينما يزحف آخرون إلى أحضان من هم حولهم دون أدنى فكرة عن شعور الفرد الآخر بعدم الارتياح. من المهم تعليم الأطفال كيفية احترام المساحة الشخصية للآخرين.

ضع قواعد منزلية تشجع الأطفال على احترام المساحة الشخصية للآخرين، مثل “اطرق على الأبواب المغلقة” و”لا تمدّ يدك على الآخرين”، وما هذه إلا أمثلة قليلة.

علم أطفالك أن يقفوا على مسافة ذراع من الناس عندما يتحدثون. وعند الوقوف في صف، تحدث عن مدى القرب المسموح به من الشخص الذي يقف أمامهم، وتحدث عن إبقاء أيديهم على أنفسهم. يمكنك لعب الأدوار في سيناريوهات مختلفة لمساعدتهم على التدرب على وصف المساحة الشخصية المناسبة.

6- التواصل البصري

يعتبر الاتصال الجيد بالعين جزءاً مهماً من التواصل لدى الصغار والكبار سواسية، ويكافح بعض الأطفال للنظر إلى الشخص الذي يتحدثون إليه. سواءً كان طفلك خجولاً ويفضل التحديق على الأرض أو ببساطة لا ينظر لأعلى عند الانغماس في نشاطٍ آخر، أكد على أهمية التواصل الجيد بالعين.

إذا كان طفلك يعاني من التواصل البصري، فقدم تذكيراً سريعاً بالأمر. اسأل بلهجةٍ لطيفة: “أين يجب أن تتجه عيناك عندما يتحدث إليك شخصٌ ما؟” واحرص على اللطف، فأنت لا تريد أن تسبب قلقاً إضافياً لطفلٍ خجول. وامتدح طفلك عندما يتذكر أن ينظر إلى الناس عندما يتحدثون.

يمكنك حتى أن تُظهر لأطفالك شعور إجراء محادثة مع شخص لا يقوم بالتواصل البصري.اطلب منهم مشاركة قصة وأنت تحدّق في الأرض أو تغلق عينيك أو تنظر في كل مكانٍ باستثنائهم، وسيختبرون بأنفسهم أهمية ذلك، ومن ثم ادعوهم لرواية قصة أخرى لكن مع إجرائك اتصالٍ بالعين أثناء حديثهم. بعد ذلك، ناقشهم حول كيفية شعورهم في كل سيناريو.

7- اللباقة والأدب

إن قول “من فضلك” و”شكراً” واتّباع آداب المائدة يمكن أن يقطع شوطاً طويلاً نحو مساعدة طفلك على جذب الانتباه للآداب الصحيحة وترسيخها، كما سيحترم المعلمون والآباء الآخرون والأطفال الآخرون الطفل حسن السلوك.

بالطبع، قد يبدو تعليم الأخلاق وكأنه معركة شاقّة في بعض الأحيان، فبعض الأطفال يتصرفون بأفعالٍ تبدو شائنة؛ مثل التجشؤ بصوت عالٍ على الطاولة إلى نكران الجميل. لكن ومع ذلك، من المهم للأطفال أن يعرفوا كيف يكونوا مهذبين ومحترمين، لا سيما عندما يكونون في منازل الآخرين أو في المدرسة. وهنا تأتي مهمتك في تعليمهم ذلك.

كن قدوةً جيدة في الأخلاق الخاصة بك. هذا يعني أن تقول “لا، شكراً” و”نعم، من فضلك” بلطف وبشكلٍ منتظم. وتأكد من إظهار أخلاقك عندما تتفاعل مع أشخاص آخرين. وقدّم تذكيراتٍ عندما ينسى أطفالك إظهار الأخلاق، وامدحهم عندما ترى منهم أفعالاً مهذبة.

وفي الختام، إذا بدا أن طفلك يعاني من صعوبةٍ في اكتساب المهارات الاجتماعية أكثر من الأطفال الآخرين، فتحدث إلى طبيب الأطفال الخاص بك. وفي حين أن الأمر قد يتطلب القليل من التعزيز والجهد الإضافي للحاق بالركب، إلا أن الافتقار إلى المهارات الاجتماعية يمكن أن يكون أيضاً علامةً على مشاكل أخرى.

الأطفال الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو التوحد قد يكونون متأخرين اجتماعياً، ويمكن للطبيب حينها تقييم حالة طفلك وتحديد ما إذا كان العلاج ضرورياً لتحسين المهارات الاجتماعية.